الذكاء الاصطناعي والغناء: أصوات تُبعث من جديد

22 مايو 2023
وضع عمرو مصطفى صوت أم كلثوم على لحن له (فيسبوك)
+ الخط -

أصبحت تقنية الذكاء الاصطناعي موضع نقاش كبير فيما يخص الفن، خاصة الموسيقى والغناء، بعدما استطاع كثيرون خلال الفترة الماضية، استنساخ أصوات مغنين، ووضعها على أغان لم يؤدوها أصلاً. ورغم وجود بعض تجارب استنساخ أصوات لمغنيات مثل شيرين عبد الوهاب وإليسا وأصالة، فإنه مع إعلان الملحن والمغني المصري عمرو مصطفى، عن استنساخ صوت أم كلثوم على أغنية من ألحانه، لم يرق ذلك لكثيرين، منهم مالك حقوق جميع مصنفات أم كلثوم، المنتج محسن جابر، الذي رد على خطوة مصطفى في بيان إعلامي: "لا يجرؤ أحد، بما فيهم الفنان عمرو مصطفى، أن يستخدم الذكاء الاصطناعي، لاستحضار صوت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، أو استعمال اسمها وصورتها، فهناك حقوق أدبية أبدية لا تسقط بالتقادم".
هذا البيان يمثل مخاوف ولدها تدخل الذكاء الاصطناعي في الصناعة الموسيقية، خصوصاً مع ظهور تجارب لأعمال متقنة تشبه أعمال البشر، وولدت بإدخال بضع كلمات فقط إلى الروبوت الذي نفذ النتيجة.
وبينما يعبر معسكر عن إعجابه بقدرات التكنولوجيا في هذا المجال، يعبر آخر عن مخاوفه واستنكاره، خصوصاً المهنيين الموسيقيين الذين اعتبروا هذه الأغاني انتهاكاً لحقوقهم الفكرية، وتهديداً لمصادر رزقهم.
فإلى أين يصل الذكاء الاصطناعي بالغناء؟ وهل فعلاً يمثّل خطراً على العاملين في الوسط الموسيقى؟
بدورها، أعربت الناقدة الفنية ماجدة خير الله عن تخوفها من تقنية الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أنه مما لا شك فيه أن الأمر بات مرعباً، ليس على المطربين الموجودين فقط، بل على كل من يمتلك صوتاً جيداً ويبحث عن فرصة للغناء.
وأضافت ماجدة أن هذه التقنية بالتأكيد لن تقضي على الوجود البشري في الغناء، لكنها ستساهم في تقليله، أو على أقل تقدير تهديده.
من ناحيته، يقول الناقد طارق الشناوي، إنه لا يرى خطراً على مستقبل الغناء بسبب الذكاء الاصطناعي، فكم من شخص حاول تقليد أصوات مغنين مثل عبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، ولكن أين هي الروح؟
يضيف الشناوي أن الغناء ليس مجرد صوت جميل، ولكن الأهم هو الروح، وبالتأكيد فإن هذه التقنية لا تمتلك تلك الروح. يشير الناقد إلى ما حدث منذ أعوام عدة من محاولة استكمال سيمفونية بيتهوفن العاشرة. ورغم ظهورها إلى النور عبر الذكاء الاصطناعي، فإنها لم تصل أبداً لمرحلة إبداع بيتهوفن، فلا يمكن لأجهزة الكمبيوتر أن تصل لمرحلة الكمال البشري.

أما الموسيقار هاني شنودة، فيقول في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إن الأمر أصبح مخيفاً، وبعد ذلك سيشكل خطراً على تراثنا، فمن الممكن على سبيل المثال أن يجري تركيب أغان لا تليق بأصوات رموزنا الموسيقية، مثل محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وفايزة أحمد.
ويضيف شنودة أنه قبل أن ينتشر هذا الأمر، لا بد من أن يكون هناك تكاتف بين نقابة الموسيقيين وممثلي سن القوانين في الدولة وجمعية الملحنين والمؤلفين، بهدف وضع حد لهذا الأمر، وأن يكون هناك قانون حماية للحقوق الفكرية.
بدوره، أعرب الشاعر الغنائي فوزي إبراهيم، أمين عام جمعية الملحنين والمؤلفين، عن استيائه مما يحدث، خاصة ما فعله الملحن عمرو مصطفى، من استنساخ صوت السيدة أم كلثوم، موضحاً أنه ما هو إلا تشويه للتراث، فالأمر ليس مجرد صوت فقط، بل هناك مساحات في الصوت وتنهيدة وخبرة وتاريخ وأداء متمثلاً في الصوت الذي تملكه كوكب الشرق، ولا يجدي أن يجري اقتصار كل ذلك في تقنية حديثة.
ويوضح فوزي أن جمعية الملحنين والمؤلفين ستتعاون مع نقابة الموسيقيين في مصر، لوضع ضوابط لما يحدث، وعدم الانزلاق وراء التكنولوجيا بسلبياتها والتي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة، فلا بد من التصدي للأمر في بدايته.
وعن الوضع القانون لمستخدمي التقنية في تركيب أغان على أصوات مطربين قدامى، يقول المحامي حسام لطفي، المستشار القانوني لجمعية المؤلفين والملحنين، إنه يعد تعدياً على حقوق الملكية الفكرية، وذلك في حال عدم استئذان أصحابها، سواء في اللحن أو التوزيع والكلمات، وأوضح أن التشريعات القانونية تجرم هذا التعدي.

المساهمون