لعلّ مشجعي كرة القدم هم الأكثر لفتاً للانتباه في الفضاءات العامة، سواء أثناء مواسم الدوريات المختلفة، أو في الأوقات العادية. كثيرون منهم يرتدون قمصان فرقهم أو لاعبيهم المفضلين علناً، كجزء من زيهم الاعتيادي. فالقميص علامة على الانتماء إلى جماعة "المشجعين"، فضلاً عن أنّ نجوم كرة القدم أنفسهم تحولوا إلى أيقونات للموضة، مثل ديفيد بيكهام، وكريستيانو رونالدو. خارج الملعب هم أشبه بعارضي أزياء، بل مشوا على ممرات أشهر المصممين، وأطلقوا صيحات الموضة بسبب شهرتهم العالمية.
الأثر الذي تمتلكه كرة القدم على الأزياء لا يمكن تجاهله، فالمباريات والفعاليات الرياضية ألهمت العديد من دور الأزياء الكبرى، إذ أصدرت علامة لوي فيتون، في عام 2018، حقيبتها الشهيرة التي تحوي كأس العالم (لوي فيتون متعاقدة منذ عام 2010 مع فيفا بخصوص هذا الشأن)، إلى جانب مجموعة حقائب السفر الشهيرة، والمستوحاة من ألوان العلم الروسي الأحمر الذي يحمل رمز LV. ذات الأمر مع علامة Furla الشهيرة، التي أطلقت حقائب اليد النسائية المستوحاة من دمى المتريوشكا الروسيّة، في احتفاء بالزخرفة والاشكال التقليدية الروسيّة، إذ تمثلها هذه الدمية التي دخلت بعد هذا التصميم عالم العلامات التجارية الكبرى.
لا يقتصر الأمر على الحقائب والإكسسوارات، فتمكنت نايكي مثلاً، في المونديال السابق، من الترويج لقميص المنتخب النيجيري، ليس فقط بوصفه زياً رسمياً للفريق، بل عبر تحويله إلى جزء من ثقافة "الشارع"، فاللون الأخضر والزخرفات الجذابة، تحولت إلى جزء من الثياب الرياضية اليوميّة، أما الزي بأكمله يحمل اسم "فور ناجيا" (For Naija)، تشجيعاً لمنتخب نيجيريا الذي فاجأ العالم بهزيمة منتخب الأرجنتين حينها بنتيجة اثنين مقابل لا شيء، لكنه لم يتأهل إلى مونديال هذا العام. لا ننسى أن الاسم السابق تحول إلى رمز لجيل نيجيريا الجديد، الذي كان حينها يحتفل بالذكرى الخمسين لاستقلال البلاد.
مونديال 2014 في البرازيل، لم يكتفِ بتعريف العالم على "فوفوزيلا"، الصفارة التي ملأ "زعيقها" ملاعب العالم وشوارعه، بل طغى اللونان الأصفر والأزرق على كثير من صرعات الموضة. لكن اللافت هو ما أصدرته أديداس بهذه المناسبة؛ عطر يومي للجسد يحمل اسم "استعد" (Get Ready) للرجال والنساء. الحيوية والانتعاش في هذا المنتج، دفعا بعضهم إلى وصفه بأنه قادر على جعل من يضعه أن يبدأ برقص السامبا، بمجرد أن يلامس العطر جسده.
أكثر ما يثير الاهتمام من وجهة نظرنا في ما يخص الأزياء هو المنتخب الإيطالي، الحائز كأس العالم أربع مرات. فعام 2014، صمم عملاق الأزياء دولشي آند غابانا البزّات الرسمية التي ارتداها الفريق أثناء أسفاره، وهو تقليد بدأ منذ عام 2006. وبالطبع، الأعين دوماً تحملق في الفريق الإيطالي الذي ما إن يهبط من الطائرة، حتى يرسم صورة أزياء الرجال طوال العام، لكنّ "الآزوري" سيغيب للمرة الثانية على التوالي عن المونديال. قبل ذلك، في عام 1998 تحديداً، كان جورجيو أرماني هو المسؤول عن تصميم البزّات الرسمية للفريق، فلم يكتفِ بها، بل صمم النظارات الشمسية، ومعطفاً مطرياً، والثياب الداخلية والساعات.
أكثر ما يثير الاهتمام والمخيلة في ما يخص أثر كرة القدم هو حذاء الـ "سامبا" من تصميم أديداس. كان هذا الحذاء في منتصف القرن الماضي جذاباً للاعبين، كونه يلائم الطقس البارد، خصوصاً حين تتجمد أرضيات الملاعب الأوروبيّة، وكان مونديال 1950 الذي ستستضيفه البرازيل المكان المناسب لإطلاق الحذاء، خصوصاً أنّ لُعب في طقس بارد. ما زال الـ"سامبا" واحداً من أشهر الأحذية الرياضية، وحتى الآن هناك كثير من التنويعات على تصميمه. هذا العام، أطلقت "أديداس" تصميماً جديداً مستوحى من المكسيك، تكريماً لاتحاد كرة القدم المكسيكي، والأغلب أننا سنراه في مونديال قطر المقبل، كون ألوان الحذاء جذابة إلى حد لا يمكن تجاهله.