الصينيون يتحايلون على رقابة النظام

29 نوفمبر 2022
تجاوز المدونون الرقابة (Getty)
+ الخط -

خلال المراحل الأولى لتفشي فيروس كورونا نهاية عام 2019 وبداية 2020، أحكمت السلطات الصينية قبضتها على مواقع التواصل والمؤسسات الإعلامية، فحجبت مواقع عدة، واعتقلت صحافيين ومدونين كانوا ينقلون يوميات الوباء في مدنهم من ووهان إلى شنغهاي وبكين.
بدأت الرقابة على المحتوى الخاص بفيروس كورونا مع طبيب العيون في مستشفى ووهان المركزي، لي وينليانغ، الذي كتب في مجموعة تراسل مغلقة على تطبيق "وي تشات"، عن وباء محتمل ينتقل بين البشر، لينتشر تحذيره بكثافة على تطبيق التدوين الصيني ويبو. كانت السلطات بين مَن شاهدوا المنشورات، فتمّ اعتقال وينليانغ مع 7 أطباء آخرين، بينهم آي فين، تم استجوابهم، وأجبر وينليانغ في الثالث من يناير/كانون الثاني، على التوقيع على اعتراف بأنّه "نشر ادّعاءات كاذبة على الإنترنت". في الأول من فبراير/شباط، أصيب وينليانغ بالعدوى ليتوفى بعدها بستّة أيام، أي في الساعات الأولى ليوم 7 فبراير 2020.
اليوم ومع محاولة الصين فرض إجراءات متشددة مجدداً للوصول إلى هدفها الصحي وهو "صفر كوفيد"، تندلع التظاهرات في مدن مختلفة. وكما هي الحال مع أي شكل من أشكال الاحتجاج الشعبي، اختارت السلطات الرقابة كخيار أول لها. بداية، بدأت بالتضييق على الصحافيين. إذ أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، الأحد، أن واحداً من مراسليها في الصين كان يغطي احتجاجات في شنغهاي ضد سياسة "صفر كوفيد" الصارمة قد اعتُقل و"تعرّض للضرب بأيدي الشرطة".
وقال متحدث باسم المجموعة في بيان تلقته وكالة فرانس برس، إن "(بي بي سي) قلقة جدا إزاء طريقة معاملة الصحافي إد لورنس الذي اعتقل وقُيدت يداه أثناء تغطيته الاحتجاجات في شنغهاي".
وبحسب قوله، تعرّض الصحافي "للضرب بأيدي الشرطة" أثناء تأديته عمله بصفته صحافيا معتمدا في البلاد.
من جهتها، أكّدت وزارة الخارجية الصينية، الاثنين، أن مراسل "بي بي سي" إد لورنس لم يعرّف عن نفسه على أنه صحافي. وأكد جاو ليجيان، الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية خلال مؤتمر صحافي "علمنا من سلطات شنغهاي المختصة أنه (المراسل) لم يعرّف عن نفسه على أنه صحافي ولم يظهر طوعا بطاقة الاعتماد الصحافية".
وطلب الناطق الصيني من وسائل الإعلام الأجنبية "احترام القوانين الصينية والأنظمة المعمول بها (خلال إقامتهم) في الصين".

أما افتراضياً، فكان واضحاً دور مواقع التواصل الصينية في التجييش على الاحتجاجات التي اندلعت في مدينة أورومتشي، عاصمة منطقة شينجيانغ الواقعة غربي الصين، الأسبوع الماضي. إذ انتشرت بداية لقطات على الشبكة تظهر رجال وآليات الإطفاء وهي تحاول إخماد الحريق الذي اندلع في المنطقة من مسافة بعيدة، بسبب عجزها من الوصول إلى المبنى المحترق نتيجة الحواجز التي فرضته السلطات لمكافحة تفشي كوفيد-19. أدت هذه المقاطع إلى حالة من الغضب الشعبي الذي تحول إلى احتجاجات في الشارع. وعلى المواقع نفسها مثل "وي تشات" و"ويبو"، انتشرت مقاطع للتظاهرات التي نالت مشاهدات عالية قبل أن تقوم السلطات الصينية بحذفها.
ومن بين أكثر المقاطع مشاهدة كانت تلك التي تظهر محتجين يدعون إلى استقالة الرئيس الصيني شي جين بينغ. حصل ذلك منذ يوم الجمعة الماضي، لكن أمس الإثنين، تغيّر الواقع فاختفت مئات الفيديوهات تماماً، وباتت عمليات البحث على الشبكة في مناطق الاحتجاجات شبه معطلة على مختلف المواقع. غير أنّ مقاطع كثيرة عرفت كيف تخرق سد الرقابة المنيع الذي شيدته السلطات في بكين، وذلك باستخدام شبكات VPN، وهو ما ساعد على نشرها على مواقع التواصل العالمية مثل فيسبوك، وتويتر، وإنستغرام، وصولها إلى الجمهور العالمي. علماً أن المنصات العالمية جميعها محجوبة في الصين.
طريقة أخرى لجأ إليها المدونون الصينيون، وهي الاحتيال على الرقابة التقليدية للنظام. إذ يعتمد هذا الأخير على حجب المنشورات التي تحتوي كلمات معينة مثل "غضب، احتجاج، تظاهرة، استقالة"، لذا اختار المدونون استخدام كلمات مجازية للتعبير عن الاوضاع بشكل تعجز أجهزة الرقابة عن التقطاها.
وأمام سيل الانتقادات على مواقع التواصل وفي الشارع، خففت منطقة شينجيانغ في غرب الصين بعض قيود كوفيد في عاصمتها أورومتشي، الاثنين. وأفاد مسؤولون في مؤتمر صحافي بأن أشخاصاً في المدينة التي تعد أربعة ملايين نسمة، خضع بعضهم إلى إجراءات عزل في منازلهم لأسابيع، بات بإمكانهم التنقل بواسطة حافلات لشراء حاجياتهم ضمن مناطق سكنهم اعتبارا من اليوم الثلاثاء.

المساهمون