"المرأة في المنزل المقابل لنافذة الفتاة": هلوسات مخيبة للأمل

11 مارس 2022
لاقى المسلسل انتقادات كثيرة وتقييمات منخفضة (نتفليكس)
+ الخط -

بثت منصة "نتفليكس" أخيراً مسلسل "المرأة في المنزل المقابل لنافذة الفتاة" (The Woman in the House Across the Street from the Girl in the Window). الحلقات الثماني التي تلعب بطولتها كريستين بِل تحكي لنا قصة آنا؛ امرأة تعاني من الاكتئاب بعد خسارة ابنتها، وتمزج حبوب مضادات الاكتئاب مع الكحول، مفعّلة مخيلتها الهذيانية، تلك التي تضللها وتضللنا: هل شهدت آنا جريمة قتل في المنزل المجاور، أم أن الأمر محض خيال؟

العنوان الطويل للمسلسل لا يخفي وراءه أي شيء، ويمكن القول إن نبرة المسلسل بأكملها تحوي خيبة أمل، فما يمكن اعتباره فرضية ممتعة ومثيرة للاهتمام، يتحول إلى مجرد تكرار ونكات ساذجة وأقاويل بين الجيران، لا ترقى لأن تكون بشعرية وإحكام "ربات منزل يائسات" (Desperate Housewives)، حيث تتكشف أمامنا ما تخفيه منازل الضواحي من فضائح وعنف، وأحياناً قتل بدم بارد. فضلاً عن أن المأساة التي شهدتها آنا، وخسارتها لابنتها، بسبب عمل زوجها، تبدو مفتعلة، بل لا يمكن تصديقها، وكأن حكاياتها الشخصية نفسها ليست إلا هلوسة، لا ما تظن أنها شهدته.

مع ذلك، لا يمكن إلا التعاطف مع آنا، خصوصاً حين يمر الزمن بطيئاً في منزلها؛ فعلاقتها مع الخارج مهددة دوماً، هي تتأمل من الداخل، في حين أن السماء نفسها تحمل خطراً، كونها مصابة برهاب المطر الذي يعطل حركتها ودخولها وخروجها، ففي كل مرة هناك احتمال بأن تمطر، وتجد نفسها مغمى عليها في الطريق. لذا، تلعب آنا دور المتلصصة على جارها الجديد وابنته، وتحاول التودد له، لتصاب بسرعة بخيبة الأمل كونه مرتبطاً. لكن، وبينما تجلس محدقة في شباك منزله حالمةً بمستقبلها معه، تُفاجأ بحبيبته تُقتل أمام عينيها، وتختفي من دون أثر.


هذا الحدث الاستثنائي الثاني في حياة آنا يهز وجودها. لكن لا أحد يصدقها، فهي تشرب وتهلوس وتقول ما لا يمكن تصديقه، حتى توم ريلي، جارها، وموضوع شغفها وأحلامها، ينكر ما يحصل، ويؤكد لها أن ما تراه ليس بالحقيقية. لن نشير أكثر إلى أحداث المسلسل، لكن الملفت هو إضاعة كل فرصة لتحويل المسلسل إلى دراما مخيفة وكوميديا سوداء، عبر توظيف "مفاجآت" تنسف كل مرة نحاول فيها أن نتماهى مع ما يحصل، وكأن كل حلقة مكتوبة بشكل يدفعنا للتساؤل: لم علينا أن نشاهد هذا المسلسل ذا العنوان الطويل والمربك؟

الهوس باكتشاف حقيقة جريمة القتل هو ما يقود آنا لإثبات وجهة نظرها، حتى لو عنى ذلك المخاطرة بحياتها والخروج تحت المطر. لكن الصدمة لا تتمثل بكونها محقة ولم تكن تهلوس، بل بالقاتل نفسه، ذاك الذي كان أمام أعيننا طوال الوقت، لن نذكر من هو/هي، لكن لا يمكن لنا سوى القول إننا أمام محاكاة أقل حرفية وأكثر ابتذالاً من فيلم الرعب، "اليتيمة" الذي اشتهر عام 2009.

سينما ودراما
التحديثات الحية

لا يمكن حصر الانتقادات التي وجهت إلى المسلسل؛ سخيف، مبتذل، بل إن البعض قال إن أذكى شيء في المسلسل هو عنوانه فقط، كونه جذاباً لا أكثر، فنحن أمام محاكاة ساخرة لأفلام التشويق النفسي/الرعب، ذاك النوع الذي يشكل جزءاً لا يمكن تجاهله من تاريخ السينما، من هيتشكوك حتى بونغ جون هو.

هذا النوع، بسبب تاريخه الطويل والتاريخ الموازي في السخرية منه، لا يمكن محاكاته بمجرد سذاجات وكسر لتوقعاتنا لما يحصل، وهذا بالضبط ما جعل العمل ينال انتقادات شديدة، ويُحتفى بعنوانه فقط، كونه يحاكي عناوين الأفلام من هذا النوع، مثل "الفتاة في المنزل المقابل"، و"الفتاة في آخر الشارع"، و"الفتاة التي اختفت"

المساهمون