إريك زيمور... "ترامب الفرنسي" يهاجم الإعلام

13 ديسمبر 2021
الخطورة تكمن في كون إريك زمور مثقفاً ينطق بالكراهية (كريستوف أرتشامبول/فرانس برس)
+ الخط -

كأنها الولايات المتحدة الأميركية عام 2016، عندما أعلن دونالد ترامب حملته الانتخابية تحت شعار "أميركا أولاً". هذا هو المشهد هذه الأيام في فرنسا، بعد خمسة أعوام، مع المرشح المتطرف للرئاسة، والكاتب المثير للجدل إريك زيمور، بشعاره "استرداد فرنسا" بوصفها "مسلوبةً من مهاجرين ومسلمين وقصّر"، وصفهم يوماً بأنهم "لصوص ومجرمين".

زيمور وخلال خطابه الأول في مدينة فيلبانت في ضواحي العاصمة، قبل أيام، تحدث لنحو ساعة ونصف، بدا خلالها وكأنه يقدم نفسه كترامب الفرنسي الذي تهاجمه وسائل الإعلام، "لأنه يحذّر من خطر الهجرة والمسلمين على هوية فرنسا". قال زيمور "لا يمر يوم من دون أن يقوم أصحاب السلطة ووسائل الإعلام بمهاجمتي". جملة قالها ترامب خلال حملته الانتخابية عام 2016: "أتعرض لهجمات منظمة من قبل كلينتون ووسائل الإعلام". وأضاف زيمور "لن نترككم تسرقون الانتخابات"، هذه أيضاً قالها ترامب أمام أنصاره: "نحن مجتمعون هنا اليوم لنقول إنهم لن يسرقوا انتصارنا".

أوجه التشابه بين الرجلين كبيرة، لكن الاختلاف بينهما وفق توصيف للسفير الفرنسي السابق في واشنطن جيرار ارو، أن "زيمور رجل مثقف مقارنة بترامب، وهنا مكمن الخطورة"، لكنه أيضاً يشبه رئيس الوزراء البريطاني مهندس "بريكست" جوريس بونسون "باختصار، يريد الأميركيون مليارديراً، والبريطانيون شخصاً قادماً من إيتون أو أكسفورد، أما الفرنسيون فهم بحاجة إلى شخص مثقف، وهي الصورة التي نجح زيمور في فرضها بقوة".

يبني زيمور خطابه السياسي على أطروحات قومية، تماماً مثلما فعل ترامب، وحتى جونسون، ففرنسا "مهددة بهويتها" ويعتبر الإعلام محركاً لهذا التهديد وأن البلاد تواجه "رهاناً هائلاً. في حال فزت سيكون ذلك بداية استرداد أجمل بلدان العالم (..) الشعب الفرنسي يعيش هنا منذ ألف عام ويريد أن يظل سيداً في بلده".

يعتبر إريك زيمور الإعلام محركاً لـ"تهديد فرنسا بهويتها"

وقبل خطاب وصفته وسائل الإعلام بـ"خطاب ساعة ونصف من الكراهية"، كان زيمور قد أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة في أبريل/نيسان 2022، بمشهد درامي، حاول خلاله تقليد الجنرال شارل ديغول، فجلس وبجانبه ورقة يقرأ منها الخطاب، متحدثاً بمايكروفون قديم مثل الذي استخدمه ديغول أثناء مخاطبته الفرنسيين. وخلال هذا الخطاب، قدّم زيمور نفسه على أنه "منقذ للأمة الفرنسية"، مع خلفية موسيقية من السيمفونية السابعة لبيتهوفن، في محاولة ربما لأنسنة الكراهية وخطاب مليء برسائل أراد أن يعبر من خلالها عن الهوية، لكنه كان أقرب إلى رسائل تهديد وكراهية عن نساء محجبات، ومسلمون يصلون، وعنف وسرقات يمارسها المهاجرون وأطفالهم.

هذه الصورة القاتمة، والمخيفة، لمستقبل بلد الأنوار والحضارة، يرسمها زيمور بإتقان، فهو هدم محرّمات في خطاب السياسة الفرنسية، وبنى جداراً عالياً من الخوف والانقسام. وإن كان ترامب قد أراد بناء ذلك الجدار على الحدود مع المكسيك، فزيمور يريد بناءه على حدود إسبانيا وإيطاليا لوقف الهجرة، وداخل أسوار باريس وأحيائها، لتشويه صورة عن التسامح في فرنسا، تنازع بين الحين والآخر. فيعد بـ"إنهاء الهجرة وإلغاء حقّ لم شمل أسر المهاجرين، وإلغاء المساعدات الاجتماعية والطبية للأجانب غير الأوروبيين، أو أولئك الذين لا يرى أنهم منصهرين في المجتمع الفرنسي، لأنهم يحملون أسماء مثل أحمد، وعمر، أو أليخاندور، ويتحدثون داخل منازلهم بلهجات ولغات غير الفرنسية" و"لا يأكلون الجبن الفرنسي". كل ذلك، يدفع كثيرين للقول إنّهم كانوا "مخطئين عندما ظنوا إنّ زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان كانت أسوأ كابوس في فرنسا".

المساهمون