آثار العراق... بعثات تنقيب أجنبية في الطريق

06 أكتوبر 2021
يضمّ العراق أكثر من 15 ألف موقع أثري (إسماعيل عدنان/ Getty)
+ الخط -

يستأنف العراق عمليات التنقيب الخاصة بالآثار في أكثر من محافظة ومدينة، بعد نحو عامين من تجميد غالبية الأنشطة البحثية عن القطع والمخطوطات والأختام في المناطق الأثرية وغيرها التي كانت امتداد الحضارات السومرية والبابلية، جرّاء تفشي جائحة "كوفيد-19"، ومغادرة بعثات التنقيب الأجنبية.

وكشف، أخيراً، المدير العام لدائرة التحريات والتنقيبات في وزارة الثقافة العراقية، علي شلغم، عن وصول عدد من البعثات التنقيبية الأجنبية، للعمل في المواقع الأثرية في عدد من محافظات العراق، مشيراً في بيان إلى أن "البعثة الإيطالية التابعة لمركز تورينو الآثاري، وصلت إلى موقع تل البقرات في قضاء النعمانية في محافظة واسط، وتعمل ضمن موسمها التاسع في موقع تل البقرات الذي يعود إلى الفترة السومرية والأكدية، حيث استُخرِج عدد من القطع الأثرية خلال المواسم الماضية، فضلاً عن الكشف عن تراكيب بنائية لها وظائف مدنية ودينية".

وأكد شلغم أن "عدداً من البعثات الأجنبية سيصل إلى العراق خلال الأيام القليلة المقبلة، ومنها البعثة التنقيبية الفرنسية التي تصل اليوم، إضافة إلى البعثة الألمانية التابعة للمعهد الألماني للآثار للعمل في الوركاء، وبعثة ألمانية أخرى للعمل في الحيرة في النجف، إضافة إلى البعثة الروسية التي ستصل في السادس عشر من الشهر الحالي، للعمل على مسح عدد من المواقع الأثرية ضمن حدود محافظة المثنى، وأعمال مسح أخرى في ميسان، فيما ستنقب البعثة الأميركية في لكش الهباء، والبعثة السلوفاكية في تل جوخا، والبعثة البريطانية في تل أبو الكبور، والبعثة الروسية في تل الدحيلة".

في السياق، قال عدنان الفتلاوي، وهو مسؤول في وزارة الثقافة والسياحة والآثار، إن "الوزارة تنتظر حالياً وفوداً دولية وبعثات لبدء حملات التنقيب، في المناطق التي كان العراق قد اتفق مع مجموعة من الدول، في سبيل تنقيبها واستخراج القطع الأثرية الهامة منها، وتحديداً في مناطق جنوب البلاد، وأخرى في محافظة نينوى وبعض مناطق إقليم كردستان"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الاتفاقات استراتيجية مع مجموعة دول، وهي مرتبطة بعمل الوزارة، حتى وإن تغير الوزير، ومن المفترض أن يشهد التنقيب عن الآثار في العراق انطلاقة جديدة بعد فترة تفشي جائحة كورونا في العالم، وسيرافق البعثات الأجنبية منقبون عراقيون للعمل معهم؛ بهدف زيادة الخبرات وتعلّم الطرق العلمية الحديثة في الكشف والمسح والتنقيب والتصوير وكتابة التقارير الآثارية والتوثيق وغيرها".

 في سبتمبر/ أيلول الماضي، أبرمت حكومة إقليم كردستان العراق، اتفاقيات مع جامعتين، ألمانية وهنغارية، للبدء بحملة تنقيب عن الآثار في الإقليم، في خطوة تهدف إلى إنعاش هذا القطاع، وخصصت حكومة الإقليم 900 مليون دينار (616 ألف دولار) سنوياً لقطاع الآثار، فيما أشارت تصريحات رسمية إلى أن مديرية آثار مدينة دهوك تعمل على توسيع المتحف الرئيس في المحافظة، لعرض المزيد من القطع الأثرية فيه، وجذب السائحين إليه.

علوم وآثار
التحديثات الحية

وتُعَدّ محافظات الإقليم من المناطق السياحية المهمة في العراق، وتضمّ مناطق أثرية جاذبة للسياح من دول العالم كافة، ويحظى القطاع باهتمام ودعم من قبل حكومة الإقليم، لما له من أثر في تحقيق موارد مالية كبيرة.

من جهته، بيَّن الآثاري العراقي والوزير السابق، عبد الأمير الحمداني، أن "جائحة كورونا سبّبت توقف عمل حملات التنقيب والبعثات الأجنبية في محافظات البلاد، بما في ذلك إقليم كردستان، مع العلم أن في العراق الكثير من المناطق التي لا تزال بحاجة إلى تنقيب، منها ذي قار والبصرة والنجف وواسط والديوانية ونينوى"، مؤكداً في حديثٍ مقتضب مع "العربي الجديد" أن "عودة البعثات الأجنبية إلى العراق تمثل حافزاً آثارياً وسياحياً مهماً، ويعني ذلك مكسباً ثقافياً لاستخراج مزيدٍ من الآثار والتاريخ المطمور".

لكن عضو جمعية "حماة دجلة"، وهي منظمة محلية مهتمة بالبيئة والآثار، سلام عبد، أشار إلى أن "هناك مخاوف من قيام بعض المليشيات المسلحة والعصابات التي تتاجر بالآثار بتهديد البعثات الأجنبية، ولا سيما أن كثيراً منها يتعرض لتهديدات بهدف إبعادها، منذ عام 2011، حين بدأ العراق حراكه للتنقيب بالتعاون مع المجتمع الدولي"، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد"، بقوله: "معظم هذه المليشيات والعصابات محمية من قبل أحزاب وكيانات سياسية مشاركة في الحكومة العراقية، وتسعى لتحويل العراق إلى بيئة طاردة للبعثات الأجنبية والفرق البحثية والاستكشافية، لذلك على وزارة الثقافة العراقية أن تنتبه إلى ضرورة الحفاظ على حياة أبناء البعثات الأجنبية، عبر شرطة الآثار ودعمهم بقوات عسكرية أخرى".

وبحسب مسؤولين عراقيين، تضمّ بلاد الرافدين أكثر من 15 ألف موقع أثري، غالبيتها لم تُجرَ عليها أي عمليات تنقيب، وأبرزها بابل وآشور وأور والنمرود وسامراء والأنبار ومواقع أخرى، وذلك بسبب تردي الوضع الأمني وزيادة سطوة المليشيات على الأرض، ما يمنع البعثات الأجنبية من الوصول إلى العراق، والعمل على إجراء التنقيب. كذلك تعرّضت آثار العراق لعمليات نهب وتدمير بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، عدّها خبراء أنها الأسوأ في التاريخ الحديث، إلا أن العراق نجح خلال السنوات الماضية في استعادة آلاف القطع المهرّبة.

المساهمون