الدراما الأردنية رهينة العشوائية والمحلية
يُجمِع كتاب وصحافيون أردنيون على أنّ الأعمال الدرامية الرمضانية، لم تتجاوز حدود المحلية، وبقيت تدور في إطارها التقليدي، على الرغم من محاولة تطعيم بعض المسلسلات بنجوم عرب.
وفي نظرة إلى المسلسلات التي أُنتجت للموسم الحالي، نجد أنّ خريطة العرض أسقطت مسلسلين، هما "ذهب أيلول" الذي شهد عودة "المركز العربي للإنتاج" بعد غياب استمر لست سنوات، وقيل إنّ سبب عدم عرض المسلسل يعود إلى رغبة الجهة المنتجة بعرضه على منصة إلكترونية مدفوعة. المسلسل الآخر هو "ثمن الجديلة" الذي أجلت جهته المنتجة، وهي التلفزيون الكويتي، عرضه لعدم الرغبة بتقديم مسلسلين بدويين في الوقت نفسه.
بينما حفل مسلسل "حضور لموكب الغياب" بتراشق إعلامي، بين منتجه سيف الدين عبد العزيز، ومؤلفه الكاتب السوري محمد ماشطة؛ إذ اتهم الكاتب المنتج بالسطو على العمل، ورد المنتج باتهام الكاتب وبعض نجوم العمل بالابتزاز.
يرى الكاتب نضال البربري أن الدراما الأردنية أخفقت كالعادة في الوصول إلى جمهورها المحلي، قبل التفكير في الجمهور العربي. يقول: "الأصل أن تقدم الدراما الأردنية قضايا اجتماعية معاصرة أو إنسانية. لكننا، كالعادة، لم نستطع تقديم العمل الذي يغري الجمهور بالبحث عن المسلسل الأردني لمشاهدته، وبقيت الأعمال الدرامية تدور في فلك عدم المتابعة الجماهيرية".
يضرب البربري مثلاً بمسلسل "المشراف": "أنتج التلفزيون الأردني مسلسلاً يحكي في قسم هام منه عن بطولات الجيش العربي في فلسطين، لكننا فوجئنا بحجم الإنتاج الضعيف، وقلة الاهتمام بالسرد التاريخي للأحداث، فضلاً عن ندرة تسويق العمل. كلها عوامل مهمة في إبراز الدراما الأردنية التي تبدو رهينة العشوائية والتخبط في اتخاذ القرارات".
في حين ترى الكاتبة رنا حداد أنّ الدراما الأردنية تحتاج للخروج من إطار المحلية، ومناقشة أفكار تهم المجتمع العربي، لكنها تربط ذلك بوجود قرار سيادي حكومي، بدعم الإنتاج الدرامي الأردني: "هناك حاجة ملحة ضمن الدراما التي ترسم هوية الشعوب، وتبث قضايا مجتمعية، تتمثل بضرورة الاهتمام الرسمي بالإنتاج الفني ودعمه للخروج بأعمال درامية منافسة". تشير حداد إلى أنّ أدوات الإبداع متوفرة، لكن ينقصها الدعم الرسمي والإيمان بأنّ الفن هو الذي يعكس حضارة الدولة ومجتمعها: "كل مبدعينا الذين خرجوا للعمل عربياً، تألقوا ونجحوا، وهذا يدل على أنّنا بحاجة لإدارة الإبداع ورسم الاستراتيجيات الناجعة لاستحداث منتج درامي أردني مشاهد محلياً وينافس عربياً".
يردّ الكاتب طلعت شناعة صعوبة منافسة المسلسلات الأردنية لنظيراتها العربية، إلى ظروف الإنتاج الصعبة، وانسحاب عدد من المنتجين من الساحة لعدم قدرتهم على تحقيق مردود من الأعمال التي ينتجونها، ولا تُسوّق عربياً، ضارباً المثل بالمنتج عصام حجاوي الذي قدم هذا العام خمسة أعمال، معتبراً أنه يصفق وحده في الساحة المحلية الأردنية.
يقول شناعة: "نحن في الأردن نقدم دراما (على قدّنا وعلى قدّ فلوسنا)، رغم محاولات كثيرة تبذلها شركات الإنتاج القليلة، ومنها مؤسسة الحجاوي، للانتشار عربياً، لكننا نعاني من غياب استراتيجية واضحة لدعم المنتج الدرامي المحلي".
يضيف: "كما أن المشكلة ربما تكون متعلقة بالمُشاهد وذويه، الذي فرضت عليه الدراما المصرية والسورية والخليجية نوعيات جاذبة من المواضيع التي تشدّ الجمهور للأعمال، مثل وجود نجوم كبار أو مشاهد عنف، إضافة إلى حرص المحطات التلفزيونية الأردنية والعربية على عرض أعمالها المتميزة، في توقيت واحد وهو التاسعة والنصف مساء؛ أي بعد موعد الإفطار بساعتين، ما يحول دون قدرة المُشاهد على متابعة أغلب هذه الأعمال دفعة واحدة".
ويرجع الفنان أحمد الكردي عدم اهتمام الجمهور الأردني بالأعمال المحلية إلى غياب المحتوى والتشويق في هذه المسلسلات: "يفضل الجمهور متابعة الأعمال التي تقدم محتوى جاذباً لهم، أو العمل الذي يقدمه نجوم كبار لهم تاريخهم. ونحن في الأردن نشكو من غياب الأفكار الطازجة، كون معظم الأعمال تدور في فلك واحد منذ عشرين عاماً، كما أنّ الممثلين الأردنيين منشغلون بأعمالهم العربية".
يشير الكردي إلى أنّ تطعيم بعض المسلسلات الأردنية بنجوم عرب يخدم العمل نفسه ولا تخدم الدراما الأردنية بشكل عام: "الهدف الأساسي هو جذب الجمهور العربي إلى المسلسل الأردني، لكنّ تجربتنا في هذا المضمار كما في مسلسل (جلطة) الكوميدي، إذ جلبنا الفنان العربي المعروف لدى للجمهور الأردني، ولم نذهب بنجومنا الأردنيين إلى الجمهور العربي".