العناكب تُحاصر في شبكة أكاذيب

11 سبتمبر 2022
تعتمد الأخبار حول العناكب على الإثارة (يونيفرسال إيمدجز/ Getty)
+ الخط -

حين تخبر الباحثة في علم العناكب في جامعة ماكغِل، كاثرين سكوت، الناس عن عملها، يذكرون أمامها غالباً قصصاً عن تعرّضهم لـ"عضة عنكبوت". تؤكد سكوت أنه في حال لم ير الشخص عنكبوتاً قريباً منه، أو على جسده، فمن المحتمل أن اللدغة لها سبب آخر. هناك أكثر من 50 ألف نوع معروف من العناكب في العالم، والقليل منها فقط يؤذي البشر. وتقول سكوت: "حتى الأطباء لا يملكون دائماً المعلومات الأفضل، ويخطئون غالباً في تشخيص اللدغات".

واتضح أن هذه المخاوف وسوء الفهم لهذه الكائنات ينعكس في الأخبار. في الآونة الأخيرة، جمع أكثر من 60 باحثاً من أنحاء العالم كافة، بينهم سكوت، 5348 قصة إخبارية حول لدغات العنكبوت، نُشرت على شبكة الإنترنت من عام 2010 حتى عام 2020، من 81 دولة، بـ40 لغة. قرأوا كل قصة، ليدققوا في وجود أخطاء في الوقائع أو لغة مشحونة عاطفياً. 43 في المائة من المقالات صنفوها على أنها "مثيرة"، و47 في المائة منها تشوبها أخطاء في الحقائق.

كشفت هذه النتائج التي نشرت الشهر الماضي، في مجلة كارنت بيولوجي، عن شبكة واسعة ومترابطة من المعلومات المضللة. انتشرت هذه الأخبار في أنحاء العالم كافة خلال أيام، من الهند إلى الصين إلى بولندا والأرجنتين والولايات المتحدة. يبدأ تفشي الأخبار غالباً على المستوى الإقليمي، قبل أن تضخمها المنافذ الإخبارية الوطنية والدولية.

وفقاً لعلماء المعلومات المضللة، هذه سمة مميزة للمعلومات المضللة الحديثة: تضخيم الأخطاء الصغيرة التي تدعم سرداً معيناً. وهي موجودة في الأخبار حول العناكب، كما في تلك التي تتناول مواضيع سياسية.

ويوضح عالم البيئة في المجلس الوطني للبحوث في إيطاليا الذي قاد الدراسة، ستيفانو مامولا، أنه "حتى حدث محلي جداً، مثل تعرض مزارع في قرية صغيرة في أستراليا للدغ، يمكن أن يتحول بسرعة إلى مقال إخباري تنشره الصحف حول العالم". ويضيف: "أعتقد أن هذا الأمر يعكس قوة الأساطير وافتتان الناس بالعناكب، وهي ممزوجة دائماً بالخوف، لعدم حصولهم على معلومات وافية".

لقياس مدى إثارة القصة المنشورة، بحثت المجموعة عن الاستخدام المتكرر للكلمات العاطفية، بما في ذلك "الشيطان" و"القاتل" و"السيئ" و"الكابوس" و"الرعب"، ثم قاموا بحساب الأخطاء. كثير من النتائج لم تصدم الباحثين الذين اعتادوا على هذا النوع من الأخبار حول العناكب. ومع ذلك، ظهرت نتائج مفاجئة في تفاصيل تحليل المجموعة. اختلفت تغطية العناكب على نطاق واسع باختلاف البلد، إذ اعتبرت أخبار العنكبوت في المكسيك مثيرة تماماً تقريباً، بينما صادق العلماء على كل أخبار العنكبوت في فنلندا. في الولايات المتحدة، كانت تغطية العنكبوت مختلطة، فالمنشورات التي لها جمهور دولي أو وطني كانت أكثر ميلاً للأخبار المثيرة حول العناكب من تلك الإقليمية. لم يكن هناك تفسير واضح لهذه الاختلافات.

على سبيل المثال، أستراليا موطن لعناكب أكثر خطورة من أي دولة أخرى في العالم تقريباً، ومع ذلك فإن الأخبار حول هذه الكائنات في المنشورات الأسترالية دقيقة دائماً، ونادراً ما تكون مشحونة بالعواطف. من ناحية أخرى، برزت بريطانيا باعتبارها مصدر أكبر قدر من المعلومات الخاطئة عن العناكب، رغم محدودية العناكب السامة والخطيرة فيها.

جيفن وست، وهو عالم معلومات في جامعة واشنطن لم يشارك في الدراسة، وجد أوجه تشابه بين انتشار أخبار العناكب المثيرة وتداول المعلومات المضللة في الانتخابات الأميركية لعام 2020. وبعد رصد المقالات الأكثر انتشاراً في 2020 من قبل المنشورات الوطنية والبرامج التلفزيونية ومراسلي وسائل التواصل الاجتماعي من مصادر الأخبار الإقليمية، قال لصحيفة نيويورك تايمز: "حدث كثير من التضخيم بواسطة هؤلاء المؤثرين الكبار، لكنهم لم يكونوا بالضرورة ينشئون المحتوى. كان مصدر المحتوى محلياً. واتضح أن هذه استراتيجية فعالة حقاً".

المساهمون