منذ تسجيل أولى الإصابات بفيروس كورونا داخل قطاع غزة في 24 أغسطس/آب الماضي، انتشرت عشرات المعلومات والإشاعات بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينيين خصوصاً عبر موقع "فيسبوك" وتطبيق التراسل "واتساب". إذ يسارع الناشطون ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في القطاع يومياً لنشر أعداد الإصابات قبل صدور النشرة الخاصة بوزارة الصحة والتي عادةً ما تصدر صباح اليوم التالي للفحوصات، وهو ما يُحدث إرباكاً شديداً بين المواطنين.
وشهدت المرحلة الأخيرة تسريبات لكشوف أسماء المصابين وأعدادهم والتي تارةً ما تكون صحيحة وأحياناً كثيرة ما تكون خاطئة، حيث يجري تداول هذه المعلومات عبر مجموعات "واتساب" الإخبارية ثم سرعان ما تتحول إلى صفحات "فيسبوك". فيما لم تغب القرارات الحكومية التي تتعامل مع الواقع الوبائي في غزة عن ساحة الجدال وفوضى المعلومات من خلال نشر معلومات متكررة عن قرارات مثل إغلاق مناطق في القطاع أو فتح أخرى أو الذهاب نحو إغلاق شامل وحظر للتجوال.
ورغم النفي المتكرر للجهات الحكومية في غزة لهذه المعلومات، إلا أن هناك حالة من فوضى النشر والتسريبات متعلقة بملف كورونا في القطاع، منذ بداية تفشي الجائحة داخل المجتمع وزيادة أعداد المصابين والوفيات. ويلقي بعض المتابعين للشأن المحلي في غزة باللوم على الجهات الحكومية نظراً لتسريب الموظفين الرسميين بعض المعلومات، إلى جانب عدم إطلاع المجتمع بصورة كاملة عن جميع المعلومات المتعلقة بالجائحة. هذا في الوقت الذي يبرر فيه المكتب الإعلامي الحكومي والجهات المختلفة بأنها تعلن يومياً كامل المعلومات الخاصة بتطورات الحالة الوبائية وعدم وجود أية تطورات أخرى، مرجعة السبب إلى رغبة البعض في جمع عدد أكبر من المتابعين أو إثارة الرأي العام.
واتجهت الجهات الحكومية الإعلامية في غزة نحو إحالة العشرات من الناشطين وأصحاب الحسابات التي تقوم بنشر بعض المعلومات أو الأخبار غير الصحيحة إلى النيابة العامة واتخاذ إجراءات قانونية بحقهم. ويقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف إن ما يجري هو نتاج طبيعي في ظل حالة التوتر المتعلقة بأي من الأزمات، غير أن البعض يستغلها إما لكسب عدد كبير من المتابعين، إلى جانب عدم إغفال وجود دور للاحتلال الذي يحاول إرباك المجتمع والجبهة الداخلية من خلال استخدام الدعاية ومواقع التواصل.
ويوضح معروف لـ "العربي الجديد" أنه وخلال انتشار الجائحة كان هناك عدد كبير من الإشاعات والفبركات واختلاق الأخبار الكاذبة، التي يتم تداولها بكثرة من قبل مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي، نتيجة حالة الخوف والقلق. ويشير إلى أن إحدى أبرز الشائعات المتداولة هي الإغلاق التام لمناحي الحياة في غزة وفرض حظر التجوال، بالرغم من كل الإيضاحات الحكومية الرسمية التي تحدثت عن موضوع الإغلاق التام وبينت تفاصيله ومتى يمكن اتخاذ مثل هذه القرارات.
ووفقاً لمعروف فإن الجهات الحكومية في غزة كلما لمست زيادة في أعداد الأخبار المفبركة أو الإشاعات غير الصحيحة، فإنها تقوم بإحالة مروجيها للنيابة العامة لاتخاذ المقتضى القانوني بحق مخالفي محددات النشر المعلنة. ويبين رئيس المكتب الإعلامي الحكومي أن العشرات منذ بداية الجائحة تم تحويلهم للجهات النيابية في غزة حيث تم أخذ تعهد على البعض وتحويل البعض الآخر للتوقيف نظراً لتكرار مخالفته في نشر الأخبار المضللة والإشاعات.
أما المختص والباحث في الشأن الدعائي حيدر المصدر، فيصف ما يجري حالياً بأنه فوضى معلوماتية نابعة من تقديم الحكومة في غزة معلومات للجمهور بطريقة مقلصة، أو أنها تقدم أعداد المصابين دون منح مزيد من التفاصيل الأخرى. ويقول المصدر لـ "العربي الجديد" إن الجمهور يبحث عن التفاصيل المتعلقة بأسباب الوفيات وطبيعة الحالات، وهو الأمر الذي يفتح المجال أمام المتابعين للتفسير ووضع سيناريوهات متعلقة بتطورات الحالة الوبائية في القطاع.
ويوضح المختص في الشأن الدعائي أن بعض ما يجري حالياً من تداول وتفسير لبعض المعلومات على منصات التواصل الاجتماعي، السبب فيه التناقض في المعلومة الحكومية الواردة للمواطن وبين المشاهدات العملية على أرض الواقع. ويشير إلى أن الكثير من الجمهور والجهات الحكومية تمتلك مجموعات عبر تطبيق "واتساب" على اعتبار أن هذه المعلومة يتم تداولها بشكل سري إلا أن ما يحصل ليس تداولا ًسرياً فيتم تداول هذه المعلومات على مجموعات أخرى بطريقة كرة الثلج وهو ما ينتج عنه فوضى معلوماتية.