العدوان على غزة يثير الخلافات في مجموعة كوندي ناست الإعلامية الأميركية

14 أكتوبر 2024
أمام مكتب مجموعة كوندي ناست في لوس أنجليس، 24 أكتوبر 2018 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت مجموعة كوندي ناست الإعلامية توترات داخلية بسبب مواقفها من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مما أدى إلى استقالة رئيسة قسم التنوع، باشيكا أولدن، في يونيو.
- انقسامات داخلية ظهرت بسبب مواقف المجلة من الحرب، حيث دعمت بعض الشخصيات إصدار بيان يدين حماس، مما أثار غضب مؤيدي إسرائيل، وأدى إلى استقالة المحررة غابرييلا كاريفا جونسون.
- مجلة تين فوغ أثارت غضب مؤيدي إسرائيل بتغطيتها المتعاطفة مع الفلسطينيين، مما أبرز الانقسام بين الموظفين الداعمين للفلسطينيين والمدافعين عن إسرائيل.

منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، عصفت بمجموعة كوندي ناست الإعلامية العملاقة، ومقرها نيويورك، سلسلةً من الصراعات والتوترات المتعددة حول موقف المؤسسة الأميركية العريقة من العدوان على القطاع، وكان آخر فصولها استقالة رئيسة قسم التنوع فيها، في يونيو/ حزيران الماضي، بحسب موقع سيمافور الإخباري.

وبقيت الخلافات الواسعة بين العاملين في "كوندي ناست" التي تأسّست عام 1909، وتصدر سلسلة من المجلات والمطبوعات الشهيرة، أبرزها "فوغ" و"ذا نيويوركر" و"فانيتي فير" وجي كيو"، بعيدةً عن الأنظار، ومحصورة في المكاتب الموجودة في مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك، لكنّها تعكس الاختلافات الواسعة على أسس جيلية وسياسية وحتى عنصرية في الإعلام الأميركي عموماً.

واستقالت رئيسة التنوع والمساواة والاندماج في الشركة باشيكا أولدن في يونيو الماضي، على خلفية اتهامات مزعومة بمعاداة السامية، رغم أنها صارت بعد حصولها على المنصب في سبتمبر/ أيلول 2020، الأعلى رتبة في الشركة بين الموظفين الملونين من غير البيض.

مزاعم حول معاداة السامية

كانت أولدن تتمتع بسيرة ذاتية طويلة ومتميزة بوصفها مسؤولةً عن التنوع والمساواة في عدة مؤسسات، من أبرزها "دبليو بي بي" البريطانية، وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، ومصرف كريدي سويس، وغيرها. آنذاك، قال كبير مسؤولي الموظفين في الشركة، ستان دنكان، في بيان صحافي: "أتطلع إلى التعاون معها والاستماع لنصائحها حول المساعدة في تحسين ثقافة مكان العمل، ودفعها إلى الأمام". لكن، ومع انتهاء رحلتها في المؤسسة الإعلامية العملاقة، تحولت أولدن نفسها إلى هدف لشكاوى التمييز.

بحسب "سيمافور"، بدأت الشكاوى ضد أولدن إثر انطلاق العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر الماضي، حين عبّر بعض الموظفين اليهود والمؤيدين لإسرائيل في "كوندي ناست" عن غضبهم من تغطية العدوان على المنصات الإعلامية للشركة، بالإضافة إلى انزعاجهم من عدم تقديم قسم الموارد البشرية ما يرونه دعماً كافياً لهم. كذلك، احتج هؤلاء على مشاركة زملاء لهم في الأقسام التحريرية في أنشطة والترويج لخطاب مناهض لإسرائيل، بما في ذلك مشاركة بعض الموظفين في المظاهر المؤيدة للفلسطينيين والداعية إلى إيقاف الحرب.

وطالب هؤلاء المحتجون بتخصيص قسم موارد بشرية خاصةٍ باليهود، على غرار المجموعات التي أنشأت داخل الشركة لمجموعات الأقليات الأخرى. بالفعل، وافقت باشيكا أولدن على اقتراحهم، وقالت إن الشركة ستدعم الفكرة، ما دام أن إنشاء مجموعات مماثلة للمنتمين إلى ديانات أخرى، بما في ذلك المسلمين، سيكون متاحاً.

لكن ردّ أولدن أثار غضب المحتجين المناصرين لإسرائيل، ففي حين رأى بعض منهم أنها لم تأخذهم على محمل الجد، قدَّم جزء آخر شكوى رسمية بحقّها يتهمونها فيها بمعاداة السامية. ظلت القضية موضع خلاف حتى مغادرة مسؤولة التنوع المجموعة في يونيو الماضي. ولم ترد أولدن على طلب التعليق حول تفاصيل ما جرى، كما رفض متحدث باسم الشركة الإجابة عن أسئلة "سيمافور" حول الموضوع.

غزة تقسم "كوندي ناست"

إثر عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، تناقش كبار المسؤولين في شركات الإعلام عمّا إذا كان ينبغي لهم الانضمام إلى مجموعة الشركات الكبرى التي أصدرت بيانات تدين حركة حماس.

وفي حين دعمت رئيسة الإيرادات آنذاك، باميلا دراكر مان، إصدار بيانٍ باسم "كوندي ناست"، بدا مسؤولون آخرون أكثر تردداً، بما فيهم رئيس تحرير مجلة ذا نيويوركر، ديفيد رمنيك. في النهاية أغضب بيان الشركة الجميع، كانت "كوندي ناست" إحدى المجموعات الإعلامية القليلة التي أدانت "حماس" بوضوح وصراحة في بيانها، لكنّ ذلك لم يكن كافياً لمؤيدي إسرائيل، الذين عبّروا عن غضبهم لصحيفة ذا نيويورك بوست اليمينية.

كذلك، أدى الموقف من الحرب إلى أزمة في مجلة فوغ خلال العام الماضي. بعدما كان من المقرر أن تشارك المحررة والمصممة غابرييلا كاريفا جونسون في فعالية "قوى الموضة" التي تنظمها "فوغ" وتجمع بين كبار المصممين والمشاهير من الدرجة الأولى، طلبت منها رئيسة التحرير آنا وينتور الانسحاب من المشاركة، وذلك لأنّها انتقدت العدوان الانتقامي الوحشي للاحتلال على قطاع غزة، عبر حسابها على "إنستغرام".

وبالفعل، لم تشارك كاريفا جونسون في الفعاليات، واستقالت بعد فترة وجيزة من ذلك في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. لاحقاً، قالت لصحيفة ذا نيويورك تايمز في فبراير/ شباط إن الاستقالة كانت خيارها بالكامل، وإنّها كان جزئياً "موقفاً تضامنياً" مع الشعب الفلسطيني.

"تين فوغ" تغضب مناصري إسرائيل

أثارت مجلة تين فوغ (فوغ للمراهقين) غضب الصحافيين المؤيدين لدولة الاحتلال أكثر من مرة خلال السنوات السابقة على العدوان الحالي، وذلك بسبب ما اعتبروه إصراراً من إدارة تحريرها على "اتباع أجندة معادية لإسرائيل". وفي السنة الأخيرة، نشرت المجلة عدداً من التقارير والمقالات المتعاطفة مع الفلسطينيين، والتي تبين أثر حرب الإبادة الإسرائيلية على السكان المدنيين في قطاع غزة.

كذلك، غطّت المجلة حملة قمع وفض الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل التي شهدتها جامعات الولايات المتحدة على يد الحكومة الأميركية، كما تابعت مواقف المشاهير الذين عبّروا عن دعم الشعب الفلسطيني أو دعوا إلى إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار.

أثارت توجهات "تين فوغ" المتعاطفة مع الفلسطينيين، حفيظة عدد من مديري الشركة، الذين اعترضوا على عددٍ من المقالات، مشيرين إلى أنّ موقف المجلة "يضر بالعلاقات مع المشاهير".

وكان مدير الترفيه في مجلة فوغ، سيرجيو كليتنوي، قد بعث رسالة إلكترونية إلى رئيسة التحرير آنا وينتور والرئيس التنفيذي روجر لينش، انتقد فيها بشدة مقالات "تين فوغ" عن غزة. كذلك، وجهت رئيسة وكالة بلاتفورم بابليك ريلايشنز التي تمثل عدداً من النجوم الذين ظهروا على أغلفة "تين فوغ"، سيري غاربر، رسالة خاصةً إلى "كوندي ناست" تنتقد فيها تغطية المجلة لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.

وقالت غاربر: "هناك قلق متزايد داخل الصناعة، وكثيرون مثلي، يشعرون بأن مجلة تين فوغ هي واحدة من أكثر المنافذ الإعلامية تأثيراً على جيل الشباب، ونحن نشعر بأن التمثيل اليهودي قد قضي عليه تماماً في تغطية المجلة للأحداث".

وأشارت "سيمافور" إلى أنّ الخلافات داخل "كوندي ناست"، أظهَرت نوعاً من الانقسام بين الموظفين غير البيض الداعمين للفلسطينيين أو الذين يدافعون عن خط تحريري أكثر انتقادية لإسرائيل من جهة، والموظفين اليهود البيض المدافعين عن إسرائيل من جهة أخرى.

ولفتت إلى أنّ خطّ الإبلاغ عن حوادث العمل بشكل يحفظ سرية هوية المشتكي، والذي استحدثته المجموعة في العام 2020، تحوّل على مدار العام الماضي إلى أداة تستخدم لتوجيه اتهامات بمعاداة السامية ضد الموظفين، خصوصاً من غير البيض، الذين أعربوا عن تعاطفهم مع الفلسطينيين.

وعلى الرغم من أنّ المقالات التي تنشرها منصات معنية بالموضة بالدرجة الأولى عن حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة قد يبدو غير مهم للوهلة الأولى، إلّا أنّها تلعب دوراً مهماً في توجيه الشباب الذي يقود في معظم الأحيان الحملة المناهضة لاستمرار العدوان على غزة، وفقاً لموقع سيمافور.

المساهمون