الصحافيون في غزة: نقص الوقود يشلّ الحركة

26 أكتوبر 2023
من العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة (مصطفى حسونة/ الأناضول)
+ الخط -

أدى نفاد الوقود في محطات التعبئة المُنتشرة في مختلف مناطق قطاع غزة، نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي دخول كل مُشتقات البترول، إلى تعطيل عمل عدد كبير من الصحافيين.
ويشتكي الصحافيون في القطاع من نفاد الوقود اللازم لتحريك سياراتهم، للوصول إلى أماكن الأحداث، ما يضيف أزمة إضافية إلى الأزمات المتلاحقة منذ بداية العدوان، من قطع للكهرباء والإنترنت وقصف المقارّ الصحافية، وقتل المصورين والمراسلين، بهدف عرقلة العمل الإعلامي، وتغييب الصورة الفلسطينية، التي تُظهر مدى بشاعة المجازر، والجرائم الإسرائيلية المُرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين.
ويقول الصحافيون على صفحاتهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات المُختلفة، إنهم يواجهون الحرب الإسرائيلية الشرسة على قطاع غزة، في ظل انعدام الإمكانات، إلى جانب ظهور عدد من الأزمات، التي تُصيب جوهر عملهم، مثل نفاد الوقود اللازم لتشغيل سياراتهم الشخصية التي تُقلّهم إلى أماكن الأحداث، كذلك سيارات البث، والاستديوهات، إلى جانب انعدام القدرة على تشغيل المولدات اللازمة لتجهيز موادهم الإعلامية، في الوقت الذي لم تتحرك أية مؤسسة لتوفير الوقود اللازم.
وتتطلب كثافة المجازر، وتصاعد الأحداث تغطية متواصلة طوال اليوم، إلا أن جملة من الأزمات تعترض عمل الصحافيين، منها نفاد الوقود، وعدم قدرة الصحافيين على الوصول في الوقت المناسب إلى مواقع الأحداث، إلى جانب توقف التغطية في أوقات المساء، التي تشهد تكثيفاً لعمليات القصف والأحزمة النارية في مختلف مناطق القطاع.
ويوضح المصور الفلسطيني محمود الهمص، الذي يعمل مع وكالة عالمية، أنه مقطوع من الوقود منذ ثلاثة أيام، بسبب نفاد الكميات في محطات التعبئة، بفعل منع دخول مُشتقات البترول مُنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، ما أدى إلى توقف عربته عن العمل، بعدما كانت تقله إلى مختلف أماكن الأحداث، للمُتابعة، والتصوير، والتوثيق. 
ويلفت الهمص لـ "العربي الجديد" إلى أن العمل في ظل الوضع الحالي أصبح مُرهِقاً للغاية، إذ يضطر إلى الركوب مع سيارات الأجرة إن توافرت، أو مع سيارات الإسعاف، أو مع زملاء صحافيين ما زالوا يملكون بعض الوقود، إلا أن ذلك يحُد من الوصول إلى الأماكن المُستهدفة. 
واضطر الهمص كغيره من الصحافيين إلى النزوح إلى المناطق الجنوبية، بعد طلب الاحتلال الإسرائيلي إخلاء المناطق الشمالية، ومدينة غزة نحو جنوب وادي غزة، ويقول: "نحاول العمل من داخل مُستشفى ناصر، وبفعل عدم وجود الوقود، اضطررت إلى الجري مسافة 2 كيلومتر لتغطية حدث، فيما لا نتمكن من الوصول إلى المناطق البعيدة، فعجزنا عن تغطية مجزرة النصيرات، لعدم قدرتنا على الحركة".
ويبين الهمص أن العمل الصحافي، والتغطية الميدانية انخفضا أكثر من 50 في المائة حتى الآن، وهما في تدهور مُستمر، بفعل نفاد الوقود اللازم للحركة، وإتمام العمل بالشكل المطلوب، وفي حال استمرار الأزمة، سيقتصر العمل من داخل بعض المُستشفيات، التي توفر أبسط المقومات اللازمة، لافتاً إلى طلب الصحافيين من المكتب الإعلامي الحكومي توفير الوقود لهم.

من ناحيته، يوضح الصحافي الفلسطيني أسامة العشي، أن عمل الصحافيين في الوقت الحالي يرتكز على المراكز الصحية، ولا يستطيعون الحركة وتغطية الأحداث بسبب نفاد الوقود، ما ألقى بظلاله السلبية على التغطية الميدانية لمُجريات الأحداث، خصوصاً في المناطق الشرقية. أما بخصوص المناطق الغربية، فيُمكن لبعض الصحافيين تغطيتها مشياً على الأقدام. 
ويلفت العشي لـ "العربي الجديد" إلى أن نفاد الوقود، وانعدام الإمكانات يُضعفان الصورة الإعلامية الصادرة من قطاع غزة، في تغطية العدوان الإسرائيلي الدموي، الذي يستهدف المواطنين، وبيوتهم الآمنة، ويؤثران بسير التغطية الميدانية، وبالرواية الفلسطينية. 
ويُشدد العشي على أن الأحداث في الوقت الحالي بعيدة عن عدسات الصحافيين وعيونهم، حيث يتطلب الوصول إلى أي حدث المشي على الأقدام لوقت طويل، ويتطلب وقتاً إضافياً أكبر للحصول على إنترنت، وباقي مقومات العمل. 
في الإطار، يلفت مدير العلاقات العامة، في المكتب الإعلامي الحكومي، محمود الفرا، إلى أن كل الوسائل الإعلامية العاملة في قطاع غزة، سواء المحلية، أو الدولية، أو العالمية، تواجه صعوبات كبيرة للاستمرار في عملها، وتغطيتها لأحداث العدوان الإسرائيلي ومُستجداته.
ويلفت الفرا لـ "العربي الجديد" إلى أن قطاع غزة بات يعاني من جُملة من الأزمات المُتلاحقة، وفي مقدمتها الأزمات الإنسانية، والحياتية، مثل انقطاع التيار الكهربائي مُنذ اليوم الأول للعدوان، ومنع دخول كل أنواع الوقود، إلى جانب انقطاع شبكات الإنترنت، والاتصالات، وشركات الاتصال في محافظات قطاع غزة كافة. 
ويُبين الفرا أن الصحافيين باتوا يواجهون العديد من المشاكل في تغطيتهم الميدانية بسبب نقص الإمكانات التي تعينهم على رفع الصور والفيديوهات، وإتمام عملهم، أو حتى الوصول إليه، موضحاً أن المواد الإعلامية التي لا يتمكن الصحافيون من تغطيتها، أو الوصول إليها، أو إرسالها، توضح آثار العدوان الإسرائيلي على المدنيين، وفي مقدمتهم الأطفال والنساء، وتُظهر بشاعة المجازر المُرتكبة بحقهم. 
أما عن دور المكتب الإعلامي الحكومي في مُساعدة الصحافيين، ووسائل الإعلام المُختلفة على توفير الوقود اللازم لحركتهم، والامكانات اللازمة، فيؤكد الفرا أن من واجبات المكتب الإعلامي خدمة الصحافيين، سواء في أوقات الطوارئ، أو الأوقات العادية، إلا أن هذا العدوان الشرس، الذي استهدف معظم المرافق الحكومية، إلى جانب استهداف الصحافيين، خلق صعوبة أمام المكتب في توفير المتطلبات الأساسية، سواء للصحافيين، أو حتى لطواقمه العاملة في الميدان. 
ولا تتوقف الأزمات عند حد الوقود اللازم للحركة، وتشغيل المُعدات وشحنها، بل وصل إلى باقي الإمكانات الخاصة بتواصل العمل الإعلامي، كانقطاع شبكات الإنترنت، والتيار الكهربائي، وباقي الإمكانات التي تُمكن الصحافي من إتمام عمله، ويؤثر نفادها وقطعها بسير عمله وتغطيته مباشرةً.


 

المساهمون