"لعبة نيوتن"... حكاية الواقع والباطن والدين
ربيع فران
لم تكن عودة الممثلة المصرية منى زكي إلى عالم الدراما سهلة، بعد غياب خمس سنوات. آخر أعمالها كان مسلسل "أفراح القبة"، ودخلت بعدها مرحلة صمت واعتكاف. الآن، تعود زكي من خلال عملٍ متكامل في عناصر نجاحه، أخرجه وألّفه تامر محسن. تلعب زكي دور "هنا" في مسلسل "لعبة نيوتن"، إذْ تخلَع في العمل شخصيّتها التقليدية، لتصل في النهاية إلى "انتفاضة" و"ثورة" على نفسها، وذلك لإثبات أنّها امرأة ذكية وغير ساذجة.
ثمة خيوط دقيقة جداً يمسكها الكاتب محسن من الحلقة الأولى، ليس أقلها الفكرة الجديدة التي يطرحها من خلال قضية الهجرة أو السفر للولادة في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك رغبة في كسب "الباسبور" الأميركي للمولود. هكذا هو حال "هناء" المتزوجة من "حازم" (محمد ممدوح) والعاملة في وزارة الزراعة، إذْ تلبي وزملاؤها دعوة للمشاركة في مؤتمر خاص عن الزراعة في الولايات المتحدة، وتقرر بالاتفاق مع زوجها البقاء هناك لحين موعد الوضع.
تقع هناء في فخ "الوسطاء" الذين وعدوها بتأمين السكن، ريثما يصل زوجها. ويقع زوجها في القاهرة في فخ النصابين والغش لوسطاء وعدوه بتأمين الأوراق اللازمة للهجرة إلى الولايات المتحدة واللحاق بزوجته. أيام عصيبة مرت، كانت أشبه بتحد، إن لم تكن تحدياً حقيقياً لـ"هناء"، التي بدأت بالبكاء والصراخ والبحث عن ملجأ. وصلت إلى حدود المبيت في الشارع، حتى تلتقي بـ"مؤنس" (محمد فراج) الرجل العصامي المتدين الذي يقع في غرامها من اللحظة الأولى، ويسعى جاهداً للزواج بها متسلحًا بثروته ونفوذه.
تقاوم "هناء" حتى موعد الولادة الذي يباغتها وهي في الشهر السابع. تصاب بانهيار عصبي شديد يؤدي إلى اتخاذ المستشفى قراراً بعدم منحها حضانة الطفل لمدة ستة أشهر كي تثبت تعافيها النفسي، فلا تجد أمامها سوى القبول بعرض "مؤنس" بالزواج بعد طلاقها الشفهي من "حازم" عبر رسالة صوتية يرسلها إلى هاتفها. تتزوج "هناء" مجبرة من "مؤنس" وتنال حضانة طفلها بعد خروجه من المستشفى. لتبدأ بعد عودتها للقاهرة بحرب مع زوجها، ومعاناة حول إثبات طلاقها "الشفهي" بصورة نهائية، ما فتح الباب أمام القضية الشائكة، خصوصًا بعد حدوث ردات فعل دينية، ومن نشطاء على المواقع البديلة تزامنا مع العرض. إذ لا يحق للمرأة الزواج برجل آخر طالما بقيت على ذمة الأول. وعلى "هناء" مواجهة كل ذلك وحيدة، في الوقت الذي عمل فيه "مؤنس" على حصر دوره بالشهوة، بعد مماطلة "حسام"، الزوج الأول، منح طليقته الطلاق بشكل رسمي أمام الشيخ والشهود.
في الخط الموازي، يضع المؤلف صورة حقيقة عن صوت الباطني الداعم للأحداث المترابطة. "بدر" (سيد رجب) الرجل الهادئ، الذي ينشد مساعدة الآخرين بطرقة مريبة. هذا لا ينقذه من شغفه في التجارة بالممنوعات وإعداد العسل المغشوش بالأفيون. لكن "بدر" صورة الحقيقة الوحيدة التي تدرك كل التفاصيل والكواليس، ونفوس من هم في الدائرة حوله. محاولة جيدة جداً لفكرة تجتاح العالم العربي، في السعي للولادة داحل الولايات المتحدة، ولا تقف عند حدود تداعيات مثل هذا القرار، وإمكانية الانقلاب التي يقع فيها أي عربي يسعى لمثل هذا الهدف.