لا شك في أنّ الأعوام العشرة الأخيرة فرضت واقعاً جديداً على الدراما السورية. هذا الواقع الذي اتسم بكثير من التغيّرات في الشكل والمضمون، برزت خلاله ظاهرة الدراما المشتركة، أو التشارك الإجباري نتيجة عدم القدرة على المركزية في الإنتاج، وكذلك التخلي عن القالب المعتاد للأعمال، أي ثلاثين حلقة للموسم الرمضاني. وذهب الكثير من المنتجين إلى إنتاج أعمال لا تخصّ الموسم الرمضاني وحسب، فظهرت السباعيات والعشاريات وأعمال من 15 حلقة لتعرض خارج الموسم، بل كانت وجهتها المنصات، ولم تعتمد على تصدير نفسها للشاشات التقليدية.
لكن الأعوام الثلاثة أو الأربعة الماضية، أفرزت أعمالاً اعتمدت في بطولتها على ممثلين من الصف الرابع أو الخامس من صفوف الممثلين السوريين، بل إن بعض الأعمال خرجت ببطولة ممثلين هم أقرب للكومبارس من ممثلي الصفوف المتأخرة، مقارنةً بمشاركاتهم في أعمال سابقة.
الأمثلة كثيرة في هذا الجانب. لكن الأسئلة مطروحة ومشروعة عن اللجوء إلى دفع هؤلاء إلى أدوار البطولة، ولا سيما أن معظمهم لا يتسم بالكفاءة أو الموهبة. بل إنَّ تصدر هؤلاء لأدوار البطولة، لم يدفعهم إلى تقديم مستوى أفضل، بل ظهروا كما السابق، وبذات الانطباع لدى الجمهور، أي كومبارس في دور البطولة.
ورغم أن نسبة هذه الأعمال لا تتجاوز الـ 20 بالمئة من الأعمال المقدمة في كل عام أو موسم، لكنها باتت تهدد نوعية الدراما السورية بالعموم. المواصلة قد تزيد النسبة، ما يعني أن الانحدار في مستوى الدراما السورية المعروفة بتماسكها، قد يفكك واحداً من أهم عناصرها، ألا وهو النجومية، وتمكن النجوم من تقديم محتوى جيد بكفاءتهم.
يشير المخرج والناقد الفني، نضال قوشحة، إلى أن هذا الشكل من الأعمال كان دائماً موجوداً في الدراما السورية، لكن ليس بالنسبة التي عليها اليوم، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن الفيصل في هذا الأمر شركات الإنتاج. ويضيف: "الشركات التي تنتج هذه الأعمال شركات إنتاج بسيطة وضعيفة الإمكانات، إذا قمنا بتصنيفها بالنجوم، يمكن اعتبارها شركات إنتاج بنجمتين من خمسة".
ويرى الناقد قوشحة، أن اللجوء لإنتاج أعمال كهذه منحى غير جيد وسليم، لكن بعض الممثلين، ولا سيما الممثلات، يقبلون بالمشاركة بأعمال دون أجر، ليكون لهم الحضور في دور البطولة، وربما هذا ما أغرى شركات الإنتاج للانسياق وراء تقديم هذه الأعمال، نظراً لانخفاض التكلفة عليهم. ويتابع: "هؤلاء الممثلون يحتاجون فرصة، فيعملون من خلالها على منحيين، أولهما شاقولي، ثم أفقي، أي تحقيق الانتشار، ثم تكون لهم رفاهية الخيار بعد تحقيق الانتشار. وتتلقّف شركات الإنتاج هؤلاء الممثلين الذين ربما تخرجوا من المعهد العالي للفنون المسرحية لتوّهم، أو لم يتخرجوا، أو حتى من غير الخريجين، ويقدمون نفسهم بقوة من خلال بطولة الأعمال".
ويأسف قوشحة على أن بعض هذه الأعمال شاركت فيها أسماء كبيرة إلى جانب ممثلين من الصفوف المتأخرة، ومبرر ذلك بحسبه بالنسبة إلى النجوم أو أصحاب الأسماء الكبيرة، تحقيق عائد مادي، أو لديهم استراحة لمدة معينة من تصوير أعمالهم الرئيسية، وهناك أمثلة كثيرة، كعبد المنعم عمايري وغيره. وبحسب قوشحة، فإن بعض الممثلين المغمورين الذين يعتبرون أنفسهم نجوماً أو يستحقون فرصة أفضل، يلجأون إلى المشاركة في أعمال من تصنيف أعمال الصف الثالث أو الرابع يقدم من خلالها دور البطولة، فيشاركون في هذه الأعمال حتى دون قناعة، لتحقيق هذه الهدف.