العرب في سيليكون فالي: فلسطين أولاً

05 مارس 2024
تنحاز الشركات إلى الاحتلال (آدم بيري/ Getty)
+ الخط -

منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، يعيش المبرمجون والمهندسون والعاملون العرب في شركات التكنولوجيا الكبرى، في أجواء من الخوف، الذي سرعان ما تحوّل، مع تصاعد العدوان، إلى غضب من أداء الشركات الكبرى، وصمتها عن الوحشية الإسرائيلية، وممارستها لرقابة واضحة على أي محتوى متضامن مع فلسطين.

وقد تُرجم هذا الغضب بمواجهات بين الموظفين وإداراتهم، أو من خلال وقفات احتجاجية آخرها الشهر الماضي، حين احتجّ موظفو "غوغل" (القسم الأكبر منهم من العرب)، ومعهم مواطنون أميركيون وبريطانيون، في مقر الشركة في المملكة المتحدة، اعتراضاً على عمل الشركة لصالح حكومة الاحتلال وجيشه. وشهدت التظاهرة خارج المقر الرئيسي للشركة في لندن تجمّع حوالى 50 شخصاً لمدة 90 دقيقة تقريباً.

يوضح موقع نوفارا ميديا البريطاني أن الاحتجاج يمثّل توسعاً للمعارضة الداخلية طويلة الأمد لمشروع نيمبوس، ويتزامن مع حملة منشورات وزعها الموظفون داخل المبنى. وأوضحت المنشورات أسباب معارضة الحملة للمشروع، وتضمنت دعوة إلى اجتماع داخلي للعاملين. ويطالب المتظاهرون الشركة بإنهاء مشروع نيمبوس، وهو عقد بقيمة 1.22 مليار دولار بين إسرائيل و"غوغل" و"أمازون"، لتوفير خدمات الحوسبة السحابية لدولة الاحتلال.

غضب العرب  في "ميتا"

قبل احتجاج موظفي "غوغل"، عرفت شركات عدة مواجهات بين موظفيها العرب والمسلمين، وبين الإدارات. في شركة ميتا، المالكة لتطبيقَي فيسبوك وإنستغرام، ارتفعت مطلع عام 2024 الأصوات التي تنتقد تضييق الشركة على الأصوات المدافعة عن فلسطين.

ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن موظفة في "ميتا"، خضوعها لتحقيق داخلي في الشركة بتهمة "انتهاك محتمل لسياسة موظفيها". وكانت الموظفة، وهي عالمة بيانات مقيمة في نيويورك، قد شاركت مع زملائها الموظفين رسالة تطلب من الإدارة الاعتراف بالشهداء الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل، ودعم العاملين الفلسطينيين في الشركة في ظل الحرب. وقد نجحت بالفعل في جمع 450 توقيعاً داخلياً على الرسالة. وطالبت الرسالة بتوضيح آلية الرقابة الداخلية والخارجية في "ميتا"، في إشارة إلى انتقاد ناشطين مؤيدين لفلسطين، لقمع أصواتهم عبر المنصات التابعة للشركة، وهو ما أثار اعتراضات بين الموظفين المسلمين في الشركة. 

وتواصل الجدل في الشركة، حول قمع التعليقات التي تتحدث عن "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة في كل من "إنستغرام" و"فيسبوك".

ونشر أحد الموظفين عبر منتدى داخلي، وفقاً لوثائق اطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال في الأسابيع الأولى للحرب: "ما نقوله وما نفعله يبدو متعارضاً تماماً في الوقت الحالي"، إذ تعهدت "ميتا" علناً بتطبيق سياساتها على قدم المساواة في جميع أنحاء العالم، وهو ما لم يحصل، فبقي التحريض باللغة العبرية موجوداً، بينما أزيل المحتوى المدافع عن فلسطين، وحجبت كلمة "طوفان الأقصى" بشكل نهائي لأيام عدة.

"أمازون" تتجاهل الموظفين العرب

في شركة أمازون لم يختلف الوضع كثيراً. ففي 9 أكتوبر، بعد يومين من عملية طوفان الأقصى، أرسل الرئيس التنفيذي للشركة، آندي جاسي، بريداً إلكترونياً إلى الموظفين في مكتب تل أبيب يعبّر فيه عن دعمه لهم، وكتب: "أنا أفكر فيكم جميعا في هذا الوقت العصيب للغاية، وأتفهم أن تركيزكم يحتاج أن يكون، أولاً وقبل كل شيء، على ضمان سلامتكم وسلامة أحبائكم". في المقابل حتى اليوم لم يرسل جاسي أي رسالة إلى الموظفين الفلسطينيين في الولايات المتحدة أو في الخارج، مما أثار استياءً بين نحو 2000 موظف في الشركة ينضوون تحت مجموعة الموظفين العرب في "أمازون". قال موظف في الشركة: "أمازون توظف عرباً أيضاً، وحياتنا متساوية (مع حياة الإسرائيليين)... نحن لسنا إرهابيين، نحن مجرد بشر لديهم عائلات في تلك المواقف"، تنقل صحيفة "واشنطن بوست".

ولعلّ المشترك بين أغلب الموظفين العرب والمسلمين في الشركات الكبرى في سيليكون فالي، أنهم يدركون أن استثمارات قطاع التكنولوجيا والعلوم والطاقة في دولة الاحتلال الإسرائيلي كبيرة، وتقدّر بمئات ملايين الدولارات سنوياً، كما توظف آلاف الإسرائيليين في مكاتبها في تل أبيب بشكل خاص. وكان المئات من هؤلاء الموظفين قد استدعوا مع بداية حرب الإبادة إلى القتال في صفوف جيش الاحتلال.

المساهمون