- تضامن متزايد مع الصحافيين المستهدفين وسط قلق عميق بشأن مستقبل حرية الصحافة، وانتقادات لاستخدام السلطة للقضاء لترهيب الأصوات الحرة ومطالبات بإلغاء المراسيم المقيدة.
- تراجع الحريات في تونس منذ صيف 2021 مع تعديل دستوري يقوض الفصل بين السلطات، وتحذيرات من إضعاف استقلالية القضاء وتهديدات لحرية الصحافة، مع محاكمة نحو 25 صحافيًا على خلفية عملهم.
تتزايد المخاوف يومياً بين الصحافيين التونسيين الذين يشهدون الفترة الأسوأ منذ الثورة التونسية، بل إن البعض يرون أنها الأسوأ في تاريخ الصحافة التونسية، وبينهم نقيب الصحافيين التونسيين زياد دبّار الذي صرّح سابقاً بأن "الصحافة التونسية تعيش أسوأ مراحلها على مرّ تاريخها، إذ لم نشهد هذا العدد من سجن الصحافيين والتحقيق معهم على خلفية عملهم الإعلامي من قبل".
وبالفعل، يتواصل استدعاء الصحافيين في تونس للتحقيق معهم على خلفية عملهم، وآخرهم مقدمة البرنامج السياسي الإخباري اليومي "90 دقيقة"، خلود المبروك، ومدير إذاعة "إي أف أم" التي تبث البرنامج، حامد السويح. وقد جرى التحقيق مع السويح والمبروك الأربعاء لتسع ساعات، بسبب استضافة الأخيرة للنائب السابق مبروك كورشيد، وكذلك بسبب تصريحات سابقة للمحامي والسياسي سمير ديلو في البرنامج.
وتداول الخبر الصحافيون التونسيون الذين عبروا عن دعمهم للصحافية خلود مبروك وعن قلقهم المتزايد على حرية الصحافة في البلاد. وفي هذا السياق، كتب مدير موقع الكتيبة الإخباري، وليد الماجري، عبر حسابه في "فيسبوك": "هذه السلطة الفاشلة أصبحت لا تتورّع عن توظيف عمّال الوظيفة القضائية من أجل التنكيل بكل صوت حرّ أو مغرّد خارج روايتها (...) في حين يرفل أبواق السلطة وزبانيتها في النعيم يثلبون الناس ويهتكون أعراضهم (...) هذا هو النظام الجديد الذي بشّر به قيس سعيّد... نظام يقوم على الظلم". وقالت الصحافية آمنة الزياني: "كل يوم يضاف اسم لقائمة الصحافيين المعروضين على التحقيق أو الذين يقضون أحكاماً بالسجن، ويبدو أن الغاية من المضايقة والترهيب تحققت...".
والمخاوف على حرية الصحافة في تونس والتضييق على عمل الصحافيين وترهيبهم أكدها هشام السنوسي، عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) التي جمدت السلطات التونسية عملها، من خلال منع صرف أجور أعضاء مجلسها، فقال "إن الإعلام اليوم يعيش أصعب ظرف منذ بداية الثورة وهو ما عبر عنه أعضاء مجلس الهيئة بكل وضوح في رسالة لرئيس الجمهورية في ديسمبر/كانون الأول 2023 طالبوا فيها بإلغاء المرسوم عدد 54 وإطلاق سراح الصحافيين واستكمال النصوص القانونية الضامنة لحرية الإعلام والمنظمة لها. وبدل التفاعل مع هذه الرسالة وفتح حوار وطني حول مستقبل حرية الصحافة في بلادنا، تم اتخاذ قرار من قبل جهة غير مخولة (رئاسة الحكومة) يقضي بتجميد عمل الهيئة بتعلات واهية لا تعبر إلا عن واقع انتهاء مسار الانتقال الديمقراطي والبدء في إرساء نظام تسلطي معاد للحريات".
وبحسب نقابة الصحافيين، يحاكم في تونس حالياً نحو 25 صحافياً على خلفية عملهم. يقبع الصحافي محمد بوغلاب فى السجن بعد الحكم علية بالسجن لمدة 6 أشهر، وما زالت الصحافية شذى الحاج مبارك فى السجن منذ أشهر من دون محاكمتها.
وتنبه منظمات غير حكومية وحقوقية من تراجع الحريات في تونس منذ قرر الرئيس قيس سعيّد في صيف 2021 احتكار السلطات في البلاد. وكانت "مراسلون بلا حدود" قد أشارت إلى أن تونس شهدت تعديلاً دستورياً في يوليو/ تموز 2022، "منح الرئيس صلاحيات تشريعية واسعة على حساب الضوابط والتوازنات التي كانت قائمة حتى ذلك الحين، ما قوَّض الفصل بين السلطات وشكّل تهديداً كبيراً لمنجزات الثورة التونسية في ما يتعلق بحرية الصحافة". ونبّهت من أن "إضعاف استقلالية القضاء يثير العديد من المخاوف بشأن تفسير القيود التي ينص عليها، بما يخدم المصالح السياسية تحت ذريعة الضرورات الأمنية". وفي سياق تدهور المناخ السياسي، يمثل المرسوم رقم 54 الصادر في سبتمبر/ أيلول 2022 تهديداً جديداً لحرية الصحافة في البلاد، وهو الذي من المفترض أن يحارب "المعلومات الكاذبة".