استمع إلى الملخص
- تدمير مقار العمل والمنازل ونقص الغذاء والماء والكهرباء أثر سلبًا على الوضع الإنساني والمهني للصحافيين، مما أجبرهم على الاعتماد على الأجهزة المتاحة التي تعرضت للتلف.
- نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين يدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف جرائمها وإعادة فتح المعابر لتمكين الصحافيين من استعادة معداتهم ومواصلة عملهم الإعلامي.
أدّى الإغلاق الإسرائيلي المتواصل لمختلف المعابر المؤدية إلى قطاع غزة منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى خلق أزمة شديدة ونقص حاد في الكاميرات والأجهزة والمعدات اللازمة للتغطية الصحافية الميدانية، تزامناً مع تصاعد المجازر بحق المدنيين.
تضاف أزمة المعدات إلى جملة من الأزمات والتحديات التي تواجه الصحافيين الفلسطينيين خلال الأشهر الثمانية الماضية منذ بدء الحرب، التي استهدفت خلالها المباني المدنية ومقار المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والعالمية، إلى جانب المنشآت ذات الطبقات المرتفعة، التي تضم أبراج الإرسال الخاصة بالفضائيات ووكالات الأنباء.
بدأت معاناة الصحافيين في وقتٍ مبكرٍ من العدوان الإسرائيلي مع إغلاق المعابر ومنع دخول المواد الأساسية، وفي مقدمتها المواد الغذائية والماء والكهرباء ومشتقات البترول. فرض ذلك مصاعب على التغطية الميدانية مع انقطاع الكهرباء وغياب الوقود لتوفير الطاقة البديلة، وحدّ من قدرة الصحافيين على التحرك بالسيارات إلى المناطق المستهدفة.
وتفاقمت أزمة الصحافيين بفعل النقص الحاد في الأجهزة والمعدات جراء إغلاق المعابر منذ بداية الحرب، وتشديد الحصار بعد سيطرة الاحتلال على معبر رفح مطلع مايو/ أيار الماضي، في الوقت الذي تترافق فيه المعيقات العملية والمهنية، مع خطر الموت الذي يطاول الصحافيين الفلسطينيين بفعل الاستهداف الإسرائيلي المتواصل.
وأوضح مصور وكالة الأنباء الفرنسية في قطاع غزة محمد البابا أن الصحافيين الفلسطينيين تعرضوا لمختلف أشكال المعاناة منذ بداية الحرب سواء على صعيد تدمير مقار عملهم وبيوتهم، أو تدمير جزء كبير من معداتهم، وشرح أن "أزمة المعدات تعود إلى عوامل عدة، الأول هو عدم وصول معدات كانت في طريقها إلى قطاع غزة، بينما تمثل العامل الثاني في استهلاك واهتراء المعدات والأجهزة البسيطة الموجودة، والتي أصبحت بحاجة إلى صيانة مع عدم توفر البدائل، وثالثها تدمير وفقدان نسبة كبيرة من معدات الصحافيين وأجهزتهم داخل مكاتبهم وبيوتهم".
وتحدّث البابا مع "العربي الجديد" عن تجربته الخاصة: "كنا ننتظر استبدال معداتنا بأخرى حديثة ومتطورة، كانت في طريقها من فرنسا إلينا، لكنّها علقت في قبرص جراء إغلاق المعابر ولم تصل حتى اللحظة، ممّا اضطرنا للتعامل مع الأجهزة الموجودة، وشحنها عبر الطاقة البديلة، في ظل انقطاع الكهرباء تماماً، ممّا تسبب بتلف جزء آخر منها".
وأشار البابا إلى عدم إمكانية إصلاح المعدات التالفة لعدم وجود قطع الغيار اللازمة. وأضاف: "بسبب التنقل المتواصل من منطقة إلى أخرى ونزوحنا من مكاتبنا اضطررنا لشراء بعض القطع والأسلاك البسيطة لمواصلة العمل، لكنّها كانت إمّا غير موجودة أو متوفرة بأسعار تصل إلى عشرة أضعاف".
بدوره، لفت الصحافي الفلسطيني مُنذر الشرافي إلى الانعكاسات الكارثية لإغلاق المعابر على وصول المعدات إلى الصحافيين في قطاع غزة، مشيراً إلى أن ذلك تزامن مع الاستهداف الإسرائيلي لمقار الصحافيين والمؤسسات الإعلامية، وفقدان نسبة كبيرة من أجهزة البث والكاميرات والمعدات تحت الركام.
وبيّن الشرافي في حديث مع "العربي الجديد" أن الصحافيين وبعد تدمير مكاتبهم ومقار عملهم توجهوا إلى المستشفيات التي تحولت إلى نقاط تمركز رئيسية لهم، لكن الاجتياح الإسرائيلي للمُستشفيات وتدمير ما يزيد عن 90% منها تسبب بفقدان وخسارة الصحافيين مزيداً من الأجهزة والمعدات التي كانت تعينهم على مواصلة التغطية.
وذكّر الشرافي بالحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 17 عاماً، منبّهاً إلى أثر ذلك على قطاع غزة عموماً وعلى الصحافيين ومعداتهم خصوصاً، وهو ما ظهر في نقص المعدات بعد وقتٍ قصير على بدء الحرب، ممّا صعب مهمة نقل الصورة والصوت بشكل يرتقي لحجم الأحداث.
واعتبر الشرافي أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلال استهداف الصحافيين ومقار عملهم ومعداتهم وعربات البث الفضائي والكاميرات، ومنعهم من مواكبة التكنولوجيا والتطور إلى طمس الحقيقة ومنع إظهار حجم المجازر التي يرتكبها بحق المدنيين خلال حرب الإبادة المتواصلة والمتفاقمة.
من جهته، شدّد نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين تحسين الأسطل على أثر الإغلاق الإسرائيلي المتواصل للمعابر على حياة المواطنين، وكذلك على العمل الإعلامي الفلسطيني، "خاصةً أنّ الاحتلال الإسرائيلي كان ولا يزال يمنع إدخال المعدات والكاميرات والأجهزة الخاصة بالصحافيين".
وأوضح الأسطل لـ"العربي الجديد" أن إغلاق المعابر يعيق إمكانية تعويض الخسائر الفادحة التي لحقت بالصحافيين وأجهزتهم ومعداتهم وكاميراتهم جراء تدمير مكاتبهم، ممّا أثّر بشكل مباشر على العمل الإعلامي. كما أن الاحتلال يسعى من خلال منع دخول المعدات الخاصة بالصحافيين إلى طمس الحقيقة، وحجب الصورة التي تظهر مدى فظاعة الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين.
ودعا نائب نقيب الصحافيين المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية المعنية بالدفاع عن الصحافيين إلى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وكذلك إنجاح الجهود المصرية الرامية لإعادة العمل بمعبر رفح بعد انسحاب قوات الاحتلال منه.