إسرائيل تدشن مرحلة نهب المواقع الأثرية في الضفة الغربية

15 يوليو 2024
زوار يتجولون بين آثار بلدة سبسطية في الضفة الغربية، 12 إبريل 2017 (نضال اشتية/ الأناضول)
+ الخط -

تنتظر المواقع الأثرية في الضفة الغربية دورها بالسرقة عقب مصادقة لجنة التشريعات في الكنيست الإسرائيلي، على مشروع قانون يمنح سلطة الآثار الإسرائيلية صلاحيات العمل والتنقيب فيها، في إطار الحرب الإسرائيلية المستعرة للسيطرة على فلسطين.

ويقول مدير عام المتاحف في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، جهاد ياسين، في حديث مع "العربي الجديد" إن القرار يهدف للاستيلاء على تراث فلسطين وجغرافيتها، وعلى المواقع الأثرية التي يقع 60% منها في المناطق المصنفة ب وج وفق اتفاق أوسلو، وتطبيقه يعني أن كل قرية تقريباً ستخضع للإشراف من الإدارة المدنية الإسرائيلية، التي يقودها وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، وسيكون لها صلاحية منع تطوير أي بناء في منطقة يُعتقد أنها أثرية.

ويشير ياسين إلى أن الاحتلال يعمل جاهداً على هذه المخططات منذ أكثر من مائة عام، لتغيير معالم المواقع الأثرية وأسمائها، لكي تتفق مع روايته التي يروجها للعالم، والتطبيق الفعلي للقانون بدأ حتى قبل إقراره، وهو ما تمثل خلال العقد الأخير في مهاجمة الاحتلال العديد من مواقع الضفة الغربية الأثرية، برفقة ممثلين عن سلطة الآثار، وطرد الزوار ومنع موظفي الوزارة وعلماء الآثار الفلسطينيين من إجراء أي عمليات تنقيب أو ترميم.

ويضرب ياسين مثالاً على محافظة نابلس التي تعد من أغنى المناطق بالآثار، فيقول: "شاهد ماذا يفعلون في سبسطية الأثرية، حيث الاقتحامات مستمرة من جيش الاحتلال والمستوطنين يرافقهم علماء آثار، ويمنعون المسؤولين هناك من إجراء أي تأهيل أو ترميم للمنطقة الأثرية. وهو الأمر نفسه في الغرفة الحجرية على قمة جبل عيبال المعروفة في موقع برناط".

وحول الجهود للتصدي إلى هذا المخطط، يوضح ياسين أن وزارته خاطبت الحكومة الفلسطينية أولاً حول خطورة القرار الجديد على المواقع الأثرية في الضفة الغربية. كما طالبتها بمخاطبة المنظمات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها "يونيسكو".

من جهته، يشير رئيس بلدية سبسطية محمد عازم في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعمل ليل نهار لفرض سيطرتها بالقوة على المنطقة الأثرية في البلدة، وسبق أن رصدت 39 مليون شيكل لذلك، رغم أنها مدرجة على لائحة المواقع التاريخية والتراثية ذات القيمة العالمية المتميزة في فلسطين، وفق "يونيسكو".

ويبلغ إجمالي المواقع المكتشفة في سبسطية 40 موقعاً أثرياً، ويفرض الاحتلال سيطرته على 80% منها، وذلك لوقوع الآثار في البلدة ضمن المناطق ج الخاضعة لسيطرة الاحتلال الأمنية بحسب اتفاقية أوسلو.

ويدحض عازم ادعاءات المستوطنين بأن الفلسطينيين يخربون المواقع الأثرية أو ينهبونها، ويقول: "هذه أرضنا ونحن من يدافع عنها بأرواحنا، ونطوّر مواقعنا الأثرية والسياحية دوماً ونحافظ عليها، ويدرك الصغير قبل الكبير أنها ثروة لا تقدر بثمن، وهي تؤكد أصالة الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه".

ويوضح عازم أن لصوص الآثار يعملون تحت عيون الاحتلال، وكثير منهم يسرقون وينهبون الآثار ويبيعونها للتجار الإسرائيليين، وفي بعض الأحيان كانت تصل لنا معلومات عن وجود عابثين في موقع معين، لكن الاحتلال كان يقطع علينا الطريق ويمنعنا من الوصول إلى المكان.

وبموافقة لجنة التشريعات في الكنيست الإسرائيلي، على مشروع قانون يمنح سلطة الآثار الإسرائيلية صلاحيات العمل في الضفة الغربية، في خطوة جديدة لضمها إلى السيادة الإسرائيلية، تصبح الغالبية العظمى من المواقع الأثرية في يد الاحتلال ويمكنه أن ينقلها لاحقاً إلى سيطرة المستوطنين، وبالتالي تهويدها بالكامل.

ولا يشمل قانون الآثار الإسرائيلي، في الوقت الحالي الضفة الغربية، بينما يتولى مسؤول الأركان في الإدارة المدنية مسؤولية المواقع الأثرية فيها، ومن صلاحياته إصدار تصاريح الحفريات، والتحقيق في سرقة الآثار، وكذلك إدارة المواقع الأثرية في الضفة الغربية.

وينص مقترح القانون أن "صلاحيات سلطة الآثار ستشمل الضفة الغربية، والبحث عن الآثار في هذه المناطق مثل البحث عن الآثار في إسرائيل". ما يعني أن عمل سلطة الآثار في الضفة سيكون مثل عملها في القدس وداخل الخط الأخضر.

وجاءت الموافقة على مقترح القانون بعد أيام من موافقة الكابينت على إجراء يقوّض صلاحية السلطة الفلسطينية حول المواقع الأثرية في الأراضي الخاضعة لها.

وتعدّ اتفاقية لاهاي 1954 المعاهدة الدولية الرئيسية التي تحكم الآثار في الأراضي المحتلة، وهي معنية بالحفاظ على المواقع ذات الأهمية الثقافية، وكذلك بروتوكول 1999 الذي يحظر الحفائر الأثرية بخلاف الدراسات الضرورية وأعمال الصيانة، لكن إسرائيل من بين عشرات الدول التي لم توقع على البروتوكول.

المساهمون