تمكنت الدراما السورية، خلال سنوات تفوقها عربياً، من استقطاب عدد كبير من الفنانين العرب، ومنهم الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة التي استطاعت بداية جذب الجمهور من كافة الشرائح في العالم العربي، انطلاقاً من حضورها في برنامج المواهب "ستار أكاديمي".
لم يتوقف حلم أمل عند هذا البرنامج. بوشوشة، وبعد خروجها من "ستار أكاديمي" في موسمه الخامس، رسمت لنفسها حالة خاصة حين قدمت برنامج "توب 20" على قناة "روتانا" عام 2008. وشغل البرنامج وقتها الجمهور الذي كان يتابعها بشكل دائم، وحققت صيتاً ربما لم تحقق مثله في برنامجها الثاني، "طير وفرقع"، الذي عرض على قناة LBC، لكن ذلك قدمها على أنها شخصية قادرة على مواجهة الكاميرا من دون تردد، بالإضافة إلى خلقها كاريزما خاصة بها قريبة من الجمهور.
لم يلعب الحظ فقط مع أمل بوشوشة، بل أيضاً شكلها وشخصيتها وقدرتها. مجموعة عوامل جعلت من الكاتبة الجزائرية، أحلام مستغانمي، تختارها للعب بطولة مسلسل "ذاكرة الجسد"، حيث تحولت تلك الرواية إلى مسلسل تلفزيوني أخرجه نجدة أنزور، الذي وجد أيضاً أن أمل فنانة قادرة على لعب دور حياة التي كانت رمزاً للجمال، لتقف في تجربتها الأولى بجانب الفنان جمال سليمان، ما رفع من رصيدها فوراً أمام الجمهور، وأيضاً أمام النقاد، الذين أشادوا بدورها. ورغم أن المسلسل لاقى نقداً، وحدثت فيه عدة خلافات، إلا أن ذلك لم يخفِ نجومية بوشوشة التي بدأت تكبر بالتدريج داخل سورية، حيث استقطبت اهتمام المخرجين السوريين وشركات الإنتاج.
لاحقاً، لعبت أمل شخصية رويدا في مسلسل "جلسات نسائية"، مع المخرج المثنى صبح، محقّقاً شهرة كبيرة، ولاقى الاستحسان، وأظهر الدور الجانب الرومانسي والهادئ لدى أمل، التي تفاعلت مع المجتمع السوري وأسلوبه، وانخرطت فيه بقوة لتبدو ابنة وهران وكأنها تعيش منذ زمن في دمشق.
وأتقنت أمل اللهجة السورية من دون أخطاء، ورصدت انفعالاتها بالعمل بحسٍّ عالٍ دون ارتباك، ما قربها من الجمهور السوري بشدة، وشجع المخرج أحمد إبراهيم أحمد على اختيارها في مسلسل البيئة الشامية، "زمن البرغوث"، بجزئه الأول، ليحقق انتشاراً جيداً. واستطاعت بعدها أمل التوسع عربياً من خلال دور ميرا في مسلسل "الإخوة" مع أهم نجوم الدراما السورية، والعربية.
لا تغيب بوشوشة عن الدراما السورية حتى بعد مشاركتها في الدراما المشتركة، فبمجرد أن تسنح لها الفرصة تعود لتتسلل إلى الأدوار المهمة خلال فترة الحرب في سورية وتصوير الكثير من الأعمال السورية خارج البلاد، وقد اختارها المخرج الراحل حاتم علي لتلعب البطولة في مسلسل "العراب"، بالإضافة إلى بطولة خماسية "يا جارة الوادي" من مسلسل "أهل الغرام" (الجزء الثالث) مع الفنان عابد فهد، والذي نال الشهرة الأكبر من بين الخماسيات الست، فعادت واستحوذت على اهتمام الجمهور السوري، تحديداً لأنها تحدثت بلهجته من جديد.
اليوم، تتنقل أمل بين دمشق وبيروت، حيث عادت إلى التصوير داخل سورية، بعد غياب طويل، لتلعب بطولة مسلسل "في وضح النهار"، مع المخرج سيف الدين سبيعي، ومسلسل "داون تاون" في بيروت مع المخرج السوري زهير قنوع، بعد تجربة لم يكتمل جمالها في رمضان الماضي بمسلسل "النحات"، لتكون أمل بوشوشة نجمة جزائرية بروح سورية لا تخفيها البتة، بل تقدم خالص الشكر والمحبة الدائمين لها.
كل هذه المشاركات، شكّلت رصيداً كبيراً في تجربة بوشوشة، جعل منها ممثلة دائمة الحضور على الشاشة السورية، سواءً في أعمال مشتركة، أو أخرى محلية. وهكذا، صنعت الفنانة الجزائرية لنفسها طريقاً خاصاً، حازت فيه حب الكثيرين من العالم العربي، لكن كان لسورية الحصة الكبرى من قلبها، لأنها كانت البداية والعودة، فلم تغترّ كغيرها من النجمات اللواتي صنعتهن الدراما السورية ولم تتنكر لها، ولم تبتعد عنها.