لا يُعد غريباً عن الباحث والمصور الصحافي الأردني محمد القرالة، أن يحوّل أي مكان جامد إلى أثر نابض بالحياة.
فصاحب مبادرة "مسار الخير" التي انطلقت في العام 2017، بهدف مساعدة المعوزين والأقل حظاً على تدبر شؤون حياتهم اليومية، قرر أن يضيف إلى أذرع مبادرته خطاً جديداً هو "مكتبة مسار الخير"، لإيمانه الكامل بأهمية تثقيف الناس وتعلميهم. يقول القرالة لـ "العربي الجديد": "أرغب بإحداث أثر إيجابي في بنية المحافظات الأردنية والقرى النائية على المستوى الثقافي والمدني عبر التشجيع على عادة القراءة".
يُحضر القرالة لافتتاح المكتبة رقم 15 في مشوار مبادرته، إذ اختار "درج الكلحة" وهو أحد أشهر أدراج العاصمة الأردنية المكون من 112 درجة، وهو أول أدراج شارع الملك حسين ويربط بين منطقتي وسط البلد وجبل اللويبدة العتيقتين، متعاوناً مع صاحب كافيه يافا الرابض في منتصف الدرج على إنشاء مكتبة مزينة بالرسوم التشكيلية، تحمل اسم الفنانة التشكيلية هيلدا الحياري تكريماً لها على إثرائها للمشهد الثقافي الأردني عبر منجزاتها الفنية. ويضيف القرالة: "الفنانة هيلدا الحياري ساهمت في تعزيز الوعي والثقافة لدى الجمهور، عبر أعمالها التي تؤرخهم وتحكي عنهم".
يسعى القرالة إلى إنشاء مشروع المكتبات النموذجية في قرى ومحافظات المملكة المختلفة الأقل حظاً، وهو يرمي إلى إحداث أثر إيجابي في بنية المحافظات والقرى النائية على المستويين الثقافي والمعرفي، والتشجيع على القراءة، وإطلاق الإمكانات الفكرية والإبداعية عند مختلف الفئات، وعلى امتداد الجغرافيا الأردنية. وكانت مبادرة "مكتبة مسار الخير" قد كرّمت العام الماضي، اسم الروائية سميحة خريس، إذ أطلقت اسمها على مكتبة أنشئت في منطقة شارع الحمام في مدينة السلط (30 كلم شمال غرب العاصمة عمان) تكريماً لها على إثرائها للمشهد الثقافي الأردني عبر منجزاتها السردية والروائية لمدة تتجاوز أربعةَ عقود.
يشرح القرالة: "نهدف من وراء تعميم فكرة (مكتبة مسار الخير) إلى إحداث أثر إيجابي في بنية المحافظات والقرى النائية على المستوى الثقافي والمعرفي والتشجيع على القراءة، ونحن نتعاون مع عدة جهات منها وزارة الثقافة واتحاد الناشرين ومجموعة من دور النشر، لتوفير وجمع أكبر عدد من الكتب والمؤلفات بمختلف العناوين والمصنفات وفي مجمل المجالات والتخصصات، وذلك لإحداث التنوع المطلوب ضمن خطة ثابتة تعتمد مجموعة من المعايير الدقيقة والتقييم العالي وانتقاء المضمون بعناية ودقة".
يستذكر القرالة الذي حصل عام 2019 على "وسام الملك عبد الله الثاني بن الحسين للتميز من الدرجة الثالثة"، لجهوده الفريدة في توظيف الصحافة والصورة في خدمة المجتمع والأعمال الخيرية التطوعية، أول مكتبة تأسست عام 2018، في منطقة جرف الدراويش النائية (160 كلم جنوب العاصمة عمّان وتتبع محافظة الطفيلة) التي لا يتوفر بها أماكن الترفيه ويصل تعداد سكانها إلى قرابة (4500) مواطن، إذ تمكنت مبادرة "مسار الخير" حينها، من تحقيق حلم أهالي القرية بإنشاء مكتبة عامة داخل مبنى جمعية شابات الجرف، تحتوي على المئات من الكتب المتنوعة لتحقيق أهداف إيجابية، منها كسر الروتين اليومي ورفع المستوى الثقافي وزيادة وعي المواطنين بالتطورات والأحداث التي تدور من حولهم في العالم الخارجي.
يشير القرالة إلى أن مبادرة "مسار الخير"، تُعنى أساساً بمساعدة القرى النائية والمحرومة من الخدمات والتي يهيمن على سكانها الفقر والعوز، من خلال إنشاء مشاريع تنموية تخدم سكان المنطقة مثل المخابز والصالونات وتربية الطيور والأغنام وزراعة وحفر الآبار تجميع مياه الأمطار، إضافة إلى تقديم المعونات الخيرية من مواد تموينية وألبسة وأحذية ومساعدات مالية، مبيناً أنَّ فكرة إنشاء مكتبات للقراءة تأتي ضمن خطة ثابتة تعتمد على مجموعة من المعايير الدقيقة والتقييم العالي في اختيار مضمون الكتب بعناية، يراعى من خلالها المستوى الثقافي والتعلمي، مؤكداً أن المبادرة تسعى لافتتاح 18 مكتبة أخرى، في مختلف مناطق المملكة خلال العامين القادمين.