أسانج ممنوع من دخول الولايات المتحدة بلا إذن

26 يونيو 2024
أسانج مغادراً المحكمة الفيدرالية في سايبان، 26 يونيو 2024 (تشونغ سونغ جون/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- جوليان أسانج أصبح حرًا بعد إقراره بالذنب في تهمة التآمر لنشر معلومات دفاعية أمريكية، ما أنهى معركة قضائية وإعلامية استمرت 14 عامًا، لكنه يفقد الحق في دخول الولايات المتحدة دون إذن.
- عاد أسانج إلى أستراليا لاستعادة عافيته، وسط ترحيب من رئيس الوزراء الأسترالي وامتنان من عائلته ومحاميه، مؤكدين استمرار نضاله من أجل حرية التعبير.
- قضية أسانج أثارت جدلاً واسعًا حول حقوق الإنسان وحرية الصحافة، خصوصًا بعد نشره لوثائق سرية أمريكية، ويُنظر إلى إطلاق سراحه كنهاية لمعاناته وبداية لفصل جديد مع التأكيد على أهمية الدفاع عن حرية الصحافة.

بات مؤسّس موقع ويكيليكس جوليان أسانج "رجلاً حرّاً"، الأربعاء، بعدما أبرم صفقة إقرار بالذنب مع القضاء الأميركي، أنهت مسلسلاً قضائياً وإعلامياً استمر نحو 14 عاماً.

وفي ختام جلسة استماع سريعة مثُل خلالها المواطن الأسترالي أمام المحكمة الفيدرالية في سايبان في جزر ماريانا الشمالية حيث أقرّ بذنبه بتهمة "التآمر للحصول على معلومات تتعلق بالدفاع الوطني ونشرها"، قالت القاضية رامونا في. مانغلونا: "بهذا الإقرار، يبدو أنّك ستتمكن من الخروج من هذه القاعة رجلاً حرّاً".

ولن يحق لأسانج العودة إلى الولايات المتحدة من دون إذن، وفق ما أوضحت وزارة العدل الأميركية في بيان.

وبموجب الاتّفاق الذي أبرمه مع القضاء الأميركي، أقرّ أسانج (52 عاماً)، الملاحق منذ نشر في 2010 مئات آلاف الوثائق الأميركية السرية، بحصوله على هذه المعلومات السرية حول الدفاع الوطني الأميركي ونشرها. واعترف أسانج خلال الجلسة قائلاً "لقد شجّعت مصدري"، العسكرية الأميركية تشيلسي مانينغ، التي كانت وراء هذا التسريب الهائل، "على تزويدي بموادّ مصنّفة سرّية".

وبدا التعب واضحاً على أسانج خلال مثوله أمام المحكمة، لكنّه كان في الوقت نفسه مرتاحاً. وأفاد صحافي في وكالة فرانس برس بأنّ أسانج سارع إلى احتضان محاميه ووقّع كتاباً لأحد أنصاره، وغادر بعدها المحكمة تحت عدسات الكاميرات من دون الإدلاء بأي تصريح. وصرّحت جنيفير روبنسون من فريق محاميه: "هذا اليوم تاريخي يضع حدّاً لمعارك قضائية استمرت 14 عاماً".

أسانج عانى كثيراً

صعد أسانج فوراً إلى طائرة خاصة أقلعت من جزر ماريانا الشمالية، وهي أرض أميركية صغيرة في المحيط الهادئ، متوجهة إلى كانبيرا عاصمة أستراليا، حيث ينتظر وصوله مساء. ورحب رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز بالاتفاق الذي أفضى إلى إطلاق سراح أسانج، قائلاً: "أنا مسرور جداً بهذه المناسبة، لقد كانت نتيجة ناجحة جداً ينتظرها كل الأستراليين".

وعلقت زوجة أسانج ستيلا قائلة: "الأولوية الآن لأن يستعيد جوليان عافيته، فهو في وضع فظيع منذ خمس سنوات ويريد أن يكون قريبا من الطبيعة". وأطلقت نداء للتبرع لدفع مبلغ 520 ألف دولار ينبغي على زوجها تسديده للحكومة الأسترالية لقاء الطائرة التي استأجرها لنقله إلى أستراليا، وأكدت عبر منصة إكس أنه "لم يسمح له بالسفر ضمن رحلة تجارية".

وعبرت كريستين أسانج، والدة مؤسس "ويكيليكس"، عن سعادتها قائلة: "أنا ممتنة لأن معاناة نجلي وصلت إلى نهايتها".

وقال باري بولاك، وهو أحد محاميه: "عانى (أسانج) كثيراً في نضاله من أجل حرية التعبير وحرية الصحافة". وأضاف: "نؤمن بقوة بأنه كان ينبغي دعم توجيه تهم إلى أسانج أساسا بموجب قانون مكافحة التجسس. عمل ويكيليكس سيتواصل وسيواصل أسانج من دون أدنى شك وبقوة نضاله من أجل حرية التعبير والشفافية".

وكان أسانج قد غادر المملكة المتحدة الاثنين، حيث كان مسجوناً منذ خمس سنوات، ليمثل أمام محكمة سايبان الفيدرالية، بعدما قبل بخوض المحاكمة مقرّاً بالذنب. وبموجب الاتفاق مع القضاء، لم يعد أسانج ملاحقاً إلا بتهمة "التآمر للحصول على معلومات تتعلق بالدفاع الوطني ونشرها". وحكم عليه بالسجن 62 شهراً، كان قد أمضاها أساساً خلال السنوات الخمس في سجنه البريطاني. وخلال مثوله أمام المحكمة رافق أسانج كيفن راد، رئيس الوزراء الأسترالي السابق والسفير الحالي لبلاده في واشنطن.

واختيرت محكمة جزر ماريانا الشمالية بسبب رفض أسانج التوجه إلى بر الولايات المتحدة الرئيسي وبسبب قرب هذه الجزر من أستراليا، وفق ما جاء في وثيقة قدمت في المحكمة.

ورحبت الأمم المتحدة بالإفراج عنه، معتبرة أن القضية أثارت "سلسلة من المخاوف على صعيد حقوق الإنسان". في المقابل، اعتبر نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس أن الاتفاق "إجهاض للعدالة... يقلل من شأن خدمة وتضحية الرجال والنساء في قواتنا المسلحة".

ويضع الاتفاق حداً لمسلسل قضائي مستمر منذ قرابة 14 عاماً. وأتى فيما كان من المقرر أن ينظر القضاء البريطاني في التاسع من يوليو/ تموز والعاشر منه في طلب تقدم به أسانج للطعن بتسليمه إلى الولايات المتحدة، الذي وافقت عليه الحكومة البريطانية في يونيو/ حزيران 2022.

وكان أسانج يكافح لعدم تسليمه إلى القضاء الأميركي الذي كان يلاحقه لنشره اعتباراً من العام 2010 أكثر من 700 ألف وثيقة سرية حول النشاطات العسكرية والدبلوماسية الأميركية في العراق وأفغانستان خصوصاً. ومن بين هذه الوثائق مقطع مصور يظهر مروحية قتالية أميركية في العراق في يوليو 2007 تطلق النار، ما أدى إلى سقوط قتلى، بينهم صحافي في وكالة رويترز للأنباء وسائقه.

175 سنة في السجن

وجهت إلى أسانج أساساً 18 تهمة يواجه بموجبها نظرياً احتمال الحكم عليه بالسجن 175 عاماً. وقضت محكمة عسكرية بسجن تشيلسي مانينغ، في أغسطس/ آب 2013، لمدة 35 عاماً، لكن أفرج عنها بعد سبع سنوات إثر تخفيف العقوبة من جانب الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما.

وأوقفت الشرطة البريطانية مؤسس "ويكيليكس" في إبريل/ نيسان 2019، بعدما أمضى سبع سنوات لاجئا في سفارة الإكوادور في لندن لتجنب تسليمه إلى السويد حيث كان يواجه اتّهامات بالاعتداء الجنسي، أُسقطت لاحقاً. ومنذ ذلك الحين كثرت الدعوات لكي يسقط الرئيس الأميركي جو بايدن الملاحقات في حقه، وتقدمت أستراليا بطلب رسمي بهذا الخصوص في فبراير/ شباط.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون