الإعلام يدرس تأثير غزة والأقليات على الانتخابات البريطانية

03 يوليو 2024
في لندن، 12 يونيو 2024 (مايك كمب/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- المسلمون في بريطانيا يلعبون دورًا حاسمًا في الانتخابات، خاصة في الدوائر الهامشية، حيث يشكلون أكبر أقلية دينية ويمثلون الأغلبية في 129 من أصل 220 دائرة، مما يعزز من تأثيرهم السياسي.
- حملة الصوت المسلم تكتسب زخمًا بدعم المرشحين المؤيدين لفلسطين، مع تحول في السلوك الانتخابي وانخفاض نسبة التصويت لحزب العمال، وسط تساؤلات حول مصداقية الحملة واتهامات بنشر معلومات مضللة.
- تأثير القضية الفلسطينية يبرز في السياسة البريطانية والسلوك الانتخابي للجاليات المسلمة، مع تحول فلسطين إلى قضية مركزية توحد الجاليات وتعزز من تأثيرهم السياسي، مما قد يؤدي إلى تغييرات في توجهات التصويت.

أظهر تقرير نشرته صحيفة ديلي تليغراف في 22 يونيو/ حزيران الماضي بعنوان "تصويت المسلمين قد يكون حاسماً في معظم الدوائر الانتخابية الهامشية" مدى التأثير الذي يملكه المسلمون في الانتخابات البريطانية إذ تشير التحليلات إلى أنّهم يشكلون أكبر أقلية دينية في أكثر من نصف هذه الدوائر.
واستند التقرير إلى استطلاع جديد من جمعية هنري جاكسون، بيّن أن التصويت المسلم يمكن أن يكون حاسماً في العديد من الدوائر الانتخابية الهامشية أو المقاعد المتأرجحة التي يكون هامش الفوز فيها 10% أو أقل. وفقاً للتقرير، يشكّل المسلمون أكبر أقلية دينية في 129 من أصل 220 دائرة انتخابية هامشية، بنسبة تصل إلى 58.6%، في حين حل الهندوس في المرتبة الثانية بنسبة 10.5%، والسيخ في المرتبة الثالثة بنسبة 2.7%. تشكل هذه الدوائر الهامشية 220 مقعداً من أصل 650 مقعداً في الانتخابات، أي 33.8%.
وسلط التقرير الضوء على التأثير المتزايد للتنوع العرقي والمهاجرين على الانتخابات البريطانية حيث تلعب الأقليات دوراً مهماً في عملية الاقتراع، يكبر مع مرور الزمن، إذ يملك الصوت المسلم والعربي في بريطانيا اليوم تأثيراً أكبر بكثير مما كان عليه قبل عشرة أعوام.
بدورها، خصصت صحيفة ذا تايمز البريطانية تحقيقاً لحملة الصوت المسلم في 24 يونيو الماضي بعنوان "حملة الصوت المسلم تدعم المرشحين للانتخابات الذين يبرّرون فظائع 7 أكتوبر".
وأشار التقرير إلى تزايد النفوذ السياسي لحملة الصوت المسلم، التي تسعى إلى معاقبة حزب العمال على موقفه من الحرب على غزة عبر الترويج للمرشحين المؤيدين لفلسطين في الانتخابات البريطانية العامة. كما أثار تساؤلات حول مصداقية هذه الحملة والمعايير التي تتبعها في اختيار المرشحين، زاعماً أنّها "مدعومة من رجال دين نشروا معلومات مضلّلة حول هجوم حركة حماس" على المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
تناول التقرير تصريحات أحد المستشارين في حملة الصوت المسلم، وصف قرار الحكومة بتصنيف "حماس" منظمة إرهابية بأنّه "خطأ فادح"، مقارناً ذلك بتصنيف نيلسون مانديلا بوصفه إرهابياً سابقاً. كذلك، أشار التقرير إلى أن بعض المرشحين المدعومين من الحملة "نشروا نظريات مؤامرة معادية للسامية وبرّروا أعمال العنف في السابع من أكتوبر".
انطلقت حملة الصوت المسلم في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد خيبة أمل المجتمعات المسلمة من موقف حزب العمال تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة، لافتةً إلى أن نسبة التصويت لحزب العمال انخفضت 18% في الدوائر التي تزيد فيها نسبة المسلمين عن 20%. 
ونشرت صحيفة ذا غارديان في 24 يونيو مقالاً بعنوان "هل ستؤثر غزة على الانتخابات؟"، تطرق إلى تأثير العدوان على غزة على السياسة البريطانية، خاصة في المناطق ذات الأغلبية المسلمة. أشار إلى أن قضية فلسطين صارت مصدراً للإحباط السياسي لدى العديد من الناخبين المسلمين والعرب يبعدهم عن حزب العمال وعن السياسة عموماً. يعكس ذلك شعور الجاليات بالخيانة من الأحزاب الكبرى تجاه القضايا المهمة لهم، ويدفعهم إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات، أو التحوّل إلى دعم الأحزاب الصغيرة والمستقلين الذين يتبنون مواقف مؤيدة لقضاياهم.

في الوقت نفسه، رأت الصحيفة أن فلسطين تحوّلت إلى جسر يساعد في بناء التضامن بين الأفراد والجاليات ذات الخلفيات والأوضاع المعيشية المتشابهة، إذ تخلق بينهم شعوراً بوجود قضية مشتركة يمكن أن توحدهم وتزيد من تأثيرهم السياسي.
قد تؤدي هذه التحولات إلى تغيير في توجهات التصويت لدى بعض الناخبين، خاصةً في الدوائر الانتخابية ذات الأغلبية المسلمة أو العربية على المدى القصير، ممّا قد يكون له تأثير مباشر على نتائج الانتخابات البريطانية المقبلة. أمّا على المدى الطويل، فيمكن أن يساهم الإعلام في تشكيل السياسات الحزبية والمواقف الرسمية تجاه قضية فلسطين، مما يعزّز من تأثير الجاليات المسلمة والعربية على السياسة البريطانية.
وخلال المناظرة التي جرت في 26 يونيو بين رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وزعيم حزب العمال كير ستارمر، تعالت أصوات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين خارج المبنى. مع ذلك، لم يتطرق أي من الطرفين أو الحضور إلى حرب غزة أو مواقف حزبي المحافظين والعمال حولها، على الرغم من أنها مواضيع حساسة تؤثر تأثيراً مباشراً على الجاليات المسلمة والعربية في بريطانيا. اكتفت المذيعة بالقول: "ربما تسمعون هتافات وأصواتاً، هناك مظاهرة في الخارج ممّا عكس ديمقراطيتنا في هذه البلاد"، متجنبةً الإشارة إلى أنها احتجاجات مؤيدة لغزة.
عكس ذلك التحديات التي تواجهها الأحزاب الكبرى في معالجة القضايا الدولية التي تؤثر على قواعدها الانتخابية المحلية. على الرغم من الأهمية المتزايدة للأصوات المسلمة والعربية، فإن تجاهل هذه القضايا في المناقشات الرئيسية يشير إلى عدم الرغبة في التورط في مواضيع قد تكون مثيرة للجدل أو تقسم الناخبين.
وسواء تجاهل زعماء الأحزاب الكبرى المسألة الفلسطينية أم لا، تستمر هذه القضية في لعب دور مركزي في تشكيل السلوك الانتخابي للجاليات المسلمة والعربية في بريطانيا. 

المساهمون