الشرائح الإلكترونية وسيلة اتصال لغزة مع العالم

31 ديسمبر 2023
سعر الشريحة يتراوح بين 15 و70 دولاراً (سعيد الخطيب/ فرانس برس)
+ الخط -

أصبحت الشريحة الإلكترونية (eSIM) الوسيلة الوحيدة للكثير من سكان قطاع غزة للتواصل مع أقاربهم أو نقل مجريات العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في ظل استهداف الاحتلال المتكرر لشبكتي الهاتف والإنترنت.

وأصبحت هذه الشرائح وسيلة اتصال بالعالم للكثير من سكان القطاع، بعد أن يبتاعها لهم أقارب أو معارف في الخارج. وتعمل الشرائح وفق مبدأ بسيط: لتشغيلها، يتعيّن على المستخدم مسح "رمز الاستجابة السريعة" (QR code) المرسل من الخارج باستخدام كاميرا الهاتف النقال، ما يتيح وصله بشبكة اتصالات هاتفية خارجية، غالباً ما تكون إسرائيلية، وأحياناً مصرية.

وقال الصحافي هاني الشاعر (35 عاماً) لوكالة فرانس برس: "لا خيار أمامنا في ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت في القطاع سوى استخدام هذه الشرائح". وإذ أكد أهميتها في المساعدة على "نقل الصوت والصورة"، اعتبر أنه "لولا هذه الخدمة لانقطعنا عن العالم على الصعيد المهني والشخصي أيضاً". وأكد أن "الشرائح الإلكترونية بالنسبة لنا كصحافيين تعتبر قشة لا يوجد أمامنا (خيار) سوى التعلق بها للتمكن من العمل".

شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على غزة في 7 أكتوبر، في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي نفذها المقاومون الفلسطينيون، والتي أسفرت عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي واحتجاز نحو 250 رهينة لا يزال 129 منهم في القطاع. قتلت قوات الاحتلال أكثر من 21 ألف فلسطيني في غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال. وتسببت بأزمة إنسانية حادة، شملت نزوح 1,9 مليون شخص يشكلون 85 في المئة من إجمالي سكان القطاع، وفق الأمم المتحدة. كما شددت سلطات الاحتلال حصارها، وقيّدت إدخال المساعدات.

وفي ظل الدمار الذي طاول مناطق واسعة، أكدت سمر لبد التي كانت تقطن مدينة غزة أنها "فقدت الاتصال مع الجميع لأكثر من أسبوع". وأوضحت ربة المنزل البالغة من العمر 38 عاماً، والنازحة حالياً إلى مدينة رفح مع أولادها الثلاثة، أن شقيقها المقيم في بلجيكا قام "بإرسال شريحة إلكترونية لي لتوفير الإنترنت، لنتمكن من الاتصال بعضنا ببعض". وأضافت: "الاتصال ليس ثابتاً، لكنه يفي بالغرض. على الأقل نتواصل مع بعض للاطمئنان ولو بشكل غير مستمر". على الرغم من ذلك، لا تتمكن لبد من الاتصال بأقارب آخرين موجودين حالياً في خانيونس، كبرى مدن جنوب القطاع. وأضافت: "لكني أطمئن عليهم عبر هذه الخدمة المتوفرة مع أحد الاشخاص الذي يقيم معهم لأن هاتفه يدعمها".

ولا يضمن الحصول على الشريحة الإلكترونية توفر خدمة الاتصال، إذ إنها غير ممكنة سوى في المناطق القريبة من الحدود مع الأراضي المحتلة، أو تتطلب الانتقال الى أماكن مرتفعة للتمكن من التقاط إشارة جيدة.

في متجره للهواتف النقالة في مدينة رفح، يستقبل إبراهيم مخيمر الكثير من الصحافيين والمراسلين. وأكد أن هؤلاء هم "أكثر فئة تستخدم الشريحة الإلكترونية، لنقل الصورة الصحافية إلى العالم الخارجي في ظل سعي الاحتلال (لأن يتمّ) تجاهل قطاع غزة وألا يقوم العالم الخارجي بدعم القطاع الذي لا يتمتع بأي مقومات للحياة".

وإضافة الى الصحافيين، أكد مخيمر أن هذه الشرائح تلقى إقبالاً من عناصر "الإسعاف والدفاع المدني الذين يريدون معرفة أماكن القصف لنجدة من يمكن أن يقدموا له المساعدة"، إضافة الى عاملين مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) "من أجل توجيه البضائع والمساعدات إلى الأماكن الصحيحة من أجل إنقاذ الناس".

وفي حين أن الشرائح تهدف لتعويض انقطاع الاتصالات، تبقى المفارقة في أن تشغيلها رهن توفر الإنترنت، وهو ما يتطلّب "ساعتين أو ثلاث ساعات"، وفق المصور الصحافي ياسر قديح. وأوضح قديح: "لجأنا للعمل باستخدام الشرائح الإلكترونية بسبب انقطاع خدمات الاتصال والإنترنت... لكننا نعاني لالتقاط إشارة جيدة للتمكن من إرسال موادنا الصحافية، إذ تتطلب هذه الشرائح الوجود في أماكن مرتفعة ومفتوحة لتكون الإشارة جيدة". وأوضح قديح أن سعر الشريحة "يتراوح بين 15 و70 دولاراً حسب سرعتها ومدتها" بين أسبوع وشهرين.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش حذرت من أن قطع الاتصالات في غزة قد يكون بمثابة "غطاء لفظائع جماعية ويسهم في الإفلات من العقاب على انتهاكات لحقوق الإنسان". عدا عن دورهم في نقل صورة الحرب، بات الصحافيون الفلسطينيون في غزة الذين تتوفر معهم شريحة إلكترونية صلة وصل بين سكان القطاع وأقاربهم في الخارج.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون