كانت كبسولة أوريون، المملوكة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، على وشك القيام برحلة تجريبية، اليوم الاثنين، قبل أن تعلن "ناسا" تأجيل الإطلاق إلى موعدٍ يحدّد لاحقاً، بسبب مشكلة فنية في أحد محركاتها، بحسب ما نقلته وكالة فرانس برس.
يشكّل ذلك خيبة أمل للوكالة التي سيتعين عليها تحديد موعد جديد في الأيام المقبلة. ومن المحتمل أن يكون الموعد يوم الجمعة في 2 سبتمبر/ أيلول المقبل، أو بعدها بثلاثة أيام، في 5 سبتمبر. لكن تحديد ذلك يتطلّب في بادئ الأمر تقويم المشكلة من جانب فرق "ناسا".
وكان من المقرّر الإقلاع عند الساعة 8 ونصف صباحاً بتوقيت الحوض الشرقي للولايات المتحدة، من منصة الإطلاق 39 بي في مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا الأميركية.
لكن ومع تقدّم ساعات الصباح الأولى، تأكّد تدريجياً تعذّر إطلاق صاروخ إس إل إس.
وكان ملء الخزانات قد بدأ بتأخير ساعة تقريباً، بسبب ارتفاع خطر الصواعق في منتصف الليل. وقد تمّت تعبئة الصاروخ بأكثر من ثلاثة ملايين لتر من الهيدروجين والأكسجين السائل شديد البرودة.
كذلك، قرابة الساعة الثالثة صباحاً بالتوقيت المحلي، رُصد تسرّب محتمل أثناء ملء الطبقة الرئيسية بالهيدروجين، ما أدى إلى توقف العمليات مؤقتاً. وبعد اجراء اختبارات، استؤنفت العمليات بصورة طبيعية، مع استمرار الفرق الموجودة في الموقع بمراقبة الموقف عن كثب.
وقرابة الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي، ظهرت مشكلة جديدة تمثّلت في تعذّر وصول أحد المحركات الأربعة ار اس 25 تحت الطبقة الرئيسية للصاروخ، إلى الحرارة المتدنية المطلوبة، وهو شرط لازم لتشغيله.
ولن يتمكن الصاروخ، البالغ علوّه 98 متراً، من الإقلاع في حال هطول أمطار أو عواصف رعدية.
وبحسب "فرانس برس"، فقد جرى توقيف العد العكسي، فيما كانت الفرق تعمل لإعادة تحديد خطة عمل.
تتميّز كبسولة أوريون، بحسب صحيفة ذا غارديان البريطانية، بكونها أكثر اتساعاً من كبسولة أبولو 11، إذ تتّسع لأربعة رواد فضاء بدل ثلاثة ويصل ارتفاعها إلى 3 أمتار. لكنّها في الرحلة الحالية لن تأخذ معها أيّ رواد فضاء بل ستحمل 3 دمى عرض بالإضافة إلى قطع من محرّك "أبولو 11".
ستشغل دمية بالحجم الكامل ترتدي بدلة الطيران برتقالية مقعد القائد، وسيتمّ تزويدها بأجهزة استشعار لالتقاط الاهتزاز والتسارع. أعطي "قائد" الرحلة اسم كامبوس الذي اختير في مسابقة عامة، وذلك كنوعٍ من التكريم لمهندس "ناسا" أرتورو كامبوس، الذي ساعد في إنقاذ "أبولو 13" وطاقمها من كارثة في العام 1970، بعدما نجح في إصلاح عطل طرأ على نظامها الكهربائي، ممكّناً رواد الفضاء من العودة إلى منازلهم.
بينما ستقوم دميتان من دون أطراف تحملان اسم هيلغا وزوهار، ومصنوعتان من مادة تحاكي الأنسجة البشرية، بقياس الإشعاع الكوني، وهو أحد أكبر المخاطر التي تواجه المهمات الفضائية.
على عكس صاروخ إس إل إس الذي سيطلق "أوريون"، فإنّ الكبسولة سبق أن أطلقت إلى الفضاء الخارجي في العام 2014، حين أتمّت دورتين كاملتين حول كوكب الأرض. هذه المرّة ستتم إضافة أربعة أجنحة إلى الكبسولة للحصول على الطاقة الشمسية ومزيدٍ من قوة الدفع.
إلى جانب الدمى التجريبية، تحمل الرحلة عدداً كبيراً من مشاريع أبحاث الفضاء، إذ ستنطلق عشرة أقمار صناعية بحجم صندوق الأحذية من صاروخ إس إل إس بمجرد إطلاق "أوريون" نحو القمر.
ركّبت هذه "المكعبات" في صاروخ إس إل إس قبل عام، لكنّ التأخير في بدء المهمة صعّب على التقنيين إعادة شحن نصف البطاريات. نتيجة ذلك، تتوقّع "ناسا" أن تفشل بعضها بتحقيق أهدافها، خاصةً إذا أخذت بالاعتبار كلفة تصنيعها المنخفضة وارتفاع المخاطر.
وأشارت "ذا غارديان" إلى أنّ "أوريون" ستحمل بعض الشظايا من صخور القمر التي جمعها نيل أرمسترونغ وباز ألدرين في رحلة أبولو 11، وبرغياً من أحد المحركات الصاروخية الذي عثر عليه في البحر قبل قرابة عقدٍ من الزمن.
ووفقاً لـ"ناسا"، فإن ألدرين لن يحضر حفل الإطلاق، لكن ثلاثة من زملائه السابقين سيكونون هناك: والتر كانينغهام من "أبولو 7"، وتوم ستافورد من "أبولو 10"، وهاريسون شميت من "أبولو 17" والذي كان مع يوجين كيرنان، آخر من مشى على سطح القمر.
يشارك في الرحلة أيضاً "سنوبي بلاش"، وهي إحدى الدمى التي استوحتها "ناسا" من رحلة أبولو 10 في العام 1969، والتي بعثت مركبة إلى القمر لاختبار إجراءات الهبوط، من دون أن تحطّ المركبة نفسها على سطحه.
بينما تمثّل "سنوبي" وكالة الفضاء الأميركية، سترافقها دمية أخرى هي شون ذا شيب، كممثّلة لوكالة الفضاء الأوروبية. أمّا الهدف الرسمي من مشاركتهما فهو إطلاقهما في الفضاء لتوضيح وإثبات انعدام الجاذبية.
ستحمل الرحلة أيضاً تجربة بيولوجية تحمل الرقم 01، وهي تحتوي على تجارب على البذور والفطريات والخميرة والطحالب. يوجد على متن "أوريون" أيضاً نظام للتعرف إلى الصوت يسمى"كاليستو"، قامت بتطويره كلّ من أمازون وسيسكو سيستمز ولوكهيد، وهدفه اختبار كيفية عمل المساعد الذكي الافتراضي "أليكسا" في كبسولة فضائية والبحث عن سبل استخدامه من قبل رواد الفضاء في المستقبل.
عدا عن ذلك، سيكون هناك آلاف الأغراض والأشياء التي ستحملها معها "أوريون" في رحلتها، وسيصير معظمها تذكارات تحلّق في الفضاء. من بين هذه الأشياء: بذور ستزرع لتصير "أشجار القمر"، وحصى من البحر الميت، وملصقات، وأعلام دول، وحتّى بعض قطع "ليغو".