الدراما العربية المشتركة... جدل النجومية والمضمون

12 ديسمبر 2020
نادين نجيم بين قصي خولي ومعتصم النهار (تويتر)
+ الخط -

لا تزال ظروف الحرب السورية تفرض نفسها على كل مجالات الحياة في سورية، ومنها قطاع الإنتاج الدرامي والفني، إذ انتشرت الأعمال السورية العربية المشتركة، وعلى وجه الخصوص تلك الأعمال السورية اللبنانية بحكم قرب لبنان من العاصمة السورية دمشق، وتشابه تفاصيل البيئة اللبنانية مع السورية.

ولأسباب أخرى تتعلق بتعويض فقد الممثلين السوريين الذين بات من الصعب تجميعهم، بعد أن فرقت الحرب الكثيرين منهم، وصاروا في أماكن بعيدة حول العالم، ليكون الممثلون اللبنانيون البديل الأنسب بالنسبة لصناع الدراما السوريين.

مع طول أمد الأزمة السورية، تطور هذا النوع من الإنتاج، إذ بادرت الشركات اللبنانية بالتصدي لإنتاج أعمال درامية متوسطة وحتى ضخمة. ولم يعد الممثلون اللبنانيون في هذا الإطار تكملة عدد في الأعمال السورية، بل شركاء حقيقيون فيه من حيث الكم وتوزيع الأدوار، الرئيسية والثانوية.

إلا أن هذا النوع من الدراما لا يزال محط جدال بين الطرفين من الممثلين، ومتابعي الدراما المشتركة، ولا سيما السوريين على وجه الخصوص. إذْ لا تزال أصابع النقد تتوجه نحو ضعف أداء الممثل اللبناني مقارنة بالسوري، وهذا ما يثير حفيظة الممثلين اللبنانيين الذين ينتقدون الانتقاص من جهودهم في هذا النوع من الإنتاج.

ويعود هذا النقاش ليطفو على السطح من جديد، بعد تصريحٍ للممثلة اللبنانية نادين نجيم، اعتبرت فيه أن السوريين ليسوا سبباً في شهرتها، في تكرار لحديث لها حول هذا الموضوع، موضحة أنها ليست اللبنانية الوحيدة التي عملت مع "جماعتكم"، في معرض ردها على السوريين الذي أشاروا إلى أنَّها لم تكن لتحقق نجوميتها لولا احتكاكها بالممثلين السوريين، وقالت: "كتير اشتغلوا بس الفرق أنه مش الكل حصد نفس النجاح، لأنه بكل بساطة تعبي وجهدي خلال هذه السنين وموهبتي هي من صنع ربي ونعمة منه، وطموحي وإصراري على النجاح بيرجع لمجهود شخصي".

هجوم نجيم على القائلين بتفوق الممثلين السوريين على نظرائهم اللبنانيين، سبقته انتقادات لحجم الدور الكبير الذي يلعبه السوريون في الدراما السورية اللبنانية المشتركة، تمثيلاً وإخراجاً وكتابة، إذ كان للممثل طوني عيسى تصريح لاذع بهذا الخصوص، معتبراً أن السوريين يأخذون فرص اللبنانيين الذين هم أهل البلد ( ويقصد به مكان الإنتاج).

"العربي الجديد" سألت المخرج السوري مأمون البني، عن تجربة الدراما السورية المشتركة، واللبنانية السورية منها على وجه التحديد، وكيف تأثرت نوعية الدراما السورية بها، وعن نظرته لتقييم أداء الممثل اللبناني خلالها.

وأشار إلى أنه "لا شك أن الدراما المشتركة بين الأقطار العربية كانت وما زالت مطلوبة لما تحصده من نتائج ناجعة من تبادل الخبرات إلى توحيد المضامين التي تلامس الهم العربي المشترك، وتساهم في سهولة توزيعها بين البلدان. لكن في العقد الفائت انتهك بعض المنتجين هذه المشاركة واستغلوها لمآرب ربحيَّة، خاصة أنّ مضامينها أتت بقرارات شفهية من قبل مسؤولي المحطات التلفزيونية، وأقصد هنا المواضيع المستهلكة التي تجذب المشاهد وتشغله عن مشاكله اليومية من الخيانة الزوجية إلى اختيار فتيات جميلات بملابس تبالغ في كشف مفاتن الأنثى".

وأضاف أن "هذه الأعمال التي غذّت النقص من خلال عرض الممنوع دينياً التي يتحمل إثمها صانع الدراما، لأن المشاهد بعقليته وكبته المتوارث سيتابع هذه الأعمال، إذْ أراحت تفكيره من مآسي وآلام آليات القتل والتدمير التي عانى من آثامها".

ورأى البني "لذلك أنتجت الشركات العربية وخاصة اللبنانية أعمالاً في الآونة الأخيرة، لا خبر فيها، ولا تنتمي إلى فصيلة الدراما السورية التي تربينا على واقعيتها والتصاقها بأفراح وأتراح المشاهد، لكنها تثير شغف المشاهد. وإيجابيتها الوحيدة أنها أغنت تبادل الخبرات بين الأقطار. من هذه النقطة يمكن أن نقول إن التجربة اللبنانية أفادت واستفادت من الدراما السورية تقنياً، لكنها ساهمت في الإجهاز على أهمية مضامين الدراما السورية التي كانت ترتكز على المواضيع الحارة من خلال صناع دراما احترموا عقلية المشاهد منذ بدايات التلفزيون السوري إلى بدايات الثورة".

ولا يرى البني "فرقاً بين الممثل اللبناني وبين السوري. لكن الاختلاف هو بين الممثل الذي يمتلك خبرة تؤهله أكثر من غيره. وهذه الخبرة ممكن أن يكتسبها بالإضافة إلى موهبته بالدراسة أو باشتراكه بقدر كبير من الأعمال مع مخرجين ينتمون لمدارس مختلفة"، معتبراً أن "الممثل اللبناني استفاد بخبرته باشتراكه في أعمال مخرجوها سوريون موهوبون".

وزادت في الآونة الأخيرة، ولا سيما في الموسمين الماضيين، ظاهرة الأعمال السورية اللبنانية المشتركة، بعد تأثر الإنتاج بالتعطل الجزئي لعجلة الإنتاج في سورية، فظهرت الكثير من الأعمال تحمل هذه الهوية التي على ما يبدو ستكون هوية درامية منفصلة عن الهوية الخاصة للدراما السورية وتلك اللبنانية، ورغم أن البعض يوجه لها أصابع الانتقاد، إلى أن البعض الآخر يرى مسيرتها في تحسُّن تصاعدي، غير أنه من المبكر الحديث عنها كظاهرة بالنقد المعمق نظراً لحداثتها.

المساهمون