لافتٌ للانتباه أنْ يُشارك المخرج سامح علاء في الدورة الـ42 (2 ـ 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، بفيلمين: الأول بعنوان "سِتَّاشَرْ (16)"، الفائز بالسعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير، في الدورة الـ73 (المُقامة استثنائياً بين 27 و29 أكتوبر/ تشرين الأول 2020) لمهرجان "كانّ" السينمائي، ليكون أول فيلم مصري يحصل على هذه الجائزة في ذاك المهرجان. والثاني "تَمَنْتاشر (18)"، مشروع روائي طويل، قدّمه في "ملتقى مهرجان القاهرة" بحثاً عن دعم للإنتاج، وفاز بـ3 جوائز، قيمتها المالية 30 ألف دولار أميركي.
في حديثٍ له عن مشروعه الجديد، قال سامح علاء إنّه يُكمّل تساؤلاته عن مرحلتي المراهقة والنضوج، بتناوله حكاية صبيان وصبايا في مقتبل أعمارهم، يواجهون مواقف أكبر منهم. هناك لغة سينمائية يحاول استكشافها في أفلامه القصيرة، وسيستمر في هذا الاستكشاف بفيلمه الطويل أيضاً.
جملةٌ كهذه صائبةٌ جداً عند النظر إلى الأفلام المصرية القصيرة، المعروضة في "مهرجان القاهرة السينمائي الـ42"، إذْ بدا واضحاً أنّ الأعمال القصيرة أكثر جرأة، وأكثر تجريباً واكتشافاً، من الأفلام المصرية الطويلة. تتعدّد أشكال الجرأة: في الموضوع، كـ"حنة ورد" لمراد مصطفى، الذي يتناول يوماً في حياة سيدة سودانية في القاهرة، تعمل في رسم الحنّة للعرائس، وتتراكم تفاصيل صغيرة في هذا الحدث العادي، ثم بلوغ النهاية مع لحظة مُقبضة وغير عادية. بهذا، يشتبك مع العنصرية ومعاناة الأقليات في مصر، ويعبّر عن ذلك بصورة فنية لافتة للانتباه، فأبرز ميزاته كامنةٌ في القدرة على التقاط ليلة "الحِنّة" تلك في أحد البيوت المصرية.
فيلمٌ آخر تكمن جرأة التجريب في تنفيذه: "لِحَدّ الساعة 5" لشريف البنداري، وله روائي طويل بعنوان "علي معزة وإبراهيم" (2016). جديده هذا يعود به إلى الأفلام القصيرة، من خلال "فيلم داخل فيلم"، إذْ يُصوّر البنداري اختبار تمثيل يديره المخرج خيري بشارة، وتساعده المخرجة أيتن أمين (يظهران بشخصيتيهما الحقيقيتين). يُخبر بشارة الممثلات المختَبَرات بأنّ الفيلم الذي يصنعونه "يعتمد على تداخل بين سيناريو مكتوب وحياة الممثلة التي سيتمّ اختيارها"، وتسير الأحداث من دون معرفة الواقع من الخيال في تلك الحكاية.
"الرجل الذي بلع الراديو" لياسر الشفيعي، الفيلم القصير الثالث المعروض، كالفيلمين السابقين، في مسابقة "سينما الغد للأفلام القصيرة": فكرة غرائبية، ومساحة تجريب وتلاعب وفانتازيا، عن راديو قديم يسقط خطأ في معدة مريض. عملٌ كهذا دليلٌ واضح على الخيال الواسع الذي تمنحه الأفلام القصيرة لصنّاع السينما في مصر، أكثر من القوالب الجامدة للسينما الطويلة التجارية.
فيلمان مصريان آخران معروضان في مهرجان القاهرة:
الأول بعنوان "واحدة كده" لمروان نبيل، الذي يتناول يوماً في حياة امرأة في مصر، وعلاقتها بالمجتمع. استعان المخرج بفريق كامل من الممثلين والفنيين من السوق التجارية، كبطلته ريهام عبد الغفور. ورغم تقليديته النسبية، بالنسبة إلى الأفلام الأخرى، إلا أنّه مُحكم وجيد في إطار ما يريد أنْ يحكيه.
الثاني، "إيزابِل"، مختلف تماماً عن كل ما سبق. مخرجته مصرية، تُدعى سارة الشاذلي، ابنة المنتجة ماريان خوري (ابنة شقيقة المخرج يوسف شاهين)، لكنّ إنتاجه وممثليه من كوبا، فهذا مشروع تخرّجها من "مدرسة السينما الدولية" هناك. فاز بجائزة أفضل فيلم قصير في المهرجان، وينبئ ـ كبقية الأفلام المصرية القصيرة ـ بمخرجة جديدة، لها رؤية ولغة فيلمية مختلفة.