افتتاح الأولمبياد... لحظات من تاريخ فرنسا

29 يوليو 2024
ألقى الوفد الجزائري الورود في النهر تكريماً لضحايا مجزرة عام 1961 (كارمن مانداتو/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **انتقادات حفل الافتتاح**: تعرض حفل افتتاح الأولمبياد في فرنسا لانتقادات بسبب اختيار المغنية آية ناكامورا، حيث اعتبرها اليمين المتطرف "لا تمثل فرنسا".

- **استعراض تاريخ فرنسا**: تميز الحفل بتجسيد تاريخ فرنسا، بما في ذلك مشاهد من الثورة الفرنسية وتكريم الأيقونات الفرنسية، مع جدل حول تنظيف نهر السين وتوزيع الجمهور.

- **الانتقادات السياسية والاجتماعية**: وصف اليمين المتطرف الحفل بـ"بروباغاندا للـWoke"، مع منع العداءة سونكامبا سيلا من المشاركة بسبب الحجاب، وإثارة قضايا حول فصل الرياضة عن السياسة.

بدأت الانتقادات لحفل افتتاح الأولمبياد في فرنسا قبل أشهر، أبرزها تركز اختيار المغنيّة آية ناكامورا للغناء في الحفل، بوصفها "لا تمثل فرنسا" و"لا يمكن فهم ما تقوله"، حسب تهم اليمين المتطرف، الذي اشتعل غيظاً على وسائل التواصل الاجتماعي حين ظهرت تغنّي ويحيط بها الحرس الجمهوري ويتراقص على موسيقاها. الحفل المبهر الذي استضافته العاصمة الفرنسيّة، ولم تنقطع الأمطار طوال مدة إحيائه، ضمّ كثيراً من المشاهد اللافتة، لكن أبرز ما يمكن الإشارة له هو تاريخ فرنسا، الذي تجلى ضمن العرض، سواء كنا نتحدث عن رأس ماري أنطوانيت المقطوع وهو يغنّي من محبسها في قصر كونسيرغيري، أو لوحات اللوفر التي أطلت من نهر السين تحدّق في القوارب التي تحمل الفرق الرياضيّة.

حاول العرض انتقاد تاريخ فرنسا من وجهة نظر فرنسية؛ الاحتفاء بالعنف الثوري أثناء الثورة الفرنسيّة، تكريم الأيقونات الفرنسيّة، واستعراض تاريخها الفني المعاصر من موسيقى وأزياء وحتى رسوم متحركة، إذ ظهرت كائنات "منيونز" (Minions) في غواصة تحت نهر السين. نهر السين نفسه الذي استضاف الاحتفال كان محط جدل، سواء بسبب محاولات تنظيفه لاستقبال المسابقات، أو توزيع الجمهور على الجسور وعلى أطرافه بعيداً عن الوفود.

لكن ما لم يكن في حساب المنظمين، الذين حاولوا استعراض "كل" الهويات الجندرية والدينية واللونية واللغوية، هو الوفد الجزائري، الذي ألقى الورود في النهر أثناء مروره تكريماً لضحايا مجزرة عام 1961 التي قتل فيها عشرات الجزائريين، ورُميت جثث كثيرين منهم في النهر سيئ السمعة.

الواضح في الاحتفال هو استعادة لحظات محددة من تاريخ فرنسا، والصور النمطية التي أعيد إنتاجها ضمن صيغة كرنفالية أسرت الحاضرين والمشاهدين على الشاشات الذين تجاوز عددهم المليار، لكن وراء الصور النمطية هناك دوماً ما هو مرعب، وربما هذا ما يفسر الصيغة الكرنفاليّة للحفل. حاكى حامل الشعلة بطل لعبة Assassin’s Creed التي صنعتها شركة يوبي سوفت الفرنسية، وبدأ يقفز فوق أبنية باريس، لكنه حاكى أيضاً رياضة الباركور الفرنسية التي نشأت في الضواحي، إذ طوّرها الشبان الذين كانوا يحاولون الهروب من الشرطة التي تطاردهم، فحولوا المدينة من "عوائق" في وجههم، تستفيد منها الشرطة لمحاصرتهم، إلى مساحة للعب وابتكار تقنيات جديدة للهرب، وهذا بالضبط ما يميز الكرنفال، قالباً الأدوار وعاكساً إياها، ليتحول المطارد إلى بطل تحدق فيه الأعين.

حول العالم
التحديثات الحية

لم ينج الاحتفال من انتقادات اليمين المتطرف، فوصفته النائبة ماريون ماريشال بـ"بروباغاندا للـWoke" خصوصاً حين حاكى عرض الـDrag Queens لوحة العشاء الأخير، ما أثار غضب المتدينين، موجّهين له انتقادات شديدة.

الواضح أن الحفل هو محاولة لإعادة النظر في "الماركة الفرنسيّة"، إذ لم نشاهد خبز الباغيت، ولا القبعات الحمراء (بيريه) بل انفتاحاً هائلاً، لكنه علمانيّ جداً، إذ مُنعت العداءة سونكامبا سيلا من المشاركة في حفل الافتتاح مع الفريق الفرنسي في حال أصرت على ارتداء الحجاب، وكان الحل أن ترتدي قبعةً عوضاً عنه، في حين سمح للفرق التي تضمّ محجبات أن يبقين على حجابهنّ أثناء مرور القوارب، ما يعني أن صورة فرنسا وقيمها لا يمكن المساس بها، ولو على حساب الحريات الشخصية. فالفريق الفرنسي في النهاية، يمثل "الدولة" ذات المبادئ التي لا يمكن المساس بها.

لم يخلُ حفل الافتتاح أيضاً من رياضيين أثاروا إشكاليات كبيرة، ولا نقصد فقط الوفدين الإسرائيلي والروسي، بل لاعب كرة الطائرة الشاطئية، الهولندي ستيفن فان دي فيلدي، المدان باغتصاب طفلة بعمر الـ12 حين كان بعمر الـ19، وسبق أن قضى عقوبة مخففة، ثم شارك بالأولمبياد. هنا، يتكرر السؤال الدائم: هل فصل الرياضة عن السياسة يشمل مرتكبي الجرائم؟ الجرائم التي لا تخالف فقط القسم الأولمبي، بل تنتهك الإنسانيّة ذاتها.

المساهمون