أفلام سودانية... كي لا تُنسى البلاد

27 ابريل 2024
بطلة "وداعاً جوليا" الممثلة إيمان يوسف (عمّار عبد ربه/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سينمائيون سودانيون يستخدمون الفن للفت الانتباه إلى معاناة السودان، مع تألق إيمان يوسف في "وداعاً جوليا" الذي شارك في مهرجان كان، مؤكدين على أهمية هذه الفترة للتعبير عن القضايا المسكوت عنها.
- بعد انتفاضة ديسمبر 2018، شهدت السينما السودانية حرية وانفتاحاً، مما أتاح للسينمائيين فرصة لإنتاج أعمال تعكس آمالهم وأحلامهم، مثل فيلم "ستموت في العشرين" الذي يعد تجسيداً للإبداع السوداني.
- النزاع الدامي الجاري في السودان يخلق مأساة إنسانية، دافعاً السينمائيين مثل محمد الطريفي للاستمرار في صناعة السينما كوسيلة للتعبير عن الواقع المؤلم واستغلال الشتات الكبير للسودانيين كفرصة لإطلاق مشاريع فنية جديدة.

وسط الحرب المستعرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، يسعى سينمائيون سودانيون للفت أنظار العالم إلى النزاع الدامي المنسيّ المتواصل في البلاد. وتقول الممثلة والمطربة السودانية إيمان يوسف، بطلة فيلم "وداعاً جوليا" للمخرج محمد كردفاني، لوكالة فرانس برس: "حالياً، هذه هي الفترة المناسبة التي يمكننا أن نعبّر فيها عن أنفسنا وعن القضايا المسكوت عنها. نستطيع أن ننتج ولو إنتاجاً بسيطاً".

"وداعاً جوليا" أُنتج العام الماضي، وكان أول فيلم سوداني يشارك في مهرجان كان السينمائي. وتحدثت يوسف على هامش النسخة الثامنة من مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة الذي أقيم الأسبوع الماضي في محافظة أسوان أقصى جنوب مصر، وشاركت فيه خمسة أفلام سودانية قصيرة. من بين الأفلام السودانية المشاركة: "طوبة لهنّ" للمخرجة السودانية رزان محمد، الذي يسلّط الضوء على نساء نزحن من معسكر للاجئين عام 2003، عندما اندلعت الحرب في إقليم دارفور في غرب البلاد، و"نساء الحرب" للمخرج السوداني القدال حسن، الذي يتناول قضية النساء في مناطق الصراع في ولاية النيل الأزرق في جنوب البلاد، وتأثير الحروب فيهنّ وفي ذاكرتهنّ.

وتقول يوسف: "الحروب والأزمات تتعبنا نفسياً، لكن تعطينا درجة من الإصرار على مواصلة أحلامنا وإبراز الأفكار". وتشير إلى أن "الحرب الحالية جعلت السودانيين في حالة نفسية مضطربة، لكن لا حلّ آخر غير أن نستمر في تطليع الأفكار".

على مدار عقود، عانت السينما السودانية تحت حكم الرئيس المعزول عمر البشير من قيود دينية ومن أعراف المجتمع المحافظ ومن القمع السياسي. ورغم الأزمات والحروب التي تلت سقوط البشير عام 2019 تحت ضغط شعبي، ترى يوسف أن "هناك اليوم قدر من الحرية لم تكن موجودة من قبل"، في إشارة إلى انتفاضة ديسمبر/ كانون الأول 2018 التي وصفتها بأنها "لم تكن ثورة سياسية فقط، بل ثورة في الأفكار والأخلاق والوعي". وتتابع: "هذه هي الفترة التي يفترض أن تُخلق فيها الأفكار من الشباب السوداني الذي كان يشعر بقيود من قبل".

بعد انتفاضة 2018، أنتج فيلم "ستموت في العشرين" للمخرج أمجد أبو العلاء بعد فترة توقّف في إنتاج الأفلام الروائية الطويلة دامت 20 عاماً. وكان أول عمل درامي سوداني يُرشح لجوائز أوسكار، وتدور قصته حول شاب تقول نبوءة من أحد الدراويش الصوفيين إنه سيموت حينما يكمل عشرين عاماً، فيقضي أيامه في قلق وترقب حتى يحدث ما يغير حياته تماماً، إذ يلتقي مخرجاً مغامراً في قريته يستعرض معه تجاربه في الحياة.

وبعده جاء "وداعاً جوليا" ليحكي قصة انفصال السودان وجنوب السودان في عام 2011، وقد حقّق نجاحاً تجارياً في دور العرض في البلدان العربية، ومن بينها مصر، وهو ما يُعَدّ قليل الحدوث بالنسبة إلى فيلم عربي غير مصري. وتقول يوسف التي كانت تمثّل دور منى في الفيلم: "انفصال الجنوب كان حدثاً كبيراً أثّر فينا كثيراً".

ويتمنّى المخرج السوداني محمد الطريفي "عدم توقف صناعة السينما مجدداً". ويقول: "هناك اجتهادات منّا حتى لا تتوقف، ولكن الإنتاج السينمائي في السودان وليد المعاناة أصلاً". ويرى الطريفي أن "الشتات يخلق إبداعاً أكثر"، موضحاً أن "التواجد السوداني الكبير في القاهرة والحراك الفني المصري النشط سيسفران عن إنتاجات أكثر". ومنذ اندلاع الحرب في السودان في 15 إبريل/ نيسان 2023، عبر إلى مصر أكثر من 500 ألف سوداني. ويقول الطريفي إن "القاهرة ستكون مكاناً لانطلاق مشاريع سودانية (فنية) جديدة مثلما كانت دائماً في السابق".

ومنذ عام، اندلعت حرب في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو، وأدّت إلى سقوط آلاف القتلى. كذلك دفعت البلاد، البالغ عدد سكانها 48 مليوناً، إلى حافة المجاعة، ودمّرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وسبّبت شريد أكثر من 8,5 ملايين شخص، بحسب الأمم المتحدة.

المساهمون