كثرت في الآونة الأخيرة حوادث "غزو" الحيوانات البرية للتجمّعات الحضرية. الدببة تدخل البيوت، والنمور تقفز في الحدائق العامة. يشير العلماء إلى أن للاحتباس الحراري وتدمير البيئة واختلال النظام الغذائي البيئي دوراً في هجرة الحيوانات من مواطنها الأصلية. ليس هذا فقط، بل إنّ بعض سلوكيات الحيوانات قد تغيَّرت وتطورت واكتسبت أنماطاً جديدة مفاجئة. وهذا ما كشفه فيديو غريب في الولايات المتحدة الأميركية لغزال اقتحم متجراً لبيع اللحوم.
عبّرت مالكة لمتجر بيع اللحوم في ولاية مينيسوتا الأميركية أخيراً عن دهشها وخوفها من اقتحام غزالٍ لمتجرها وتحطيمه لواجهته الزجاجية بالكامل، في حدث سلط الضوء على تنامي ظهور أنواع "متوحشة" من الغزلان في الولايات المتحدة، إذ قالت: "لست متأكدة مَن كان خائفاً أكثر، أنا أم الغزال؟". ونشرت مالكة المتجر، ميليسا إيفانز، عبر حسابها في موقع فيسبوك تسجيلاً للحظة اقتحام المتجر وتحطيم واجهته. التقطت كاميرا المراقبة المشهد الذي يظهر فيه الغزال في حالة اندفاع شديد نحو الواجهة الزجاجية التي تهشمت بالكامل، ليستلقي أرضاً متشنجاً، ثم يعود إلى الواجهة نفسها ويخرج منها ركضاً.
لحسن حظها، كانت ميليسا إيفانز وابنتها في مخزن المتجر لحظة الاقتحام. ولما انتبهت إلى صوت تكسّر الزجاج، كان الغزال قد غادر المكان، لكن بعدما أحدث فجوة في أحد جدران المتجر، وأتلف بعض النباتات المحيطة به. وفي منشورها على "فيسبوك"، علقت صاحبة المتجر على التسجيل المرئي، بقولها: "كانت محنة حقاً. تجربة مرعبة جداً. بخلاف الواجهة المحطمة وفجوة في الجدار وبعض النباتات التالفة، كل شيء سالم، وأنا ممتنة لذلك". صاحبة متجر اللحوم ممتنة، "لأن الأمر كان من الممكن أن يكون أسوأ بكثير"، حسب تعبيرها، ليس فقط على مستوى الأضرار المادية، بل باحتمال إلحاق أذى خطير بها أو بابنتها أو بأي من زبائن المتجر.
سلطت واقعة اقتحام متجر اللحوم الضوء على ما اكتشفه فريق من علماء جامعة تكساس عام 2017، وهو نشر أول صورة فوتوغرافية تُظهر غزالاً يأكل اللحم، وذلك خلافاً لسلوك الغزال المعروف بأنه يأكل العشب فقط، وسط جدل علمي في "تحوُّل" جرى في الطبيعة المعروفة لهذه الحيوانات في الولايات المتحدة. وتأكد علماء الفريق، بقيادة البروفيسور دانيال سكوت، من هذا التحول، عبر تجربة وضعوا فيها جثة بشرية في منطقة غابات لمراقبة سلوك الغزلان حيال تناول اللحم البشري. وتوقعوا أن يرصدوا ثعالب أو ذئاباً أو حيوانات أخرى مفترسة تقترب من الجثة لأكل لحمها، لكنهم تفاجأوا بغزال يأكلها، حسبما أوردت صحيفة ديلي ميل البريطانية. ونشر العلماء بحثهم برعاية مؤسسة FARF للطب الشرعي الأنثروبولوجي في مدينة سان ماركوس، وسط تحذيرات من أن "الغزلان ليست نوعاً واحداً" كما يظن كثير من الناس.
لكن اكتشاف ظاهرة الغزلان المتوحشة ونشر فيديو متجر اللحوم لم يثيرا حالة من الهلع بين المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي بقدر ما أثارا سلسلة من التعليقات الساخرة، سواء عن الغزال أو عن صاحبة المتجر. انتقد أحد المعلقين حالة "الفوضى" التي يكشفها الفيديو حول المتجر، وعدم وجود سياج حماية له، واقترح آخر على صاحبته تغيير شعار متجرها إلى "لحومنا جيدة لدرجة أن مصدرها يسلم نفسه بنفسه". نمط آخر من التعليقات أظهر تعاطفاً مع صاحبة المتجر التي تكبدت خسائر مادية كبيرة، أو مع الغزال "المسكين" الذي أثارته رائحة اللحم. لكن بعض المتذاكين تجاوزوا التعاطف، لسؤال ميليسا إيفانز عن المبلغ الذي ستحصل عليه من شركة التأمين تعويضاً عن خسائر اقتحام الغزال المتوحش للمتجر. تعليق واحد خرج من صندوق التعاطف والسخرية، مظهراً إعجابه الشديد بسلوك الغزال: "أنا مندهش من تمكنه من العثور على الباب للعودة إلى الخارج".
في السياق نفسه، فرّت أنثى فهد من النوع المرقط، تزن 11.3 كيلوغراماً، من قفصها في حديقة حيوان دالاس أول من أمس الجمعة، ما دفع المسؤولين إلى إغلاق الحديقة وإعلان "حالة طوارئ"، على الرغم من تأكيدهم لسكان المناطق المجاورة أنها لا تمثل خطراً. وقال نائب رئيس حديقة الحيوان لرعاية الحيوانات والحفاظ عليها، هاريسون إيديل، للصحافيين: "إنها لا تشكل خطراً على البشر". وأضاف أنه ليس من المعلوم تحديداً متى هربت أنثى الفهد، لكن يبدو أنها فرت من خلال قطع في السياج الذي يحيط بالقفص. وشدد قائلاً: "لا نريد من أي شخص محاولة الإمساك بها. فهي ليست قطة منزلية، لا تزال حيواناً برياً".