الاعتداءات على الصحافيين التونسيين... عنوان للتضييق على الحريات

30 سبتمبر 2021
تحدث الجسم الصحافي عن عودة التضييق (فتحي بلعيد/Getty)
+ الخط -

ارتفع منسوب الاعتداءات على الصحافيين في الفترة الأخيرة بشكل غير مسبوق في تونس، إذ تمّ أمس الأربعاء الاعتداء على ثلاثة صحافيين فى أماكن مختلفة أثناء أدائهم عملهم.

الاعتداء الأول حصل من قبل عون أمن بالزي الرسمي، حيث قام بمنع الصحافية، فايزة العرفاوي، العاملة بإذاعة "أي أف أم" الخاصة، من العمل خلال عملها على تقرير مصور حول ارتفاع الأسعار بمنطقة المرسى بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية. واقتادها العون إلى مركز الأمن، حيث تم تحرير محضر ضدها بتهمة التصوير من دون ترخيص.

كما أذنت النيابة العامة بإحدى المحاكم بالعاصمة التونسية بإحالة أسامة الشوالي، الصحافي ببرنامج "الحقائق الأربع" الذي يبث على قناة "الحوار التونسي" الخاصة، بتهمة "الإيهام بجريمة" على خلفية شكاية ضده وهو بصدد القيام بعمل صحافي استقصائي.

واقتادت قوات الأمن بالزي الرسمي، صباح أمس الأربعاء، الشوالي والمصور الصحافي مكرم المفتاحي والمنسق حسام الفرشيشي، إلى مركز الأمن بمنطقة سيدي البشير بتونس العاصمة، بعد القبض عليهم في مقبرة "الجلاز" خلال عملهم على تحقيق استقصائي حول تجارة الجماجم البشرية. وقد تم احتجاز الفريق الصحافي لأكثر من 5 ساعات بمركز الأمن بسيدي البشير. 

مسلسل الاعتداءات تواصل في نفس اليوم حيث اعتدى أحد عناصر الأمن على ليليا الحسيني، الصحافية بـ"الإذاعة الوطنية"، وهي إذاعة رسمية، كما تمّ الاعتداء على مرافقها المحامي ياسين عزازة.

وتنقلت الصحافية للتثبت مما راج من أخبار عن الانسحاب العسكري من محيط مجلس نواب الشعب، لكن العنصر حاول مصادرة معداتها، واعتدى عليها بالعنف واقتادها إلى مركز الأمن بباردو القريب من مقر البرلمان التونسي.

وعند توثيق الصحافية لحادثة الاعتداء على المحامي، عمد المعتدي إلى انتزاع هاتفها وتعنيفها، مما استوجب تنقلهما إلى المستشفى.

وأكدت ليليا الحسيني أنها تعرضت إلى الاعتداء بشكل بشع، إذ تمّ ركلها والمحامي المرافق لها وتوجيه لكمات لهما عند صعودهما سيارة الشرطة، معتبرةً أن ذلك مؤشر على تراجع خطير في حرية الصحافة التونسية.

النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين عبّرت عن إدانتها بشدة لهذه الاعتداءات، معتبرةً أن تواصل الاعتداءات الأمنية انعكاس واضح لتواصل دولة البوليس وعدم القطع مع سياسات المنظومات السابقة، ومؤشر على المخاطر التي تهدد حرية الإعلام من خلال ترهيب الصحافيين والتضييق على حرية العمل الصحافي.

ونددت النقابة بعدم توفر الإرادة لدى وزارة الداخلية للتصدي لتجاوز منظورها للقانون، وبعجز هياكل الدولة عن ممارسة دورها الأساسي في حماية مواطنيها ومواطناتها.

"العربي الجديد" كان له اتصال مع نائبة نقيب الصحافيين التونسيين، أميرة محمد، التي أرجعت أسباب ارتفاع منسوب الاعتداءات على الصحافيين التونسيين إلى محاولة البعض استغلال فترة الفوضى التي تعيشها تونس، واستغلال التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي، قيس سعيد، يوم 25 يوليو/تموز 2021 لتجاوز القانون. وختمت بأن ذلك مؤشر أيضاً على عودة سيطرة البوليس على المشهد التونسي بعد فترة من الهدنة النسبية.

وأضافت أميرة محمد أن استغلال أعوان الداخلية لتهمة جاهزة توجه للصحافيين، وهي "هضم جانب موظف رسمي"، أصبحت بمثابة السيف المسلط على رقاب الصحافيين، داعية إلى مراجعة هذه التهمة التي يهدف البعض من خلالها إلى ترهيب الصحافيين وتكميم أفواههم، والعودة بهم إلى مربع الاستبداد الأول.

ولم تنفِ أن هذه الممارسات كانت موجودة منذ سنة 2011، لكن ارتفع منسوبها مؤخراً رغم النداءات المتكررة للنقابة الوطنية للصحافيين، ودعواتها المتتالية إلى احترام خصوصية العمل الصحافي، وضمان السلامة الجسدية للصحافيين أثناء أداء عملهم.

وأشارت أميرة إلى أن "سعي البعض إلى تكميم أفواه الصحافيين لن يتحقق، وأن النقابة والحزام الداعم لها سيقفان بالمرصاد لكل هذه الممارسات غير المقبولة والمدانة والمرفوضة مهما كان مأتاها، فحرية الصحافة في تونس خط أحمر لا يمكن لأي كان تجاوزه أو الاعتداء عليه".

المساهمون