قبل أشهر، بدأت مواقع التواصل الاجتماعي ببث مقاطع غنائية لفنانين بأصوات آخرين، من خلال تقنية الذكاء الاصطناعي التي تشغل العالم.
آخر إبداعات هذه التقنية، إعلان عمرو مصطفى عن لحن خصصه للمطربة الراحلة أم كلثوم، معتمداً تقنية الذكاء الاصطناعي لوضع صوتها على هذا اللحن، ونستمع إلى مقطع صغير جداً من هذه الأغنية. الأمر لم يقف عند حدود أمنية لملحن عُرف بأعماله الإيقاعية السريعة (بعضها مستنسخ عن الموسيقى الغربية)، بل دفع صاحب شركة عالم الفن، محسن جابر، إلى التلويح بمقاضاة مصطفى في حال نفذ الخطوة، وأصدر أغنية جديدة بصوت السيدة أم كلثوم.
رد عمرو مصطفى، جاء كسؤال وجهه للمنتج جابر، حول كيفية قبوله بأن تظهر السيدة أم كلثوم عبر تقنية "هولوغرام"؟ وهل هذا مسموح؟ أما غنائها للحن جديد فممنوع؟
وشكل هذا الرد تفاعلاً طبيعياً من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فندد بعضهم بخطوة عمرو مصطفى، وأبدى آخرون تفهمهم لخوف المنتج جابر، طالباً إعطاء المجال للملحن الشاب للحكم النهائي على الأغنية، التي يشدد مصطفى أنها ستصدر لا محال.
ليس عمرو مصطفى الوحيد الذي أعلن عن لحن بصوت فنانة راحلة. يعمد متابعون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى بث أغنيات تعتمد على تقنية "الذكاء الاصطناعي"، ومنهم ما ظهر قبل يومين من ديو جمع بين الفنان الراحل عبد الحليم حافظ والمغني عمرو دياب. لكن الديو بينهما ظهر خفيفاً، بصوت متقطع، ولم يكن صوت عبد الحليم حافظ واضحاً.
يؤكد خبراء في القانون أنه يحق لمحسن جابر رفع دعاوى قضائية في حال وجد من "يشوه" صورة فنان. وهذا بالطبع ما سعت إليه شركة عالم الفن، من خلال محاربتها الأصوات التي تغني لـ"عمالقة" الغناء الذين تملك حقوقهم الفنية. وفعلاً، أقامت "عالم الفن" دعاوى قضائية ضد استغلال المحتوى الفني من موسيقى وصوت لبعض المغنين والمغنيات الذين تحتكر الشركة أعمالهم، وتستحوذ على حقوقها. وبلغت حدود الدعاوى لإجبار هؤلاء على دفع مبالغ مالية كبيرة، والتعهد بعدم التعرض لهذه الإنتاجات أو نشرها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام.
وعن هذه التجربة، كتبت الممثلة ماغي بو غصن تغريدة تساءلت فيها: "تمت استعارة أصوات فنانين، عبر تقنية الذكاء الاصطناعي، للغناء، مطابقة أصواتهم بدرجة كبيرة… طيب يعني ممكن استعارة أي صوت لتركيب جملة أو حديث كامل غير حقيقي، قديش هالموضوع رح يخلق بلبلة ومشاكل؟ يعني ما بقا نصدق أي شي منسمعه إلا صوت وصورة وشخصياً من أي حدا".
عند متابعة التعليقات، والمقابلات التي أجراها كثير من النقاد، نجد أنّ هناك مخاوف لا تتعلّق بمسألة الحقوق، وإنما بتقديس رموز فنية، يُمنع المساس بها. ماذا لو وضعنا لحناً على صوت مغنّ أو مغنّية لا يهتم بهما أحد؟ هل سيثير الأمر ضجيجاً؟
من الواضح أن هذه القضية، ومع ارتفاع منسوب الكلام عن الذكاء الاصطناعي، ستتخذ في السنوات القادمة أبعاداً مصيرية في طريقة تعاون الناس في ما بينهم، ولا سيما في تجارب غنائية وفنية، فيما يعمل آخرون على تشريع هذه التقنيات من خلال موافقة صاحب الشأن على تقليده أو الغناء له.