نجحت أغنية أمازيغية أخيراً في تصدر قائمة الأكثر مشاهدة في "يوتيوب" في المغرب. حدث نادر حققه فنان ومخرج يقولان إنهما بذلا الكثير من الوقت والجهد والمال من أجل تحقيقه.
و"واييها" أغنية أمازيغية مغربية من أداء العربي إمغران وكلماته وألحانه، ومن توزيع "ريضال برود"، والفيديو كليب من إخراج كريم جبران.
وتعليقاً على ذلك، يقول العربي إمغران، في حديث إلى "العربي الجديد"، إنه سعيد بالوصول إلى الترند رغم أن ذلك "ليس غاية في ذاته".
ويوضح أن "هذه هي المرة الأولى التي يتصدر فيها عمل أمازيغي الترند المغربي، لكن الترند نفسه ليس غاية بل مجرد وسيلة. هذا لا يعني أنه لا يسعدنا أن نرى تفاعل الناس، ونتمناه نجاحاً متكرراً في أعمال ومنصات أخرى".
من جانبه، يقول المخرج كريم جبران، لـ"العربي الجديد"، إن الوصول إلى قمة الترند المغربي "يعني لنا الكثير، فهذه سابقة في تاريخ الكليب الأمازيغي"، موضحاً أن "هذا يدل على أن الموسيقى الأمازيغية بوسعها الاكتساح في عالم لم يعد يؤمن إلا بالجودة، سواء على مستوى الصورة أو الصوت، وليس باللغة أو الرقعة الجغرافية".
مشروع بـ70 ألف دولار
سبق أن حاول الأمازيغ المغاربة مسايرة التطور الذي تشهده الأغنية المغربية على العموم، لكن عدداً قليلاً من الأعمال الأمازيغية فقط وصل إلى شهرة وطنية.
ولا تزال الاستعانة بالثقافة الأمازيغية في الأغاني المغربية الشبابية المعاصرة محدودة. قلة قليلة فقط هي التي أطلقت أغنية ببصمات من هذه الثقافة، ولا أحد تقريباً كانت أغنيته أمازيغية تماماً من حيث اللغة والموسيقى والكليب.
وباستثناء حالات نادرة جداً، اكتفى الفنان المغربي بأن يضع لمسة أمازيغية صغيرة في أغنيته، مثل أن تكون اللازمة بالأمازيغية على أن تكون باقي الكلمات بلغات أخرى، فيما اكتفى آخرون بالإيقاع مثلاً، آخر هذه الأمثلة أغنية "معليش"، للمغنية اللبنانية ميريام فارس.
وتسود في المغرب ثلاث لهجات أمازيغية رئيسية، هي تشلحيت في منطقة سوس ونواحيها في جنوب المغرب، تامازيغت في جبال الأطلس الوسطى، ثم تاريفيت في جبال الريف، شمال شرق البلاد، وجاءت أغنية إمغران بلهجة تشلحيت.
وبحسب القائمين على أغنية "واييها"، تصدر هذه الأغنية الترند المغربي هو تتويج لمجهود كبير استمر نحو سنة والكثير من الإنفاق. يقول مخرج الفيديو كليب: "لقد كان مجهوداً جباراً، فليس من السهل أن تنتج وتخرج عملاً يجمع ما بين الحقيقة والواقع الافتراضي، وقد كلّف العمل ميزانية تقارب 70 ألف دولار".
لكن من أين أتى كل هذا المال؟ منتج العمل هو المسوق التجاري الشاب محمد إيديحيا. ويقول إمغران إن المنتج وضع ميزانية مفتوحة للمشروع، وأضاف: "لقد طلب مني أن نحلم كما نشاء وهو سيتولى التكاليف". وأشار المغني إلى أن هذا المجهود لا يشمل الفيديو كليب فقط، بل ألبوماً من ست أغانٍ طُرحت على تطبيق الاستماع "سبوتيفاي" في الأول من الشهر الحالي.
محاولة لـ"إنقاذ الأغنية الأمازيغية"
يرى إمغران أن هذه محطة هامة في مساره ومسار الفن الأمازيغي على حد سواء، ويقول إن "هذا العمل يعني لي الكثير في مساري الفني وبالنسبة للساحة الفنية الأمازيغية التي وصلت لمرحلة ركود قد تقتلها إذا لم يستثمر الفنانون ويحلموا أحلاماً كبيرة ويوسعوا طموحهم خارج ما هو جهوي ومحلي إلى الوطنية والعالمية".
ويخلص إلى أن "الأغنية الأمازيغية لا تزال حية، لكنها مريضة. نحاول أن ننقذها وألا نسمح لها بالانقراض".
ويرى جبران أن "الأغنية الأمازيغية تحتاج إلى الكثير من العمل، خصوصاً على مستوى التسويق واستهداف فئات عمرية ناشئة وشابة، فلا يعقل أنه بعد قيامي بدراسة شخصية سألت فيها الشباب ذوي الفئات العمرية ما بين 10 سنوات و20 سنة، فوجدتهم لا يعرفون أي فنان أمازيغي أو أغنية أمازيغية. الأغنية الأمازيغية لم تعد تستهدف أذواقهم التي تتماشى مع العصر".
ويتابع المخرج الشاب أن "هذا الجيل الجديد مختلف كثيراً وهو جيل منفتح على الموسيقى العالمية أكثر، وهذا بسبب الإنترنت والترند، فعندما يقارنون بين أذواقهم العالمية والأغنية الأمازيغية يجدون فرقاً هائلاً وتجدهم ينفرون رغماً عنهم".