نشرت هيئة البث العبرية، الخميس، صوراً ومقطعاً مصوراً لعشرات الفلسطينيين من قطاع غزة، يقتادهم جنود الاحتلال عراة، في ظل أجواء باردة، إلى مراكز اعتقال، وزعمت أن "الهدف هو التحقق مما إذا كان بعضهم من مسلحي حركة حماس أو ناشطين فيها". لكن، ومن بين المعتقلين، تعرّف شهود عيان وصحافيون وأقارب على مراسل "العربي الجديد" في غزة، الزميل ضياء الكحلوت، ما فضح الكذبة الإسرائيلية، وسلط الضوء على الجرائم المستمرة التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين.
وكان مراسل صحيفة "العربي الجديد" من ضمن العشرات من المواطنين الفلسطينيين الذين اعتقلهم الاحتلال الإسرائيلي. وتعمّد الاحتلال إجبار الغزّيين على خلع ثيابهم وتفتيشهم وإذلالهم عند اعتقالهم قبل اقتيادهم إلى جهة مجهولة، وفق ما رواه لنا الأهالي هناك. وانتشرت صور ومقاطع مصوّرة تُظهر اعتقال جنود الاحتلال عشرات الغزّيين بأساليب إجرامية ومهينة.
وقال رئيس تحرير "العربي الجديد" حسام كنفاني إنّ "الاحتلال الإسرائيلي يتعمّد اعتقال الصحافيين واستهدافهم واغتيالهم بهدف منعهم من توثيق جرائمه ومجازره في قطاع غزّة". وأضاف كنفاني: "سنقوم بكل الجهود الممكنة، بالتعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق وحرية الصحافيين في العالم، لتحديد مكان وجود زميلنا ضياء وإطلاق سراحه بأسرع وقت".
كما أصدرت "العربي الجديد" بياناً دانت فيه بشدة "الاعتقال المهين للزميل ضياء الكحلوت وغيره من المدنيين"، داعية "المجتمع الدولي والمنظمات الصحافية والهيئات الحقوقية إلى إدانة هذا الاعتداء المتواصل الذي يمارسه جيش الاحتلال ضدّ الصحافيين منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والعمل على حمايتهم وإطلاق المعتقلين منهم".
وقالت شقيقة ضياء الكحلوت إن القوات الإسرائيلية أجبرته على ترك طفلته من ذوي الإعاقة ندى ثم اعتقلته تحت تهديد السلاح، وجرّدته كحال جميع المعتقلين من الملابس واعتدت عليهم بالضرب المبرح. وأفاد محمد الكحلوت بأن قوات الاحتلال عمدت إلى حرق عدة منازل في منطقة مشروع بيت لاهيا، وشنت حملات اعتقال عشوائية بحق من تبقى من السكان فيها بعد الاعتداء عليهم بالضرب، كما أكد اعتقال إخوته وجميع أبناء عمّه، وبينهم ضياء.
وإضافة إلى الزميل ضياء الكحلوت، أكد رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، رامي عبده، عبر منصة إكس، أنه تعرف على مدير إحدى المدارس التابعة لأونروا وموظف في الأمم المتحدة.
ورداً على سؤال حول هذه المشاهد، زعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، مساء الخميس، أنه "في الشجاعية وجباليا، يدخل الإرهابيون ويخرجون من الأنفاق والمنازل". وأضاف في إحاطة إعلامية: "نحن نحقق ونتحقق من منهم مرتبط بحركة حماس ومن ليس مرتبطاً بها"، بينما يلاحق الجنود الإسرائيليون "الإرهابيين الذين ما زالوا يختبئون في الأنفاق مثل الجبناء".
لكن التعرف على الزميل ضياء الكحلوت وآخرين بين الفلسطينيين المعتقلين فضح أمام الرأي العام العالمي المزاعم الإسرائيلية بـ"ملاحقة الإرهابيين".
وكانت هيئة البث الإسرائيلية، قبل الكشف عن اعتقال عشرات الفلسطينيين الخميس، أعلنت أن قوات الاحتلال اعتقلت 700 فلسطيني إدارياً في غزة منذ بداية العدوان، بموجب "قانون المقاتلين غير الشرعيين".
أصدر الكنيست الإسرائيلي "قانون المقاتلين غير الشرعيين" عام 2002 للسماح بالاحتجاز من دون اتهام لفترات طويلة لمواطنَين لبنانيين، بعد أن قررت المحكمة العليا عام 2000 أنه لا يمكن للجيش الإسرائيلي احتجاز المعتقلين اللبنانيين فقط كـ"ورقة مساومة" لعودة المفقودين الإسرائيليين. لكن المسؤولين الإسرائيليين استخدموا هذا القانون منذ ذلك الحين لاعتقال الفلسطينيين من قطاع غزة لفترات قابلة للتجديد.
وعام 2017، حذّر مركز الميزان لحقوق الإنسان ومنظمة هيومن رايتس ووتش من أن إسرائيل تعتقل فلسطينيي غزة بموجب "قانون غامض لا يضمن الحق في مراجعة قضائية حقيقية وسلامة إجراءات التقاضي"، في إشارة إلى "قانون المقاتلين غير الشرعيين".
وأشارا إلى أن هذا القانون "يضع عبئاً على المحتجز لإثبات أنه لا يشكل تهديداً، بدلا من وضع عبء الإثبات على عاتق سلطات الدولة، كما ينصّ على ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان. سريّة الأدلة تجعل من المستحيل على المحتجز الاعتراض الفعلي على هذه المزاعم. بالإضافة إلى ذلك، يقتصر نطاق جلسة مراجعة المحكمة لتمديد الاعتقال على تحديد ما إذا كان استخدام السلطات التقديرية معقولاً، وهو ما تقيده افتراضات القانون بشكل أكبر".
منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، يشن الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة على غزة، خلفت أكثر من 17 ألف شهيد، 70% منهم من النساء والأطفال والشباب دون سن 18 عاماً، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع.