"لا يُقهَر"... ابن لا يهزم يواجه أباً لا يموت

30 مايو 2021
نكتشف في المسلسل ديناميكية العلاقة بين الأب والابن الخارقين (فيسبوك)
+ الخط -

لم تعدْ أفلام ومسلسلات الأبطال الخارقين تتمتع بالبراءة التي رسَّخها عالم "مارفل"، خصوصاً مع صعود سياسات الهوية وتملمُل المُعجبين والمتابعين من لا واقعية ما يرونه، فالصورة الآسرة للبطل الخارق لم تعد جذّابة للكثيرين، وهذا يتضح مع مسلسل "الفتيان" الذي بث على شبكة "أمازون" وحاز إعجاباً جماهيراً لم يكن متوقعاً. هذا العام بثّت شبكة "أمازون" مسلسل الكرتون Invincible أو "لا يقهر"، في إشارة إلى المُراهق مارك غاريسون الذي ما إن بلغ من العمر 18 عاماً حتى اكتسب قواه الخارقة، تلك التي ورثها عن أبيه، "أومني مان"، القادم من كوكب بعيد لم يره أحد من سكان الأرض.

المثير للاهتمام في المسلسل أنه يحوي نخبة من النجوم الذين أعاروا أصواتهم لعدد من الشخصيات كـ"ساندرا أو" التي اشتهرت في مسلسل "غرايس أناتومي" والتي تلعب دور والدة مارك، وستيفن يان الذي يلعب دور "غاريسون"، و ج.ك سيمسون الذي يؤدي دور "نولان غاريسون"، والد مارك. يحوي عالم المسلسل الكثير من الأبطال الخارقين، على رأسهم مجموعة تُسمّى "حُماة العالم"، والذين رفض أومني مان أن يكون جزءا منهم لسبب نكتشف لاحقاً خطورته.

لكن، ودون أن نفسد حكاية المسلسل، يمكن القول إن أومني مان يعمل بصورة مستقلة، كونه من كوكب مهمة سكانه حماية المجرّة وكواكبها الأضعف، أما ابنه مارك، فلم يكن أمره محسوباً، وكان نتاج زواجه من امرأة كان قد أنقذ حياتها، ما يجعل نسله يحمل خصائص بشرية وخارقة في ذات الوقت. نكتشف في المسلسل ديناميكية العلاقة بين الأب والابن الخارقين، والأسرار التي تتكشف تباعاً بصورة مرعبة، فـ"الفيزياء" في المسلسل تشابه عالمنا، أي أثرُ الضرب والتحطيم واقعي، لكمة واحدة قد تشوه وجه أحدهم، وعدم حساب قوانين الفيزياء دقة يؤدي إلى دمار هائل وموت الكثير من الأبرياء، وهذا ما يكسب المسلسل حيويته، نحن لسنا أمام أبطال منزهين عن الخطأ في عالم صلب لا يتحطم، بل أمام علاقات متوترة وعاطفيّة، قد تؤدي في لحظة ما إلى دمار الكوكب بأكمله. يحيل المسلسل برقة إلى بعض الحكايات التي تنتمي إلى التراث العالمي، ويشير بوضوح إلى تلك التي تنتمي إلى عالم الأبطال الخارقين، بل ويهزأ منها، فحماة المجرّة الفريق الرئيسي في المسلسل يشابهون الأبطال الذين اعتدنا عليهم، كووندر وومان وفلاش وبات مان، والذين يتم قتلهم في الحلقة الأولى، و كأننا أمام جيل جديد من الأبطال سيَقتُل آباءه ومثاليتهم، ليقف على أرض الواقع بكل ما تحمله من صراعات.

 

وهذا ما يتضح في الإحالات إلى حكاية أوديب، وكيف فقأ عينيه، الحافز الذي يتكرر أكثر من مرة في المسلسل في العلاقة بين الابن وابنه، لتحديد من المحق، أهو ذاك الذي يؤمن بالصورة الكبرى وسلامة المجرة، أم ذاك الذي ما زال يرى نفسه جزءا من البشر، بالرغم من أنه سيخسر "الجميع" فقط لأنه لا يموت، هذا التعامي المُشترك يشكل مادة الصراع في المسلسل، ويتركنا أمام ما لا يمكن توقعه.

أكدت شبكة "أمازون" أن هناك موسمين جديدين من المسلسل، والكثيرون يراهنون على جودة ما سيقدم، خصوصاً أن سلسلة الكتب المصورة التي تحمل ذات العنوان والمقتبس منها المسلسل مُنتهية، أي كل الحكايات معروفة وواضحة، ولا داع لابتداع ما هو جديد وما قد يهدد تاريخ الشخصيات أو مستقبلها. ما زال أمامنا نحن الذين لا نقرأ الكتب المصورة الكثير لنكتشفه من عوالم Invincible، خصوصاً أنه تتجاوز كوكب الأرض نحو المجرات وأنظمة كونيّة أخرى تشكل جزءا جوهرياً من عالم المسلسل، لا مجرد ضيوف يحضرون في حلقة واحدة ثم يختفون.

الأهم، أشكال العنف في المسلسل و"الدماء المسليّة" إلى جانب الصراعات المتعددة التي تخلق التعاطف، تكسب المسلسل أصالة تجعله يخاطب طيفا واسعا من الجمهور الذي اكتشف أن عوالم "مارفل" و"دي سي" أًصبحت أقرب لعوالم الأطفال في "نظافتها" وخلوها مما يحفّز المخيّلة.

المساهمون