طالب إعلاميون وناشرون الحكومة الأردنية، بسحب التعديلات المقترحة حول أنظمة الإعلام التي قدّمتها هيئة الإعلام وتضمنت بنوداً تقيّد عمل وسائل الإعلام، وتفرض رفع رسوم التراخيص عن المؤسسات الإعلامية، وسط تهديدات ببدء خطوات تصعيدية في حال عدم استجابة الحكومة.
وأجمع الحاضرون، خلال اجتماع لهم، الأربعاء، على اشتراط سحب تعديلات الأنظمة كمتطلب مسبق لبدء أي حوار، مشددين على ضرورة إصدار نقابة الصحافيين "موقفاً واضحاً بعدم بدء أي حوار قبل سحب الأنظمة المعدلة"، وسط تهديدات باتخاذ بخطوات تصعيدية الأسبوع المقبل في حال لم تستجِب الحكومة لمطالبهم.
وطالب الإعلاميون بإقالة مدير عام هيئة الإعلام بشكل فوري، إضافة إلى تشكيل مجلس إدارة لهيئة الإعلام لرسم السياسات الإعلامية، والالتزام بمشاورة الجسم الصحافي في كافة الأمور التي تتعلق بتطوير المهنة وتنظيم عمل المؤسسات الإعلامية كافة.
من جهته، قال القائم بأعمال نقيب الصحافيين الأردنيين ينال برماوي، خلال اجتماع في مبنى النقابة، الأربعاء، إنّ الحكومة أبلغته بتجميد السير نحو إقرار تعديلات أنظمة الإعلام لحين التشاور مع نقابة الصحافيين والجسم الصحافي.
وكانت هيئة الإعلام الحكومية قد أرسلت إلى رئاسة الوزراء نظام تعديلات على "رسوم ترخيص المطابع ودور النشر والتوزيع ومكاتب الدراسات والبحوث، ومكاتب الدعاية والإعلان والمطبوعات الدورية، بالإضافة إلى نظام إجازة المصنفات المرئية والمسموعة ومراقبتها، ونظام معدل لرخص البث وإعادة البث الإذاعي والتلفزيوني"، تمهيدًا لإقراره.
ومن أبرز التعديلات المقترحة: زيادة رسوم ترخيص المواقع الإلكترونية من 50 إلى 500 دينار (70 ـ 700 دولار)، وفرض 2500 دينار (3500 دولار) على منح رخص بث البرامج الإذاعية والتلفزيونية عبر الإنترنت، بالإضافة إلى تعديل ثالث يفرض رسوما على دور النشر.
بدوره، رأى رئيس مركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور، أنّ التعديلات التي أدخلتها الحكومة على أنظمة الإعلام "تستهدف السيطرة على منصات التواصل الاجتماعي، كما أنّ التعديلات تضمنت مخالفات دستورية ومخالفات للمعاهدات الدولية".
وشدد منصور على "ضرورة عدم الركون إلى أي وعد أو تعهّد حكومي"، مشيراً إلى زيارة رئيس الوزراء السابق عبد الله النسور خيمة الصحافيين عام 2012 وتعهده آنذاك بعدم تفعيل قانون المطبوعات والنشر وحجب المواقع، دون أن يتمّ الالتزام بتلك التعهدات.
وقال الكاتب وناشر موقع "سواليف" أحمد حسن الزعبي، إنّ سحب تعديلات الأنظمة هو شرط للحوار، مشدداً على ضرورة عدم إقرار أي قوانين أو أنظمة في المستقبل قبل التشاور مع الأسرة الصحافية.
وقال ناشر موقع "الأردن 24 " باسل العكور، إنّ الحكومة كانت تراهن على "تفكك وتفسّخ الأسرة الصحافية" وضرب وسائل الإعلام تحت الحزام في كلّ مفصل ومنحنى، معتبراً أنّ الاجتماع "يشكّل رسالة بحدّ ذاتها حول موقف الأسرة الصحافية من التعديلات".
وأكدت مطالعة قانونية نشرها "مركز حماية وحرية الصحافيين" الدولي، الأربعاء، أنّ التعديلات المقترحة على الأنظمة المتعلقة بالإعلام، "تتضمن مخالفات للدستور والقانون والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادق عليها الأردن".
وبيّنت المطالعة القانونية التي أعدها محامون وخبراء في قوانين وأنظمة الإعلام أنّ "النظام لا يجوز أن يعدل أو يضيف على النصوص الواردة في القانون"، مؤكدة أن قانون المطبوعات لم يحدد مدة زمنية لصلاحية الرخصة، ولم يشترط تجديدها (تُمنح بموجب القانون لمرة واحدة).
كما أكدت المطالعة أنّ فرض الترخيص المُسبق على البث الإذاعي والتلفزيوني عبر الإنترنت "سابقة خطيرة تضع الأردن في ذيل الدول التي تحترم حرية الإنترنت"، مشيرة إلى أنّ هذا التعديل لا يمكن تطبيقه.
وأشارت المطالعة إلى أنّ النص المقترح في النظام "صيغ بشكل فضفاض ليشمل كافة أنواع البث المباشر على المواقع الإلكترونية ومختلف التطبيقات على شبكات التواصل الاجتماعي".
وطالبت المطالعة الحكومة بسحب هذه الأنظمة المقترحة، وإعادة النظر بها كلياً بما يتوافق مع القانون والحقوق الدستورية وضمانات حرية الإعلام والإنترنت في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن.
وقال رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين يحيى شقير، في بيان، إنّ التعديل وفي حال إقراره "سيكون عرضة للطعن في عدم الدستورية"، داعياً المتضررين إلى توكيل محامين للطعن في أي قرار يستند إلى الأنظمة المعدِّلة إذا جرى إقرارها.