رحل المخرج السوري حاتم علي، تاركاً إرثاً كبيراً ونوعياً في رصيد الدراما السورية والعربية. فقلما كانت أعماله محط النقد القاسي. عرف الراحل كيف يختار المواضيع التي يعالجها، فوثق للتاريخ، وذكّر بالمعاناة، وأبدع في وضع أسس جديدة للدراما الاجتماعية، ما جعله يترك بصمة، ليس لاسمه وحسب، وإنما للدراما العربية، ستبقى دليلاً على مرحلة من الإبداع.
بيد أنه كان في جعبة الراحل، الكثير ليقدمه في عالم الدراما، إذ وضعت وفاته في القاهرة التي قصدها قادماً من كندا مكان إقامته، حداً لمشاريعه المختلفة، منها عمل درامي ضخم في مصر، وفيلم سينمائي، في حين كان حلمه أن يكمل الثلاثية الأندلسية بجزء آخر، لتحقيق الرباعية، غير أن الموت سبقه.
"السفر برلك"
كانت مواقع فنية، لبنانية وسورية، تحدثت بداية العام المنصرم عن توقيع حاتم علي مع شركة "أيغل فيلمز" لبدء العمل على مسلسل درامي ضخم يتناول الوجود العثماني في البلاد العربية. وأطلق على العمل اسم مبدئي هو "السفر برلك"، وهو النفير العام الذي صدر بأمر سلطاني عثماني عام 1914 عند دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى. في حين قالت مواقع أخرى أن الشركة المنتجة للمسلسل هي "جينوميديا" الإماراتية، بالاشتراك مع mbc اللتين أنتجتا مسلسل "ممالك النار" وتناول الحقبة العثمانية كذلك.
ونقلت وسائل إعلام عن عمرو علي، نجل الراحل حاتم علي، بأن والده كان في القاهرة للاستعداد لتصوير المسلسل، الذي كان من المفترض أن يصوّر بعدة دول منها مصر والسعودية وسورية ولبنان، على أن يتصدى علي لإخراج المشاهد في كل من مصر والسعودية، في حين سيتولى المخرج الليث حجو إخراج المشاهد في كل من لبنان وسورية.
وسيبقى هذا العمل، رهن ما ستحمله الأيام من أخبار، بإكماله مع الليث حجو منفرداً، أو توقف تصويره مجدداً بعدما كان انتشار فيروس كورونا أجل انطلاق تصويره بداية العام الماضي.
"الزير سالم"
قبل عشرين عاماً أخرج حاتم علي مسلسل "الزير سالم"، الذي تناول ملحمة حرب البسوس التاريخية، ولقي المسلسل حينها تفاعلاً قل نظيره، فحصد عدداً من الجوائز وحظي بمتابعة كبيرة، إلا أن المخرج الراحل كان له حلم تجديد سيرة تلك الملحمة عبر فيلم سينمائي، بدئ بالعمل عليه عند عودته لمصر قبل أشهر قليلة.
وقبل وفاته بأسابيع قليلة، قال حاتم علي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن النص سيكون بالشراكة بينه وبين الكاتب والمخرج المسرحي زياد عدوان، وهو نجل كاتب مسلسل الزير، الكاتب والروائي والشاعر السوري ممدوح عدوان الذي توفي بعد إنتاج المسلسل بأربعة أعوام، عام 2004، مشيراً، حينها، إلى أنه ما زال في مرحلة الكتابة بالشراكة مع زياد عدوان، وبالتالي المشروع حالياً يطبخ على نار هادئة، بحسبه، وأضاف في حديثه عن العمل: "بما أننا لا نزال في مرحلة النص، فهذا يعني أننا لم ندخل حتى بمرحلة التحضير ولو بشكل أولي". وأشار حاتم علي في حديثه الأخير لـ"العربي الجديد" عن الفيلم، إلى أنه لا يزال يحن لشراكاته في الزمن الذهبي للمسلسل، ولفت أيضاً إلى أنه سيكون سعيداً لو استطاع جمع فريق المسلسل ثانية في الفيلم إلى جانب جمال سليمان، وتيم حسن، وباسل وخياط وآخرين كثر.
أراد تحويل مسلسل "الزير سالم" الشهير إلى فيلم سينمائي
الرباعية الأندلسية
ليس من المبالغة القول، إن حضور سيرة الأندلس في العقدين الأخيرين، بات يرتبط بحضور اسم حاتم علي معها، إذ تعد الثلاثية الأندلسية، "صقر قريش"، و"ربيع قرطبة"، و"ملوك الطوائف"، من أفضل إنجازات المخرج السوري الراحل، ليس على الصعيد الفني وحسب، وإنما باستحضار التاريخ وتوثيقه بالشراكة مع الكاتب الكبير وليد سيف. وكان علي يحلم باستكمال الثلاثية وإيصالها للرباعية، بجزء رابع يحمل اسم "سقوط غرناطة"، إلا أن هذا العمل لم يكتب له الظهور.