عبر وسم #الولاية_حقي دونت آلاف الأمهات المصريات وقائع حرمت فيها من ولاية أبنائها التعليمية أو المادية، أو حتى مجرد استخلاص أوراق رسمية وثبوتية.
وجاء هذا الوسم بعد حملة حقوقية ونسوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لفض مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، الذي يختص بتحديد ولاية الأطفال وتفصيل علاقتهم بوالديهم وأسرهم حال الطلاق أو الموت.
وكان مجلس الوزراء المصري قد أرسل، في 18 فبراير/شباط الماضي، مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية إلى مجلس النواب؛ لمناقشته وإقراره قبل العرض على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإقراره.
مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد مرفوض مجتمعياً وفي الأوساط السياسية والحقوقية. وسبق أن أعلنت أكثر من 300 منظمة نسوية وشخصية عامة رفضها التام لتعديلات قانون الأحوال الشخصية المقترحة من الحكومة، والمعروضة على مجلس النواب تمهيداً لإقرارها.
وقالت إنه شمل تعديلات "تم إعدادها في الظلام من خلف ظهر المجتمع المدني، وخاصة المنظمات النسوية والحقوقية. وهي سياسة متعمدة اتبعتها كل الحكومات والمجالس النيابية في السنوات السبع الأخيرة، إزاء كل مشاريع القوانين الحيوية ذات الصلة بتطور المجتمع المصري".
وعبر وسم "#الولاية_حقي"، كتبت الصحافية المصرية، مي الشامي، "لا أستطيع إدخال ابني المدرسة. ولا أن أزوج نفسي، ولا أضيف ابني على جواز سفري. ولا ولاية مالية على ابني. ولا أكون ولياً عليه إلا بموافقة المجلس الحسبي"، وأضافت "القانون يراني غير كاملة الأهلية. وأي ذكر في عائلتي يستطيع منعي من السفر، وفي حالة وفاة الزوج لا تستطيع الأم الولاية على أبنائها إلا بعد تنازل الجد لها".
وتابعت "من حقي أسافر دون ولاية أي ذكر. من حقي أتعلم دون ولاية أي ذكر. من حقي أسجل ابني بنفسي. من حقي أفتح حساب لابني وأتعامل عليه. من حقي أكون وصية علي ابني".
وكتبت الناشطة النسوية والحقوقية، مزن حسن، عبر الوسم "طوال الوقت علاقتي متوترة بالذكور داخل عائلتي. غالباً ما وصفوني بصاحبة التصرفات الغريبة، محاولة منهم لعدم إحراج أمي بوصفي بصفات غير أخلاقية من وجهة نظرهم".
وتابعت: "لم لا ؟ فقد ألصقت بنفسي صفة النسوية واتخذت مساراً في حياتي العامة والشخصية لم يعجبهم. و من ثم انخرطت في العمل العام وأكملت رحلة اغترابي. وعندما منعت من السفر لم يمنع أحد من أفراد أسرتي من الذكور معي. واكتفوا بتكرار العبارات لأمي أني غريبة واستحق ما آل إليه حالي، ومع المقترحات الجديدة لقانون الأحوال الشخصية سيصبح لهؤلاء سطوة عليّ ليثبتوا أنهم على حق عن طريق منعي من التصرفات".
وتابعت "لم أتزوج ولكن لم ارتبط بشخص ساندني في العديد من اختياراتي، بل على العكس أتى أحدهم ليقول لي يوما ًكيف لم استشره قبل أن آخد قراراً يخص حياتي فقط. لو كنت زوجته وهذا المشروع أصبح واقعاً لكان له سلطة عليّ ليثنيني عن قراراتي. استقلال النساء في مجتمع يرانا على خطأ لأننا مختلفات أمر ندفع ثمنه وحدنا، لا نحتاج لقوانين تعطي لرجال صادف أنهم من عائلتنا أن يتحكموا فيه. أنا ولية أمر نفسي.. لا أحتاج لوليّ لتكون الولاية حقي".
ودونت مجموعة نسوية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، على نفس الوسم، مجموعة من الأفعال لا تملك المرأة المصرية حق اتخاذها إلا بإذن الزوج.
ومنها "لا تستطيع المرأة الخضوع لعملية إزالة الرحم بدون إذن كتابي من الزوج. وعملية ربط المبايض كوسيلة منع حمل بدون إذن كتابي من الزوج. وفتح حسابات في البنوك لأولادها بدون إذن الزوج. التقديم لأولادها في مدارس (بدون حكم قضائي بولاية تعليمية). تزوج نفسها بدون ولي".
هذا بالإضافة إلى أن "تطلق نفسها. تغير صورة جواز سفر/صورة بطاقة إلى صورة جديدة بدون حجاب بدون إذن من زوج/أب. الزواج للمرة الثانية والاحتفاظ بحضانة أطفالها من زوجها السابق. تسجيل أطفالها في الأحوال المدنية. لا بد أن يسجلهم الأب. ولو طلبت خلع لازم تتنازل عن كل شيء. التحكم في ورث أبنائها القصر، بدون المجلس الحسبي. الإقامة في فندق وحدها".
الناشطة المصرية فاطمة عبيد كتبت "أنا سيدة مصرية أتمتع بما يشبه الامتيازات، مُنحت ليّ من الرجال ممن لهم/ كان لهم الوصاية أو الولاية عليّ طبقاً للقانون المصري".
وذكرت أمثلة منها "أنا زوجت نفسي بنفسي ووالدي كان الشاهد، اندهش المأذون وحاول المقاومة، ولكن في الآخر طبق الشرع والقانون وزوجني. أنا اشترطت في العقد حق تطليق نفسي طلقة واحدة، ووافق الزوج على الشرط، رفض مأذون واثنان، والثالث وافق متضرراً، وفِي الآخر طبق الشرع والقانون وزوجني. لدي ابنة من زواج سابق، تعيش ابنتي معي ومع زوجي وابني من زواجي الثاني، لم نختلف أبداً أنا ووالد ابنتي على تلك التفصيلة. وافق بإرادته وإن لم يوافق لا قانون يقر بحقي في أن تقيم ابنتي معي".
وتابعت "هذه أمثلة النجاح في حياتي، إنما الصعوبات بسبب الولاية والوصاية كثيرة وغيري كثير تكلم عنها. هذا نجاح! أن آخد ما يشبه الحقوق بسبب رضا الولي أو الوصي. هي مجرد امتيازات ليست حقيقية. بل امتيازات بالصدفة. لكن هذه الامتيازات في الأصل حقوق لا بد من تغيير القانون ليضمنها".
بجوار آلاف التدوينات من الإناث، كانت هناك تدوينات من ذكور اعترفوا بحق المرأة في الولاية على أبنائها سواء المادية أو المالية أو التعليمية، بعضهم خاض تجربة انفصال الأب عن الأم في الصغر وعاش تفاصيل مؤلمة بسبب هجر الوالد وتوقف المصالح المتعلقة بولايته عليهم. وبعضهم اعترف بدور المرأة والأم في حياة أبنائها، في حين أن الأب بالكاد يدرك في أي عام دراسي أبناؤه مسجلون. والبعض الآخر تضامن بمنطق حقوقي خالص.
وفي السياق ذاته، أصدرت مجموعة من منظمات المجتمع المدني المصرية بياناً أعلنت من خلاله رفضها قانون الأحوال الشخصية، وخاصة المواد المتعلقة بالولاية القانونية والتعليمية للنساء على أنفسهم وأبنائهم.
وجا في البيان "إن إقرار حق الولاية للنساء على أنفسهن وأطفالهن ضرورة ومطلب أساسي، وأن مشروع قانون الأحوال الشخصية المقدم إلى البرلمان في فبراير/شباط 2021، جاء به العديد من النصوص التمييزية التي تنفي عن النساء الأهلية القانونية بالمخالفة للدستور وللواقع المعاش للنساء المصريات في القرن الواحد والعشرين".
وأضاف الموقعون على البيان "نحن الآن في أمس الحاجة إلى قانون يحقق العدالة لجميع أفراد الأسرة ويحافظ على المصلحة الفضلى للأطفال، قانون يقر بولاية المرأة الرشيدة على نفسها وأطفالها، قانون ينظم إجراءات الزواج والطلاق والنفقة والحضانة أمام المحكمة على أساس العدل والرحمة وعدم التمييز".