- تيك توك تواجه اتهامات بالتحيز وتنفي ذلك، مؤكدة على حيادية خوارزمياتها واتخاذ إجراءات ضد المحتوى المخالف بحذف أكثر من 1.1 مليون مقطع فيديو.
- في الولايات المتحدة، تزداد الضغوط لحظر تيك توك بسبب مخاوف الأمن القومي، مع قانون يطالب بقطع علاقاتها بشركتها الأم الصينية، وتعهد تيك توك بالطعن في القانون.
تدرس سلطات الاحتلال حجب منصة تيك توك أو فرض قيود على استخدامها، أو حتى تشكيل ائتلاف دولي لمواجهتها، بزعم معاداتها للسامية وسماحها بمضامين تحرّض على إسرائيل والتعتيم على محتوى مؤيديها.
وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الخميس، عن عقد جلسة الأسبوع الماضي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، للتباحث في سبل التعامل مع الشبكة الاجتماعية المملوكة لشركة بايتدانس الصينية "والتحدّيات التي تضعها، لكونها تحتوي على الكثير من المضامين المعادية للسامية وإسرائيل". وبادرت إلى هذه الجلسة شعبة الدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وشارك فيها ممثلون عن مجلس الأمن القومي وشعبة الدعاية الوطنية ووزارة الشتات ومكتب الإعلانات الحكومي.
ومن بين المقترحات التي عُرضت خلال الجلسة فرض قيود على المنصة في إسرائيل، وحتى حظرها كلياً "إن لم تتخذ إجراءات لتعزيز الشفافية وتقييد الخطاب المسموم"، وفق وصف المسؤولين الإسرائيليين. كذلك، طرح اقتراح منع موظفي المؤسسات الحكومية من استخدام المنصة، على نحو مشابه للخطوة التي اتّخذتها الإدارة الأميركية.
وأجمع المشاركون على "الدور الذي تلعبه تيك توك في ما يتعلق بأحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وما تلاها". وأشار أحد المشاركين إلى "غسل الدماغ المتعمّد" الذي يتعرض له مستخدمو الشبكة، وقال إن هذا ينعكس من خلال "المحتوى المناهض لإسرائيل الذي يحظى بانتشار واسع على عكس المحتوى المؤيد لإسرائيل الذي تحذفه المنصة بسرعة". وزعم أن المنصة "لا تشكل خطراً على إسرائيل أو على اليهود في العالم فحسب، بل على العالم الحر كله".
وقال أحد المشاركين: "بما أن المنصة تمثل تحدياً للعديد من الديمقراطيات في الغرب، من الصواب التعاون مع دول أخرى وتنسيق التحركات معها". واعتبر آخر أن "هذه ليست منصة تمثل خطاباً ديمقراطياً أصيلاً، بل مصممة لتشكيل الوعي بطرق ملتوية".
ولفتت الجلسة إلى ضرورة وجود تشريع تقوده وزارتا القضاء والاتصالات للاعتماد عليه في مثل هذه الحالات.
ومن الأمثلة التي استشهد بها المسؤولون الإسرائيليون لتأكيد "تحيّز" المنصة، رفضها نشر حملات إسرائيلية للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة، وحذفها المحتوى الذي يتضمن شعار "معاً سننتصر" الذي رفعته دولة الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة في 7 أكتوبر.
وادّعى بعض المشاركين أن سياسة المنصة تنسجم مع مواقف الصين "التي كانت منذ بداية الحرب منحازة إلى الجانب الفلسطيني. إن موقف الصين من هذه القضية مستمد أيضاً من صراعها المستمر مع الولايات المتحدة، وأي شخص يقف إلى الجانب الأميركي يُنظر إليه مقدماً على أنه خصم".
وربط مشارك آخر في المناقشة التظاهرات الطلابية المناصرة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية بالمحتوى المناهض لإسرائيل الذي يطلع عليه الشباب في الولايات المتحدة عبر "تيك توك"، معتبراً أنه في حال مواصلة المنصة "انحيازها" و"عدم إجبارها على التصرف بشفافية، لن يتوقف الأمر عند التظاهرات". وأضاف: "قريباً ستجرى انتخابات في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسيشكّل دور الشبكة خطوة مهمة في حرب النفوذ الدائرة بين القوى العظمى. وفقط جبهة دولية موحّدة يمكنها كبح هذه الظاهرة". وأشار المشاركون في الجلسة إلى أن عدداً كبيراً من الإسرائيليين ينسحبون من الإعلان على "تيك توك".
"تيك توك" ومناصرو الفلسطينيين
على "تيك توك"، أثبت المحتوى المؤيد للفلسطينيين أنه أكثر شعبية بين المستخدمين من الجيل وأولئك الذين ولدوا بين عامي 1997 و2012. فمقاطع الفيديو على هذه المنصة التي استخدمت وسم #StandWithPalestine (أقف إلى جانب فلسطين) جذب أكثر من 870 مليون مشاهدة، مقارنة بأكثر من 240 مليون للمقاطع التي تستخدم وسم #StandWithIsrael (أقف إلى جانب إسرائيل)، وهذه أرقام وفرتها "تيك توك" نفسها رداً على اتهامات مسؤولين أميركيين لها بالتلاعب بالمستخدمين عبر الخوارزميات "لغسل أدمغة الشباب وتحريضهم ضد إسرائيل"، وهي تدعم إحصاءات أخرى تظهر أن الجيل الأصغر من الأميركيين أقل تعاطفاً مع الاحتلال الإسرائيلي من آبائهم.
وأمام الارتفاع الملحوظ في عدد مناصري القضية الفلسطينية على "تيك توك" بين المستخدمين دون 40 عاماً، لم تسلم "تيك توك" من الاتهامات باحتضان "معاداة السامية". وبعد نشر "تيك توك" لإحصاءاتها في نوفمبر/ تشرين الثاني، اتهمها السيناتور الأميركي ماركو روبيو بـ"التقليل من إرهاب حركة حماس"، مضيفاً أن الوقت قد حان لحظرها. خلال الشهر نفسه، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن "تيك توك" وغيرها "تغسل أدمغة المستخدمين".
لكن المنصة أكدت أن "خوارزمية التوصيات الخاصة بها لا تنحاز إلى أي طرف، ولديها إجراءات صارمة لمنع التلاعب". وأفادت بأنها منذ السابع من أكتوبر حذفت أكثر من 1.1 مليون مقطع "في منطقة الصراع" لانتهاك إرشاداتها، "بما في ذلك المحتوى الذي يروّج لحماس وخطاب الكراهية والإرهاب والمعلومات المضللة".
واشنطن تحارب "تيك توك"
اعتمد الكونغرس الأميركي، الثلاثاء، قانوناً يطالب مجموعة تيك توك العملاقة بقطع علاقاتها بشركتها الأم بايتدانس، وعلى نطاق أوسع بالصين، إذا كانت لا تريد مواجهة خطر حظرها في الولايات المتحدة، بحجة أنها تهدد الأمن القومي عبر تسليمها بيانات مستخدميها الأميركيين لبكين. ووقع الرئيس الأميركي جو بايدن النص أمس الأربعاء. وضُمِّن إجراء الحظر في حزمة مساعدات خارجية قيمتها 95 مليار دولار، تشمل مساعدات عسكرية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان.
واحتجت شبكة التواصل الاجتماعي الشهيرة مباشرة بعد التصويت في الكونغرس السبت الماضي، معتبرةً أن حظر "تيك توك" "سيشكل انتهاكاً لحرية التعبير" لـ170 مليون أميركي. إذا دخل النص حيز التنفيذ، فسيجبر "بايتدانس" على بيع المنصة خلال 12 شهراً، وإلا فستحذف من متجري "آبل" و"غوغل" للتطبيقات على الأراضي الأميركية. مع ذلك، تعهد الرئيس التنفيذي لـ"تيك توك" شو تشو، أمس الأربعاء، بالطعن أمام القضاء في القانون الأميركي الجديد. وقال في رسالة مصورة: "اطمئنوا، لن نذهب إلى أي مكان... سنواصل النضال من أجل حقوقكم في المحاكم. الحقائق والدستور في صفنا". وأضاف متوجهاً إلى مستخدمي "تيك توك": "لا تخطئوا، هذا حظر. حظر على تيك توك وحظر عليكم وعلى صوتكم... قد يقول السياسيون خلاف ذلك، لكن لا تدعوا الأمر يختلط عليكم، فالعديد من الذين رعوا مشروع القانون يعترفون بأن حظر تيك توك هو الهدف النهائي". ووصف تشو هذه الخطوة بأنها "مثيرة للسخرية" بالنظر إلى أن "حرية التعبير على تيك توك تجسّد القيم الأميركية نفسها التي تجعل الولايات المتحدة منارة للحرية".
دور اللوبي الصهيوني
ساعدت الضغوط التي مارسها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية على تسريع خطوات إقرار قانون حظر "تيك توك". وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال سابقاً أن هناك "زخماً جديداً (بشأن حظر تيك توك في الولايات المتحدة) يرجع جزئياً إلى الغضب من مقاطع الفيديو حول الصراع بين إسرائيل وحماس". وذكرت الصحيفة نفسها أن عضو الكونغرس الديمقراطي، رجا كريشنامورثي، صرّح بأن الحرب على غزة هي التي دفعته إلى دعم فرض حظر "تيك توك" في الولايات المتحدة. وفي نوفمبر، وجّه السيناتور الجمهوري جوش هاولي رسالة إلى إدارة بايدن، يدعو فيها إلى حظر "تيك توك". وفي الرسالة، أشار على وجه التحديد إلى "انتشار المحتوى المناهض لإسرائيل على تيك توك" كأحد الأسباب الرئيسية لدعوته إلى الحظر.