منذ فوز قطر بحق استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، بدأت حملة مسعورة تستهدف الدوحة بشكل عشوائي، وصلت إلى حد المطالبة بسحب حق الاستضافة منها، كلّ مرة تحت حجة معينة: رشوة الـ"فيفا"، موت العمّال الأجانب، سجن المثليين، الطقس الحارّ...
وطوال هذه السنوات كانت ترتفع وتيرة هذا الهجوم وتنخفض، باختلاف الظروف السياسية والرياضية والاقتصادية، ومن دون أيّ إضاءة على تعامل قطر مع هذه الاتهامات، أو التحسينات التي أدخلتها على قوانين العمل، أو الحريات (لا يقبع في السجون القطرية أي سجين رأي، أو صحافي، أو مدوّن...).
لكن في الأسابيع الأخيرة، مع بدء العد العكسي لصافرة البداية، تكثفت الحملة على قطر، تحديداً في الإعلام الغربي. على سبيل المثال، منذ 20 سبتمبر/أيلول حتى اليوم، نشرت صحيفة ذا غارديان البريطانية وحدها 27 تقريراً (بمعدل نحو تقرير واحد كلّ يوم) تهاجم فيها قطر مباشرةً، وهو ما فعلته كذلك مؤسسات إعلامية أخرى.
في تحليل للمحتوى المنشور عن كأس العالم 2022 في الصحافة البريطانية، قدّم الكاتب والباحث والأستاذ المحاضر في جامعة حمد، مارك أوين جونز، أرقامأً مثيرة للاهتمام. إذ حلّل المضمون المرتبط بمونديال قطر في 9 مؤسسات إعلامية منذ عام 2010، وشمل 1735 عنواناً رئيسياً في الصحف البريطانية تذكر قطر، 685 منها عن كأس العالم حصراً، بينما تطرقت باقي العناوين إلى قضايا اقتصادية وسياسية.
ومن بين العناوين الـ685 التي تناولت مونديال 2022، 66 في المائة من التقارير كانت سلبية، 29 في المائة محايدة، و5 في المائة إيجابية. ومن ضمن المقالات السلبية، 36 في المائة تطرقت إلى قضايا حقوق الإنسان، و25 في المائة كانت عن الفساد والرشوة، و9 في المائة عن تجريد قطر من كأس العالم، و4 في المائة عن حقوق مجتمع الميم.
وفي سياق التحليل نفسه، تبين أن صحيفة ذا غارديان نشرت النسبة الأكبر من المحتوى المرتبط بكأس العالم (265 تقريراً)، ثم صحيفة ذي إندبندنت (181)، ثم "ذا ديلي تيليغراف" (62).
Thread 1/ Many have talked about the media portrayal of Qatar 2022 but as far as I am aware there are no content analyses. This is a content analysis of 1,735 British newspaper headlines mentioning Qatar since 2010. I analysed 9 different mainstream outlets. #Qatar2022 pic.twitter.com/loOSx5k62j
— Marc Owen Jones (@marcowenjones) October 23, 2022
وفي إطار ترجمة هذه الأرقام في سياق سياسي وإعلامي، يقول جونز إن سبب هذه التغطية السلبية لكأس العالم في قطر، يعود لعوامل كثيرة، بينها اهتمام الصحافة البريطانية عموماً بكرة القدم، وحقوق الإنسان، لكن أيضاً بسبب جنوح هذه الصحافة إلى تغطية الأحداث في الدول الصغيرة بشكل سلبي، كما أظهرت دراسة نشرتها مجلة SAGE للأبحاث. وأشار جونز كذلك إلى الدور الكبير الذي لعبته شركات علاقات عامة في بريطانيا لشيطنة قطر خلال الأزمة الخليجية (2017).