تعرض محطة "الجديد" اللبنانية مسلسل "حكايتي"، من إنتاج شركة "مروى غروب" (مروان حداد)، وبطولة ماريتا الحلاني، فيفيان أنطونيوس، أسعد رشدان، نغم أبو شديد، وجيه صقر، وميراي بانوسيان.
أحداث القصة التقليدية: أم مُعنفة تترك أولادها رهينة بيد القدر، فتدمن ابنتها القاصر المخدرات، وتبيع ابنتها الثانية الورد على الطرقات، فيما يهرب شقيقهما الأكبر من المنزل، ويقضي شقيقها الصغير وقته خادمًا في المنزل لطلبات الأب المُعنِّف.
تحاول الممثلة فيفيان أنطونيوس العبور إلى عالم الكتابة، بعدما شاركت في مجموعة كبيرة من الأعمال الدرامية اللبنانية، لكنها تفشل في جمع هذه الطروحات في مسلسل واحد، وتفتقد إلى دقة الترابط بين الأحداث، التي تفرض ترابطًا بين فريق العمل من الممثلين، فيما لا يحتكم المخرج جورج كيروز إلى المنطق في جمع كل هذه التفاصيل الخاصة بحياة العائلة المدمرة والمحيط الاجتماعي من حولها، وكأننا أمام مسلسل "مكسيكي" يعود إلى تسعينيات القرن الماضي. وتبدو ماريتا الحلاني أشبه بشخصية الممثلة المكسيكية تاليا التي عُرفت بمسلسلي "ماريا مرسيدس" و"ماريا ابنة الحي"، وحققت نجاحًا ساحقًا في ذلك الوقت.
يبدو أن فريق "حكايتي" يتمسك بالماضي، ولا يريد العبور إلى التقنيات الجديدة أو الواقع في الحد الأدنى من تقديم نصوص درامية جاهزة للإنتاج، والخروج بنتيجة كارثية، لا تقل عن النتائج المدمرة لهذه الصناعة في لبنان التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى ملاذ خاص بالمحطات اللبنانية المحلية، نظراً إلى ميزانيتها البسيطة، ومتابعة المشاهدين لها بطريقة حققت للمنتج مصالحه، وما زالت تحظى باهتمام هذه المحطات نفسها لجهة الشراء والعرض.
في السياق، يستغل المنتج مروان حداد مجدداً الإعلاميين ويضعهم في خانة الممثلين. محمد قيس مقدم البرامج على شاشة MTV اللبنانية يلعب دور البطولة المساند في "حكايتي"، وهو ابن العائلة الميسورة ماليًا، يدهس بالصدفة بائعة الورد ماريتا الحلاني ويحملها إلى المشفى، لتبدأ قصة إعجاب ستتحول إلى قصة حب جارفة في ما بعد، وتغليب الطبقية والفارق الاجتماعي بين معاناة وعمل "بائعة الورد"، وتسلط عائلة الشاب المعروفة بثرائها.
كذلك، يستعين حداد بالناشطة الكوميدية على مواقع التواصل، أريج الحاج، التي تفشل في أولى تجاربها التمثيلية بسبب فقدانها أدنى التقنيات المفترض أن تتمتع بها امرأة تسكن الحي الشعبي البسيط نفسه، يُغرم بها جارها المتزوج، فتنشط الحرب بينها وبين الزوجة، التي تكتشف حقيقة العلاقة في إطار هزلي جداً، لا يقترب من قواعد الدراما والإطار العام لبناء مشهد تمثيلي ينقل واقعة الغيرة والمعركة بين المرأتين.
هي نقطة الضعف نفسها، التي تخرج كل مرة في إطار لا يخلو من التكلف في النص والحوار، والاستعانة بمخرج لا يملك الخبرات الكافية لتنفيذ مشروع مسلسل يستحق المتابعة، ويغفل المنتج عن أي صوت معارض لهذا الإنتاج في ظل المحسوبيات التي تزيد من تراجع الدراما اللبنانية، وحصر عرضها على شاشات تواجه أخطار الشح المالي والوضع الاقتصادي اللبناني عمومًا، وهذا ما يزيد بالتالي من هوة الثقة بين المتابع وما يعرف بالدراما اللبنانية.