العلماء يكتشفون شعاعاً كونياً غامضاً

25 نوفمبر 2023
تصميم فني للشعاع الكوني المرصود (جامعة أوساكا متروبوليتان/ إكس)
+ الخط -

أفاد باحثون بأن شعاعاً كونياً نشطاً للغاية اكتشف بواسطة كاشف السطح في تجربة Telescope Array، لكن اتجاه وصول الشعاع لا يظهر مصدراً واضحاً.

وفقاً لنتائج الدراسة التي نشرت يوم 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي في مجلة سَينس، وصل الشعاع الكوني عالي الطاقة بشكل غير عادي في 27 مايو/ أيار 2021، وكان له طاقة محسوبة تبلغ نحو 244 إكسا إلكترون فولت (EeV).

ونظراً لطاقة الجُسيم العالية بشكل استثنائي، لاحظ المؤلفون أنه يجب أن يتعرض فقط لانحرافات طفيفة نسبياً بواسطة المجالات المغناطيسية الأمامية، وبالتالي، من المتوقع أن يكون اتجاه وصوله أكثر ارتباطاً بمصدره. رغم ذلك، تظهر النتائج أن اتجاه وصوله لا يظهر مصدراً واضحاً لمجرة، أو أي أجسام فلكية أخرى معروفة.

الأشعة الكونية هي جسيمات مشحونة نشطة تنشأ من مصادر من داخل المجرة أو من خارجها. أما الأشعة الكونية ذات الطاقة العالية للغاية في نادرة جداً، ويمكن أن تصل طاقتها إلى ما يزيد عن 1018 إلكترون فولت أو إكسا إلكترون فولت، وهو ما يقرب من مليون مرة أعلى مما حققته أقوى المسرعات التي صنعها البشر على الإطلاق.

يقول الباحث المشارك في الدراسة جون ماثيوز، وهو أستاذ فيزياء الجسيمات الفلكية في جامعة يوتا في الولايات المتحدة، إن الجسيم المرصود يمتلك كمية هائلة جداً من الطاقة، ولكنها موجودة في جسم صغير جداً. ويوضح في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الأشعة الكونية تتكون من البروتونات والنوى الذرية التي تنطلق عبر الفضاء في نطاق واسع من الطاقات. وعندما يضرب شعاع كوني الأرض، فإنه يصطدم بنواة ذرة في الغلاف الجوي، مما يخلق سلسلة من الجسيمات الأخرى التي يمكن اكتشافها على سطح الأرض.

ومهما كان مصدرها، فإن الجسيمات يجب أن تأتي من الجوار الكوني القريب نسبياً. وذلك لأن الأشعة الكونية ذات الطاقة الأعلى تفقد طاقتها في أثناء انتقالها، من خلال التفاعل مع الخلفية الكونية الميكروية، وهو شفق الانفجار الكبير.

لرصد مثل هذه الأشعة من الفضاء، يشرح ماثيوز أن كاشف الأشعة الكونية المتخصص يتكون من 507 محطة سطحية وامضة، تغطي مساحة كشف واسعة تبلغ 700 كيلومتر مربع، في ولاية يوتا، باستخدام أكثر من 500 كاشف مصنوع من مادة وميضية بلاستيكية، وهي مادة تبعث الضوء عند اصطدامها بجسيم مشحون.

"في 27 مايو 2021، اكتشفنا جسيما بمستوى طاقة هائل يبلغ 244 إلكترون فولت. عندما اكتشفت هذا الشعاع الكوني فائق الطاقة لأول مرة، اعتقدت أنه لا بد من وجود خطأ، لأنه أظهر مستوى طاقة غير مسبوق في العقود الثلاثة الماضية"، يقول الباحث.

يشبه مستوى الطاقة هذا مستوى الأشعة الكونية الأكثر نشاطاً التي تم رصدها على الإطلاق، والتي يطلق عليها اسم جسيم Oh-My-God، والتي كانت طاقتها تقدر بـ 320 إلكترون فولت عند اكتشافها في عام 1991.

ومن بين العديد من الأسماء المرشحة لاسم الجسيم المكتشف حديثا، استقر الفريق البحثي على تسميته "أماتيراسو" Amaterasu، نسبة إلى إلهة الشمس التي، وفقا للعقيدة الشنتوية، لعبت دوراً أساسياً في تأسيس اليابان. 

"لم يتم تحديد أي جسم فلكي يطابق الاتجاه الذي وصل منه الشعاع الكوني المكتشف حديثاً، مما يشير إلى احتمالات وجود ظواهر فلكية غير معروفة وأصول فيزيائية جديدة خارج النموذج القياسي" يقول المؤلف المشارك في الدراسة. ويضيف: "في المستقبل، نلتزم بمواصلة تشغيل تجربة مصفوفة التلسكوب، حيث نشرع، من خلال تجربتنا المستمرة التي تمت ترقيتها بحساسيات أربعة أضعاف، والتي يطلق عليها اسم TAx4، ومراصد الجيل التالي، في تحقيق أكثر تفصيلاً حول مصدر هذا الجسيم النشط للغاية".

وغالباً ما يشكّل تحديد مصادر الإشعاعات الكونية، تحدياً للعلماء. لنعود على سبيل المثال إلى يونيو/ حزيران الماضي حين رصد العلماء إشعاعاً غامضاً، سُمّي إشعاع هوكينغ (على اسم الفيزيائي البريطاني الراحل ستيفن هوكينغ). وقتها تبيّن أن مصدره هو الثقوب السوداء.

المساهمون