استمع إلى الملخص
- تاريخ جولي الفني يشمل أدواراً متنوعة، مثل "جامع العظام" و"الإسكندر"، وفوزها بجوائز "غولدن غلوب" و"أوسكار" عن "Girl, Interrupted"، مما يبرز مهنيتها.
- رغم ذلك، يبقى السؤال حول قدرتها على تجسيد شخصية ماريا كالاس، مما يجعل المشاهدة الفعلية للفيلم ضرورية للإجابة على هذه التساؤلات.
اختيار إنجلينا جولي لتأدية دور ماريا كالاس، في "ماريا" (2024) للتشيلي بابلو لاران، يُثير تساؤلات، يُمكن طرحها على الأقلّ قبل المُشاهدة: كيف يكون اختيار ممثل/ممثلة لتأدية دور شخصية عامة؟ أي شروطٍ يُفترض بالمخرج/المخرجة التزامها؟ الشكل أولاً؟ حِرفية الأداء وتطوّره؟ براعة المُختار في الاستجابة إلى فنّ التمثيل قبل حضور الشخصية، أمْ أنّ للنجومية دوراً حاسماً؟ إنْ يكن للنجومية دورٌ، ألنْ يُطرح سؤالٌ عن الحِرفية والبراعة والحنكة والاحتيال في اختراق الشخصية (والاحتيال فنيٌّ)، وفهم كُنهها وتفاصيلها وسلوكها ومشاعرها، بتناقضاتها وتصادماتها؟
لكنْ، أيجوز طرح هذه التساؤلات كلّها قبل المُشاهدة؟ أتفيد المُشاهدة في طرح التساؤلات بعدها؟ ألن يكون التاريخ الفني لممثل/ممثلة أساسيّاً في محاولة الإجابة عن تساؤلات، لن تكون (الإجابة) حاسمة ونهائية؟ ماذا عن التاريخ الأدائي لأنجلينا جولي؟ أيّ دور لها يخرج من "حِرفية مهنية" إلى براعة ابتكار؟ علماً أنّ دورها في "جامع العظام (The Bone Collector)" لفيليب نويس (1999) مقبولٌ لاختلافه عن أدوارٍ كثيرة لها؛ وأنّ تأديتها دور والدة الإسكندر، رغم ظهورها القليل في "الإسكندر" (2004) لأوليفر ستون، متينٌ ومتماسكٌ؛ وأنّ فوزها بجائزتي "غولدن غلوب" (النسخة 57، 23 يناير/كانون الثاني 2000) و"أوسكار" (النسخة 72، 26 مارس/آذار 2000) في فئة أفضل ممثلة في دور ثانٍ، عن Girl, Interrupted لجيمس مانغولد (1999)، تستحقّه، لتمكّنها من إيجاد مُعادل تمثيلي جميل ومُقنع لامرأة مضطربة نفسياً. يُمكن ذكر دورها في "الراعي الصالح (The Good Shepherd)" لروبرت دي نيرو (2006) أيضاً، مع أنّ الفيلم أهمّ من الدور.
إلقاء نظرة على أسماء مخرجي هذه الأفلام الأربعة كافٍ لمعرفة أنّ مهنيّة أنجلينا جولي قادرةٌ، أحياناً، على إظهار الأجمل في أدائها، بفضل أسلوب صانعي هذه الأفلام. إضافة إلى أنّ الشخصيات الأربع غير عامّة، رغم أنّ ابتكارها مستلّ من اختبار حياتي، وأنّ أولمبياس (والدة الاسكندر) غامضةٌ بسبب حضورها الواقعي البعيد تاريخياً، ما يُتيح للخيال السينمائي، وإنْ يستند إلى كتبٍ وأرشيف ووثائق، حرية ابتكار.
لكنّ أربعة أفلام (أقلّه بتقدير نقدي خاص)، من 38 فيلماً آخرها "ماريا"، غير كافية البتّة لتصنيفها في خانة "أبرع الممثلات وأهمهنّ أداءً". جمالها، غير الصافي وغير الطبيعي، سببٌ أساسي لحضورها في قلب هوليوود. الإيرادات الكبيرة لأفلامٍ مشاركة فيها لا تعني، وحدها، أنّ المُنتَج البصري يحفر عميقاً في وجدان وتفكير وانفعال. أمّا اختيارها لتأدية دور أسطورة من أساطير الإبداع المتفوّق على نفسه، في "ماريا"، فمُثيرٌ لقلق، إذْ كيف يُمكن لممثلةٍ تمتلك جمالاً عادياً ومشكوكاً في صفائه الطبيعي، ولها تاريخ عاديّ للغاية في صناعة السينما، أنْ تكون ماريا كالاس؟
بالتأكيد، المُشاهدة وحدها كفيلةٌ بالإجابة. لكنّ التساؤلات مشروعة.