الإعلام الأميركي: لا غزة موجودة ولا أهلها يُقتلون

بيروت

ماجدولين الشموري

avata
ماجدولين الشموري
صحافية لبنانية؛ محرّرة في قسم المنوعات.
11 أكتوبر 2023
الإعلام الغربي يعلن انحيازه لإسرائيل
+ الخط -

حالة استنفار في الإعلام الغربي منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب القسّام، الذراع العسكرية لحركة حماس، السبت، رداً على جرائم الاحتلال المستمرة بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة وعدوانه على المسجد الأقصى.

وكعادته، يستميت الإعلام الغربي، وتحديداً الأميركي، في الدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي وتصوير جرائمه على أنها مجرد "دفاع عن النفس" أمام "إرهابيين". لا مكان لأصوات الفلسطينيين وشهاداتهم، وإن وُجد، فهو في الترتيب الأدنى، وكأنه محاولة للحفاظ على بعض من ماء وجه هذه المؤسسات التي تدّعي الموضوعية.

لا جديد في كلّ هذا. لكن ما يزيد الطين بلّة هو هذه الاستماتة عند المؤسسات الإعلامية للدفاع عن نظام فصل عنصري يروّع ويقتل الفلسطينيين كلّ يوم، لا فقط عبر استخدام مصطلحات تقطر دماً لتصوير الاحتلال على أنه "حق في الوجود"، وجرائمه على أنها "دفاع عن النفس"، وقتلاه على أنهم "مدنيين عزّل"، إن عبر التغطية الإخبارية أو عبر فتح صفحاتها وشاشاتها لمحللين ومعلقين وكتّاب إسرائيليين حصراً، بل أيضاً عبر توريط نفسها من خلال مقالاتها التحريرية التي تعلن فيها انحيازها لجانب القاتل والمحتّل وتطالب بدعمه و"إنقاذه".

صحيفة نيويورك تايمز نشرت مقالاً لهيئتها التحريرية، الاثنين، تحت عنوان "الهجوم على إسرائيل يتطلب توحداً وعزيمة". في مقالها هذا، وصفت "نيويورك تايمز" ما يحصل بـ"هجوم إرهابي وحشي شنته حماس على إسرائيل"، وأضافت أنه "تراجيدي، ومن النوع الذي قد يغير مصير دولة ومنطقة بأكملها". تباكت على "الإسرائيليين الذين يترنحون من الصدمة أمام عدد القتلى والجرحى والمحتجزين كرهائن، بينما العالم كله يحد معهم". وبالنسبة لهذه الصحيفة الأميركية، فإن "مما أثار رعب العالم أنهم هاجموا (أي الفلسطينيين) المدنيين ــ بمن فيهم كبار السن والنساء والأطفال ــ واحتجزوهم كرهائن".

ولم يغب عنها استحضار معاداة السامية لتوصيف ما يتعرض له الإسرائيليون بأنه "تذكير مأساوي بمدى ضعف إسرائيل دائماً، وخاصة في وقت تتزايد فيه معاداة السامية العالمية". وفي محاولة للعب على وتر المأساة الأميركية، شبهت الصحيفة ما يحدث في إسرائيل بأنه تكرار لاعتداء 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في نيويورك.

ودعمت "نيويورك تايمز" موقف الإدارة الأميركية، إذ قالت إن الرئيس جو بايدن "كان محقاً في التعبير عن دعم أميركا الكامل لإسرائيل في هذه اللحظة المؤلمة. والولايات المتحدة، باعتبارها الحليف الأقرب لإسرائيل، لديها دور حاسم لتلعبه"، فيما أشارت إلى أن حكومة إسرائيلية "موحدة" هي "أفضل فرصة أمام إسرائيل للدفاع عن نفسها ضد العدوان، كما فعلت مرات عدة في تاريخها"، ورأت في هذه الحرب فرصة لتوحيد الأميركيين المنقسمين أيضاً، إذ اعتبرت أنه "بالنسبة للجمهوريين في الكونغرس، فهذه مناسبة لتجاوز الخلل السياسي والوقوف مع إدارة بايدن، لإظهار التصميم ودعم إسرائيل والسلام والاستقرار في المنطقة". ولم يغب عنها التأكيد على ضرورة الإبقاء على دعم أوكرانيا، إذ "قد يؤدي العنف في إسرائيل إلى تعزيز الدعوات لقطع المساعدات العسكرية عن أوكرانيا. وهذا اختيار خاطئ. إن واجب أميركا كصديق لإسرائيل هو دعمها بحزم، والانضمام إلى الشعب الإسرائيلي في أحزانه، ومواصلة العمل نحو إنهاء دائرة العنف".

أما مواقف هيئة التحرير في صحيفة وول ستريت جورنال فلم تهدأ، فيوم بدء عملية "طوفان الأقصى" كتبت عن "عودة الحرب إلى الشرق الأوسط"، وصورت فيه إسرائيل كمدافعة عن "العالم الديمقراطي" كله، إذ بدأت مقالها بالقول إن "مشاهد المدنيين الإسرائيليين يقتلون بالرصاص في الشوارع، والأطفال والجدات يؤخذون كرهائن، والفلسطينيين يهللون لذلك، كلها مروعة. لكن على العالم تأملها، لأن الهجوم الذي وقع السبت من غزة يظهر حقيقة الفوضى العالمية التي تتوسع شهراً بعد شهر. إن إسرائيل تقف على الخطوط الأمامية، لكن العالم الديمقراطي برمته مستهدف".

ولم تتردد "وول ستريت جورنال" في التحريض على الفلسطينيين بعدما "دُحضت أسطورة أنهم سيعيشون في سلام مع إسرائيل إذا حصلوا على دولة خاصة بهم". وبأياد كأنها تقطر دماً، أعلنت الصحيفة الأميركية للعالم أن عليه التوقف عن إدانة "الحصار" أو "الاحتلال" الذي تفرضه إسرائيل (الصحيفة استخدمت المزدوجين حول هاتين الكلمتين). لماذا؟ لأن "إسرائيل تسمح لـ17 ألف شخص من سكان غزة بالعمل فيها كل يوم، وترغب في رفع هذا العدد. فالمنتقدون الغربيون لإسرائيل لا يعيشون في نطاق صواريخ حماس أو حزب الله التي توفرها لهم إيران. وليس عليهم أن يخشوا من جر أجدادهم من منازلهم وسجنهم في قبو تابع لحماس لمقايضتهم إذا لم يقتلوا. ولا تستطيع أي حكومة إسرائيلية أن تتخلى عن سيطرتها على المزيد من الأراضي التي يمكن أن تصبح نقطة انطلاق لهجمات حماس"، وشددت على أهمية عدم تردد الإدارة الأميركية وإقدامها على "مد إسرائيل بالعتاد والدعم الدبلوماسي الضروري لتدمير حماس والقدرة العسكرية لحزب الله".

في اليوم التالي لبدء "طوفان الأقصى"، سلطت "وول ستريت جورنال" هجومها على الديمقراطيين الأميركيين الذين دعوا الإسرائيليين والفلسطينيين إلى "إنهاء العنف"، واعتبرت هذه الدعوة بمثابة "منح ترخيص لحماس". وحرضت الصحيفة على النائبتين إلهان عمر وألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، وانتقدت تصريحاتهما بشأن ضرورة وقف إطلاق النار، "فهل من المفترض أن تتسامح إسرائيل مع هذا القتل المتعمد ولا تنتقم ممن خطط له ونفذه؟".

في اليوم الثالث لـ"طوفان الأقصى"، صعدت الصحيفة خطابها الداخلي، فدعت واشنطن إلى "أن تستفيق"، فـ"عودة الحرب ضد إسرائيل ليست حدثاً معزولاً. إنها أحدث حلقة في تفكك النظام العالمي حيث أصبحت الإرادة السياسية الأميركية والتفوق العسكري موضع شك".

وإلى جانب تشبيه العملية ضد الاحتلال باعتداءات 11 سبتمبر في الإعلام الأميركي، اختارت شبكة سي أن أن بخبث استعادة تفجير مقر مشاة البحرية الأميركية (مارينز) في العاصمة اللبنانية بيروت، في 23 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1983، ووصفته بأنه "كان هذا الهجوم الأكثر دموية ضد مشاة البحرية الأميركية منذ معركة إيو جيما عام 1945 (معركة في جزيرة إيو جيما بين القوات الأميركية المتمثلة بمشاة البحرية والقوات اليابانية). والرسالة من هذه الاستعادة هي القول للأميركيين إن عليهم التدخل أكثر دعماً لإسرائيل، لأن هذه الحرب هي حربهم هم أيضاً.

وفرد الإعلام الغربي صفحات لتحليل وتغطية "مأساة" القتلى الإسرائيليين الـ250 الذين كانوا يشاركون في حفل موسيقي قرب الحدود مع غزة، فيما واصل إشاحة نظره عن مآسي مليوني فلسطيني يحاصرهم الاحتلال منذ 17 عاماً في الوقت الذي تتواصل فيه الاعتداءات العسكرية المدمّرة عليهم، والتي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين وتدمير عشرات آلاف المنازل والمنشآت المدنية.

يذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أعلن الحصار الكامل على غزة، الاثنين، قائلاً "نفرض حصاراً كاملاً على مدينة غزة، لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود، كلّ شيء مغلق، نحن نحارب حيوانات بشرية، ونتصرف وفقاً لذلك". وأكدت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، أن هذا الحصار "محظور" بموجب القانون الدولي الإنساني. ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية تصريحات غالانت "المقززة" بأنّها "دعوة لارتكاب جرائم حرب".

ذات صلة

الصورة
طلاب مناصرون لفلسطين يعتصمون في جامعة ملبورن، 15 مايو2024 (مارتن كيب / فرانس برس)

مجتمع

فتحت السلطات المختصة تحقيقاً مع جامعة ملبورن لانتهاكها قوانين الخصوصية من خلال استخدام المراقبة للتعرف إلى هويات الطلاب المشاركين في اعتصام مناصر لفلسطين.
الصورة
المشهد حول سجن "عوفر" قبيل ساعات من الإفراج عن أسرى بموجب صفق التبادل (العربي الجديد)

سياسة

دان نادي الأسير الفلسطيني، جريمة الإعدام الميداني التي نفّذها جيش الاحتلال بحق أربعة أسرى من غزة، مشيراً إلى أنها تشكّل جريمة حرب جديدة
الصورة
الفلسطينية راوية عياد، 5 يوليو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

بُترت أصابع يدها اليمنى جراء تعرّضها لإصابة بسبب آلة الفلافل، لتصبح الفلسطينية راوية عياد (47 عاماً) بعد تسعة أشهر من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صاحبة مشروع
الصورة
قمة الترويج للدعاية الإسرائيلية في نيويورك، 30 يونيو 2024 (فيسبوك)

منوعات

​عُقدت الأحد في مدينة نيويورك الأميركية قمة عالمية هدفها ترويج الدعاية الإسرائيلية وقد جمعت أكثر من 300 شخصية مؤثرة في​​​​​​​ وسائل التواصل ومن المشاهير
المساهمون