الصحافيون التونسيون يدخلون العام الجديد بحذر

02 يناير 2021
نقيب الصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي في تحرك احتجاجي في نوفمبر (Getty)
+ الخط -

ودّعت الساحة الإعلامية التونسية عام 2020 على أمل أن يبدأ العام الجديد بتفاؤل ومشاريع جديدة. وفي نظرة سريعة إلى السنة الماضية يبدو واضحاً أن الإعلاميين التونسيين قد حققوا مكاسب هامة، أبرزها عقد مؤتمر النقابة الوطنية للصحافيين الذي أدى إلى انتخاب مكتب نقابي شاب بقيادة النقيب محمد ياسين الجلاصي. كما شهدت السنة تأسيس مجلس أعلى للصحافة لأول مرة فى تاريخ الإعلام التونسي.

لكن سنة 2020 عرفت أيضاً عدداً من الأحداث الهامة التى كان لها تأثير مباشر على الوضع الاجتماعي الهش للعاملين فى القطاع. فوثّقت المنظمات التي تُعنى بحرية الصحافية 155 حالة اعتداء على الصحافيين. كما عرفت أكثر من 120 حالة طرد من العمل بسبب الظروف الاقتصادية التى مرّت بها المؤسسات الإعلامية بعد جائحة كوفيد 19، ما أدى إلى توقف صدور الصحف الورقية لمدة شهرين، وتراجع الإعلانات التجارية بنسبة الثلث، وفقاً للخبراء الاقتصاديين. وهذا الواقع انسحب كذلك على التلفزيونات والإذاعات التي استغنت عن البرامج المكلفة مادياً، ما نتج عنه تدهور سريع في الحالة الاجتماعية لعدد من الإعلاميين والتقنيين العاملين في هذه البرامج.
هذه الأوضاع الصعبة دفعت النقابتين الإعلاميتين وهما النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، والنقابة العامة للإعلام المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل، إلى مطالبة الحكومة بالتدخل العاجل لإنقاذ قطاع الصحافة الورقية والقطاع الإعلامي ككل، وهو ما استجابت له حكومة إلياس الفخفاخ السابقة، بعد ضغوط كبيرة، فقررت تخصيص منحة مالية تقدر بـ 1.2 مليون دينار تونسي (حوالي 320 ألف دولار أميركي) لإنقاذ الصحافة الورقية من الاندثار. كما خصصت 5 ملايين دينار (حوالي 1.7 مليون دولار أميركي) لمساعدة وسائل الإعلام التونسية على تجاوز الأزمات التي خلقها تفشي فيروس كورونا. 

مطالبة الحكومة بالتدخل العاجل لإنقاذ قطاع الصحافة الورقية والقطاع الإعلامي ككل، وهو ما استجابت له حكومة إلياس الفخفاخ السابقة

لكن هذه الوعود بقيت معلقة خاصة بعد استقالة حكومة إلياس الفخفاخ، وتولي حكومة هشام المشيشي منذ ثلاثة أشهر السلطة التنفيذية فى تونس. هذا الواقع وتأجيل تحقيق الالتزامات التي أقرتها الحكومة أجبرا الصحافيين التونسيين على القيام بسلسلة من التحركات الاحتجاجية، بدأت برفع الشارة الحمراء (ارتداء شارات حمراء تعبيراً عن رفضهم لعدم استجابة الحكومة لحقوقهم) تلاها اعتصام وصولاً إلى قرار الإضراب العام يوم 10 كانون الأول / ديسمبر 2020. وهو ما دفع الحكومة التونسية إلى عقد سلسلة من المفاوضات مع النقابة الوطنية للصحافيين لتعلن هذه الأخيرة تعليق الإضراب العام
وبحسب عضو المكتب التنفيذي للنقابة المكلفة بالعلاقات الخارجية فوزية الغيلوفي فإن المفاوضات كانت صعبة مع الطرف الحكومي "خصوصاً تلك المتعلقة بنشر الاتفاقية المشتركة للقطاع الإعلامي في الجريدة الرسمية التونسية لتصبح لها مفاعيل قانونية". وتضيف لـ"العربي الجديد": "هذه الاتفاقية ستمكن الصحافيين التونسيين من ضمان الحد الأدنى من الأجور، وضمان استقرار مهني للصحافيين. وقد تعهدت الحكومة بنشرها فى بداية سنة 2021 لذلك نحن نعلق آمالاً كبيرة على هذه السنة الجديدة علّها تكون فاتحة خير على الصحافيين التونسيين ويحققون فيها إنجازاً تاريخياً طالما حلموا به وتخرج بهم من الأوضاع الاجتماعية الصعبة التى يعاني منها كثيرون. فمن غير المقبول اليوم أن نجد بعض الصحافيين والصحافيات الشباب يقدر أجرهم بـ400 دينار تونسي (حوالي 140 دولارا أميركيا) وهي أجور لا تكفي للعيش بكرامة لمدة أسبوع فى ظل حالة التضخم والغلاء الذي تعرفه تونس منذ سنوات".

آمال معلقة كثيرة ينتظر الصحافيون التونسيون أن تتحقق في هذا العام الجديد. وفي هذا الإطار يقول نائب رئيس النقابة العامة للإعلام محمد الهادي الطرشوني لـ"العربي الجديد": "الوضع المادي الصعب للإعلاميين التونسيين هو أكبر معضلة تواجه القطاع، خصوصاً هؤلاء العاملين في  الصحافة الورقية التي تشهد أزمة خانقة، دفعت العديد من الصحف إلى الإغلاق النهائي أو الاكتفاء بمواقع إلكترونية. لذلك نأمل ونتمنى أن تكون سنة 2021، سنة تلتزم فيها الحكومة بتعهداتها وتقوم بتفعيل المساعدات المادية التي قررتها الحكومة السابقة سواء لقطاع الصحافة الورقية أو لوسائل الإعلام التي  تضررت من جائحة كورونا بشكل كبير بعد تراجع مداخيلها بشكل لافت، ضماناً لاستمرارية القطاع وديمومتها".

المساهمون