فيروس كورونا يعيد إلى الأذهان مأساة "الإنفلونزا الإسبانية": 100 مليون وفاة

18 فبراير 2020
مصابون بالإنفلونزا يرقدون داخل المستشفى خلال الحرب العالمية الأولى(Getty)
+ الخط -
بينما يزداد الهلع المرتبط بانتشار فيروس كورونا في العالم، وارتفاع أرقام الوفيات، إلى جانب عجز العلماء والأطباء عن إيجاد دواء قادر على وقف توسع الفيروس، تعود إلى الأذهان أحاديث عن أوبئة وفيروسات انتشرت عبر التاريخ وقتلت عشرات الآلاف. وأبرز هذه الأوبئة "الإنفلونزا الإسبانية".
تشير الإحصائيات إلى أنّ وباء الإنفلونزا الذي انتشر مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918، قتل ما بين 50 مليونا و100 مليون شخص في عام واحد، أي أكثر من الذين قتلتهم الحرب خلال 4 سنوات من القتال المستمر.

وقبل الحرب العالمية الأولى، كانت الأمراض مثل الإسهال والتيفوئيد والالتهاب الرئوي، تحصد أرواحًا أكثر من التي تحصدها المعارك، إلا أنّ الأسلحة التي صنعها الإنسان في زمن الحرب العالمية الأولى غيّرت المعادلة، بقتل أكثر من 10 ملايين جندي، كما قُتل 11 مليون مدني في ذلك الوقت لأسباب تتعلق بالمجاعة وانتشار الأمراض والقتال، قبل أن تشدّ الإنفلونزا بساط الموت لصالحها، وفقًا لموقع "ذا ناشيونال إنترست".

ولم تكن إسبانيا مكان انتشار "الإنفلونزا الإسبانية" في البداية حقًا، كما لم تكن معروفة بهذا الاسم في ذلك الوقت، وتشير بعض الدراسات إلى أنّ الفيروس بدأ بالانتشار في البداية بين الجنود الأميركيين في معسكر فونستون في كانساس في مارس/آذار عام 1918، في حين تشير دراسات أخرى إلى أن انتشاره بدأ في الصين، وأنه انتقل إلى فرنسا من خلال العمال الذين أرسلوا للمساعدة في الحرب، كما تشير دراسات أوروبية إلى أنّ الإصابة الأولى به شُخصت عام 1917، في مستشفى بفرنسا أو بالنمسا.


وكانت الإنفلونزا مميتة للغاية، لأنها كانت تثير مناعة الجسم ضده بدلًا من حمايته، وبالتالي تحرض استجابة مناعية مفرطة، تؤدي في كثير من الحالات لالتهابات قاتلة فنزيف ففشل جهازي، ونتيجة لذلك كان معدل الوفاة بها أعلى بين الشباب ممن لديهم أجهزة مناعية قوية، ومما ساعد على انتشارها ظروف الحرب غير الصحية، وعدم اكتشاف اللقاحات في ذلك الوقت.


وشهد العالم في وقت لاحق من عام 1918، تفشي موجة ثانية من الفيروس نفسه، قتلت 10 أضعاف الأرواح التي حصدتها الموجة الأولى، لكنّ من أصيبوا سابقًا أصبحوا منيعين، كما بدأت موجة التفشي الثالثة في يناير/كانون الثاني عام 1919، بعد الاحتفالات بيوم الهدنة وعودة الجنود لبلادهم، ليصبح إجمالي الإصابات بهذا الفيروس 500 مليون إصابة، بما يعادل 27% من سكان الكوكب، وإجمالي الوفيات ما بين 3 و6% من البشر الذين كان عددهم يبلغ 1.8 مليار نسمة.


ويُذكر وباء الإنفلونزا عادة على هامش تاريخ الحرب العالمية الأولى، على الرغم من أنه أودى بحياة أضعاف ضحاياها، مما يجعله قاتلًا خفيًا يكشف عن كيفية مبالغة البشر أحيانًا في تقدير التهديدات المقلقة والنادرة مثل حوادث الطيران والهجمات الإرهابية، على حساب القتلة الأكثر فتكًا والأكثر اعتيادية.

وأحصى مركز مكافحة الأمراض في شتاء عامي 2017-2018، 80 ألف حالة وفاة بالإنفلونزا، أي أكثر من جميع ضحايا الحروب الأميركية مجتمعة في الـ 50 عامًا الفائتة.

المساهمون