علمت "العربي الجديد" أن أحد خبراء الآثار المصريين البارزين من خارج الحكومة يشارك في لجنة تحقيق أميركية تابعة لمكتب المدعي العام في نيويورك، بقيادة رئيس وحدة الاتجار بالآثار في المكتب ماثيو باغونداس، تحقق في عمليات تهريب آثار مصرية واسعة المجال.
وقال مصدر من داخل فريق التحقيق الأميركي، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن المساهمة المصرية في التحقيق تشمل البحث والتقصي وراء القطع المشتبه في تهريبها من مصر، ومدى تورط مسؤولين في قطاع الآثار.
وأشار خبير آثار مصري إلى أن "ضبط آثار مصرية مهربة بواسطة عصابة تهريب دولية في متحف متروبوليتان في نيويورك، بعد أيام قليلة من اكتشاف لوحة توت عنخ آمون المهربة في متحف اللوفر أبوظبي، يؤكد أن هنالك الكثير من القطع الأثرية التي هُرّبت من مصر خلال العقد الماضي".
وكان المصدر قد كشف لـ"العربي الجديد"، قبل أيام، عن أن "هناك الكثير والكثير من القطع الأثرية التي هربت من مصر إلى الإمارات العربية المتحدة ودول خليجية أخرى، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وما تلاها من أحداث أدت إلى فوضى أمنية وإدارية". ولفت إلى أن "أكثر القطع التي هُرّبت إلى هذه الدول آثار إسلامية، وتحديداً من القطع غير الموثقة، ولذلك يصعب إثبات سرقتها"، موضحاً أن "إثبات سرقة هذه الكنوز يتطلب الكثير من العمل والبحث والتحقيق الذي يقوم به علماء الآثار لتوثيق تلك القطع وإثبات ملكيتها لمصر".
صادرت السلطات في مدينة نيويورك، الأربعاء الماضي، خمسة قطع تزيد قيمتها عن 3 ملايين يورو، كجزء من تحقيق عالمي واسع النطاق شمل مدير متحف اللوفر السابق جان-لوك مارتينيز. وبحسب The Art Newspaper، فإنه بعد ثلاث سنوات من استيلاء متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك على تابوت ذهبي قيمته 3.5 ملايين يورو، أعيد إلى مصر، جرت مصادرة خمس تحف مصرية أخرى قيمتها تزيد عن 3 ملايين يورو من المتحف، بقرار من المدعي العام لمقاطعة نيويورك.
وأفادت الصحيفة المختصة بالشؤون الفنية والثقافية بأن "الضبط هو أحدث تطور في التحقيق حول عصابة تهريب دولية أدت إلى سلسلة من لوائح الاتهام الأسبوع الماضي في باريس، شملت المدير السابق لمتحف اللوفر جان لوك مارتينيز".
وأكد مكتب المدعي العام في نيويورك، لـ The Art Newspaper، تنفيذ مذكرة موقعة في 19 مايو/ أيار من قبل قاضي المحكمة العليا. وتقول المذكرة إن القطع الأثرية الخمس تشكل أدلة تميل إلى "إثبات جرائم الحيازة الإجرامية للممتلكات المسروقة" و"التآمر لارتكاب نفس الجرائم". ووفقاً الصحيفة، فإن أربعة من هذه القطع قادمة من روبن ديب، التاجر الألماني اللبناني الذي يشتبه في أنه الشخصية الرئيسية في عصابة الاتجار. وهو الآن محتجز في باريس وينفي ارتكاب أي مخالفة.
وأوردت الصحيفة أنها تواصلت مع المتحف عدة مرات منذ عام 2019 لسؤاله حول مصير هذه القطع، وما إذا كان سيفكر في إعادتها إلى مصر، وكان دائماً يرفض الإجابة. ولكن، بعد قرار المدعي العام هذا الأسبوع، أكد المتحدث باسم المتحف "أن موظفيه خدعوا بهذه المؤامرة الإجرامية، وكان المتحف متعاوناً بشكل كامل طوال هذا التحقيق وسيظل كذلك".
ووصفت الصحيفة اثنين من هذه القطع بـ"الاستثنائية"، وكانت إحداها لوحة من "وجوه الفيوم" الشهيرة، لسيدة ترتدي معطفًا أزرق، تعود إلى عهد نيرون، وقالت إنها "تعتبر جوهرة مجموعة اللوحات المصرية الجنائزية في المتحف". وأضافت أن الثانية هي "خمسة أجزاء من الجدار المعلق الذي يوضح سفر الخروج المرسوم على الكتان، من القرن الرابع أو الخامس، تشكل أحد أقدم تمثيلات عبور البحر الأحمر"، وموجودة في متحف واشنطن. وقالت إنه "جرى تسجيل أقل من 10 قطع زخرفية عتيقة مماثلة في متاحف مثل متحف نيويورك أو متحف اللوفر".
وكشفت الصحيفة أن "القطعتين بيعتا من خلال دار مزادات بيير بيرجيه في باريس، حيث كان أحد المشتبه بهم الرئيسيين في التحقيق، كريستوف كونيكي، يعمل خبيراً لهذه الآثار". وحسب الصحيفة، يعتقد المحققون أن "مجموعة سيمونيان، وهي ثلاثة أشقاء من أصل أرمني، هم: سيمون وهاغوب وسيروب سيمونيان، والتي كان روبن ديب يعمل معها، هي مصدر التابوت الذهبي الذي اشتري مباشرة من قبل المتحف".
وأكد رئيس وحدة الاتجار بالآثار في مكتب المدعي العام، ماثيو بوغدانوس، وجود شبهات خطيرة حول مصدر هذه القطع. وقالت الصحيفة إنه "بين عامي 2013 و2015، وجنباً إلى جنب مع صورة الفيوم (قيمتها 1.5 مليون يورو) وأجزاء من سفر الخروج (قيمتها 1.3 مليون يورو)، اشترى المتحف أيضاً لوحة من الحجر الجيري، من الأسرة الثالثة عشر (حوالي 1770 قبل الميلاد)، مقابل 250 ألف يورو، ولوحة الأسرة السادسة والعشرين (نحو 650 قبل الميلاد) تمثل مغنياً أمام طاولة قرابين مع قرابين للإله حتحور، مقابل 80 ألف يورو، إذ جرى الاستيلاء عليها في المتحف مع قناع تابوت، قيمه مكتب المدعي العام بمبلغ 6500 دولار (6000 يورو)، وبيع من قبل شركة هولندية تعمل نيابة عن ديب، وفقاً لمصدر قريب من التحقيق".
وحسب الصحيفة، كانت لوحات "خروج اليهود من مصر" وصورة سيدة الفيوم أكثر القطع قيمة في قائمة تضم 29 قطعة أثرية شرقية، بيعت بين عامي 2007 و2019، وجرى التحقيق فيها في باريس من قبل مكتب مكافحة الاتجار بالفنون (OCBC). وقد عرض ديب أربع عشرة للبيع، في أربع حالات باسم والدته أو أخته. كانت إحداها لوحة من مجموعة سيمونيان، تمثل رئيس كهنة أمام مائدة قرابين، جرى الاستيلاء عليها في نيويورك في طريقها إلى المعرض الأوروبي للفنون الجميلة والتحف (Tefaf) وعادت إلى مصر عام 2020.