يعرض على منصة "شاهد" مسلسل "قارئة الفنجان" من قصة هاني سرحان وأياد الصالح، وإخراج محمد جمعة.
يجمع المسلسل طائفة من الممثلين اللبنانيين والمصريين والإماراتيين في أجواء متنافرة من المشهد الأول. يتناول المسلسل قصة مجموعة أصدقاء التقوا في سهرة تنكرية. لا نعرف ما الذي جمعهم كأصدقاء ولا مناسبة الحفل، ولم يعط الكاتب أو المخرج تبريرًا واحداً لإقناع المشاهد بالحدث (الحفل) الذي يتحول إلى كابوس. الغموض في أحداث العمل يشبه أعمال الألغاز المعروفة.
إذاً، السهرة تتحول إلى لعنة، بعد أن تعمد المجموعة، إلى تنزيل تطبيق "قارئة الفنجان" على هواتفها المحمولة، إذْ تنقلب حياتهم رأسًا على عقب، ويتحولون مع الوقت إلى أسرى محاصرين بالتطبيق. ورغم محاولاتهم حذفه، لكن ذلك لا يحصل، ليتبيّن في الحلقة الخامسة بأن هناك من يحرك هذا "الكابوس"، عبر رسائل نصّية مقصودة تصل إليهم بهدف تحذيرهم، من ضمنها مفردات مبطنة تصل لدرجة القتل أو الغرق.
الواقع الخيالي للمسلسل غير ممسوك من اللحظة الأولى. وتغليب موقف "الصدفة" كما جرت العادة. الصدفة التي تحكم لقاء المجموعة، والانسياق إلى واقع حياتي جديد خلقه "التطبيق"، يحاول المخرج تصويره بالمرعب. لكنه يفشل في هذا الأمر، وذلك لعدم خضوع النص لقاعدة السؤال والإجابة في الحلقات الأولى. كما أنّ العمل يحمل نفس المشاكل التي تعاني منها الدراما العربيّة عند تناولها موضوعات مثل ظواهر الاتجار بالمخدرات، والعلاقات القائمة على المصالح والخيانة الزوجية وملفات الفساد. إذْ يحاول المخرج من خلال هذا التطبيق تصوير حيوات أفراد هذه المجموعة، المختلفة تمامًا في الجنسيات والمواقف والميول.
الرواية ضعيفة ولا صلة لها بالواقع. حتّى إذا أخذنا "ممكنات" الخيال الدرامي بعين الاعتبار، فإن تصوير قوّة "التطبيق" كمغيّر جذري لحياة أفراد المجموعة هو غير رصين ويقع في فخ انعدام الحبكة. كما أنَّ أداء الممثلين المشاركين، مثل فادي إبراهيم وورد الخال وأحمد فهمي ويارا قاسم ومحمود الليثي، لم يساعد أبدًا على إنجاح العمل فنيًا. يفقد الممثل اللبناني فادي إبراهيم تقنيات الممثل الماهر التي اكتسبتها أثناء الدراما المحلية اللبنانية، وكذلك ورد الخال التي بدت وكأنها قادمة من كوكب آخر، وحتى أحمد فهمي الذي لا يساوم على أدائه النمطي المعروف.
إلى ذلك، تنحصر التقنيات المستعملة في المسلسل في إطار واحد كمحاولة لبث الرعب والتشويق لدى المشاهد، لكن ذلك يذهب أدراج الرياح، لفقدان هذه التقنيات للمبررات أو لإسقاط مسوغ دارمي مقنع، بأن ما نراه يمكن أن يحصل حتى وإن كان خيالا تقنيًا قائمًا على تطبيق معرفة الغيب. لأنّ قراءة الطالع هو شأن يهتم به الناس، وكان جيداً لو وظف بطريقة مختلفة. بطريقة تغلب فيها قدرة المتلقي على تلقف ما يشاهد بالصورة الصحيحة تماماً، كما هو حال المؤثرات الخيالية في الأفلام الأميركية التي تعتمد على الخيال والرعب. تفشل شركة "إيغل فيلم" هذه المرة في الطرح والرؤية والصورة. والواضح أن "قارئة الفنجان" من الأعمال الأولى للمخرج محمد جمعة، والتي كان يجب قولبتها بطريقة ممسوكة أكثر، وتحاكي عالم الخيال وتربطه بالواقع اليومي المعاش الذي يبحث عنه المشاهد العربي في كل تفاصيل الأعمال الدرامية.