"فيسبوك" و"إنستغرام" و"واتساب"... نهاية العالم لخمس ساعات

06 أكتوبر 2021
شعر كثير من المستخدمين بالاضطراب والرعب نتيجة هذا التوقف (Getty)
+ الخط -

لم يصدق أحد ما حصل. العطل ليس في "الراوتر"، وليس في اتصال الإنترنت، ولا الحاسوب، ولا الهاتف النقال. ببساطة، توقفت كل وسائل التواصل الأشهر؛ "فيسبوك"، و"إنستغرام" و"واتساب".

المكان الوحيد حينها كان "تويتر" الذي "رحّب بالجميع" حرفياً، لنكتشف عند تصفحه أن عملاق التواصل الاجتماعي "فيسبوك" توقف، و"إنستغرام" أيضاً. الأمر نفسه مع "واتساب". الصفحة الرئيسية لم تعد تتجدد، واستمر الأمر لأكثر من خمس ساعات.

الرد الرسمي من "فيسبوك" كان جافاً: "نعتذر عما حصل، ونحاول إصلاح الأمر بسرعة". لكن ملايين المشتركين، ومستخدمي منتجات "فيسبوك"، وقعوا في حيرة: ما الحل؟ ما البديل؟ كان الأمر أشبه بواحد من سيناريوهات نهاية العالم، أو انهيار الحضارة بحسب تعبير كثيرين؛ إذ فقدنا القدرة على التواصل الفوري... حل صمت ثقيل على "الجميع" الذين يتأملون شاشاتهم بقلق.

كلمات "تويتر" المعدودة لم تكن كافية. البعض كان ساخراً، والبعض الآخر يتشفى من مستخدمي "فيسبوك". وبالطبع، هناك الفئة المؤامراتية التي رأت أن "فيسبوك" يتخلص من معلومات يمكن أن تدينه، خصوصاً بعد الفضيحة الأخيرة التي طاولته، والتي تعمقت بعد حلقة "60 دقيقة"، التي كشفت فيها مسربة الوثائق فرانسيس هاوغين، وعي موظفة سابقة في "فيسبوك"، أن الشركة يهمها الربح فقط، لا السلامة العقلية والجسدية للمستخدمين.

كل هذا نعرفه. لكن ما الحل؟ أكثر خمس ساعات من الصمت وغياب الإشعارات أرعبت الكثيرين، ناهيك عن أن الأمر امتد إلى اتهام الصين ثم روسيا، ثم مجموعة من القراصنة، بـ"إيقاف" الموقع. لكن التحليلات تقول إن ما حصل هو خطأ تقني. خطأ في تحديث العناوين أدى إلى فقدان القدرة على الوصول إلى الموقع، وما يتصل به من برامج وخدمات، حتى الاتصالات الداخليّة بين موظفي "فيسبوك" أنفسهم تعطلت، وفقدوا القدرة على التواصل مع بعضهم البعض.

تكنولوجيا
التحديثات الحية

نعيد السؤال، فكل هذا لا يعنينا: ما الحل؟ ما البديل؟ هل يمكن أن نعود إلى ما قبل وسائل التواصل الاجتماعي؟ وبعضهم تساءل: هل يمكن أن نعود إلى عصر ما قبل الإنترنت؟ الملاحظ أن هناك فئة، أو جيلاً، ممن يتذكرون ما قبل "فيسبوك" الذين يمكن القول إنهم شعروا بالامتعاض فقط. لكن ماذا عمّن وُلد وهذه الوسائل موجودة؟ المثير للاهتمام، أن هناك الكثير من الأشخاص الذين لا نمتلك أرقام هواتفهم، أو لا نحفظها، بالتالي استحال التواصل معهم، أو لم نعد نعلم موقع من نحب (أو مَن نخاف) في كل لحظة، وهي الميزة التي يوفرها "واتساب" للمستخدمين. نضرب هذه الأمثلة، كون كثير من المستخدمين ليسوا من المستثمرين الذين تهددت أسهمهم، بل هم مستهلكون لخدمات التواصل الذين للمرة الأولى، منذ سنوات، لم يكونوا "سلعةً".

المثير للاهتمام، أيضاً، أن وسائل الإعلام أصيبت بصدمة. الأخبار عن الموضوع كانت مقتضبة في الساعات الأولى؛ فنبع المصادر والتعليقات أغلق، و"تويتر" لا يحوي المساحة الكافية للشرح والتعليق. ربما هذه الساعات التي لم نتصفح بها، أو لم "نستهلك" صور الآخرين، ونتفاعل معهم، كانت تجربة صغيرة، لنعيد تقييم أنفسنا، والأهم وقتنا، وكيف نقضيه، ومن هم الأشخاص الأهم في حياتنا؛ أي أولئك الذين فعلاً يهمنا التواصل معهم ومعرفة أحوالهم، لا الاكتفاء بالإعجابات، والتسجيلات الصوتية السريعة، خصوصاً أن بعضهم ولساعات فقط، وجد نفسه وحيداً، حتى "فيسبوك" نفسه، كان خالياً، مُعلقاً، من دون قدرة على "التلاعب" و"الاختبار" بشاشاتنا.

ما يثير الغيظ في كل ما حدث هو رد "فيسبوك": "نحن آسفون". هذا الأسف يتكرّر دوماً عند كل فضيحة أو مشكلة تواجهها "فيسبوك". ضرورة الاعتذار، هنا، فقدت قيمتها؛ فالاعتذار يعني إعادة نظر في السلوك أو ندم عليه، وهذا بالضبط ما لا تقوم به "فيسبوك"، خصوصاً أن العطل الذي حصل يحمل شعريةً من نوع ما، خطأ في "نظام أسماء النطاقات"، أي فقد "فيسبوك" اسمه، أشهر وأقوى ما يمتلكه ضاع لساعات، ضاع منا ومنه، كأنه "هام" على وجهه بلا اسم.

المساهمون