"لنا" تستنجد بإعلاميي لبنان لجذب المشاهد السوري

27 سبتمبر 2019
قدّمت رابعة الزيات برنامجين على فضائيتين سوريتين (فيسبوك)
+ الخط -
لعلّ محاولات الإعلام الموالي للنظام في سورية تصدير نفسه بأنه شفاف، وشريك رئيسي بالدفاع عن الأرض السورية، قد اقتربت من الفشل الذريع. فبعد تسعة أعوام على أخطر وأبشع أنواع الحروب التي عاصرها العالم الحديث، أثبت هذا الإعلام فشله حتى في تصدير قنوات جديدة للخارج.
كانت أولى محاولات النظام السوري هي تشكيل هيكلة جديدة للصورة الإعلامية، أولاها إفساح المجال لرجل الأعمال الأول سابقاً؛ أي رامي مخلوف، مع مجموعة من الشركاء، بإطلاق قناة "الدنيا الفضائية" التي حملت اسم "سما" حالياً. لكن منافسة قناة "أورينت" لمالكها غسان عبود في وقتها أطاحت قدرة "الدنيا" على المنافسة لتسرق أنظار المتابعين بجودة في تصميمات الغرافيك التي حرصت على الانطلاق بها.
لم يحتمل النظام عدم وجود شريك من حاشيته؛ فحاول فرض اسم رامي مخلوف كشريك أساسي في "أورينت"، ومع اندلاع الثورة السورية وبعد رفض عبود الدخول في شراكة مع مخلوف، تم نقل بث القناة بعد إغلاقها في دمشق ليتم بثها من الإمارات بموقف صريح وواضح كأحد أوجه الإعلام المعارض، لتتحول هيكلية القناة الشبابية في إعدادها للبرامج لقناة سياسية معارضة وقعت في فخ التمويل وأيديولوجيا الإمارات في إيهام المنطقة بالتوجه العلماني، فسقطت "أورينت" من الواجهة وتراجع الخطاب الإعلامي المتوازن إلى خطاب سياسي متذبذب وركيك.
ومع استمرار حراك الشارع السوري، وتفاقم الأوضاع العسكرية والسياسية، إضافةً إلى الاقتصادية، بحث النظام عن صيغة إعلامية جديدة بعد فشله في إخفاء ملامح أساسية من الحرب السورية، فكان ظهور سامر الفوز كواجهة جديدة لرجال الأعمال السوريين؛ فاستولى على كرسي رجل الأعمال الأول بعد خلاف لم يعلن عنه بين النظام ورامي مخلوف، ليكون الإعلام وسيلة لغسيل الأموال، رغم كل العقوبات الاقتصادية التي تطاول اسمه؛ فظهرت قناة "لنا الفضائية".
كانت محاولة خلق فكرة بأن هذه القناة هي الناجي الوحيد للإعلام بالنهوض ومنافسة باقي الدول العربية واضحة، ولكن تغليف الطابع الموالي للدولة من جديد، رغم عدم ترخيصها في وزارة الإعلام السورية، قادها للهاوية من جديد.
حاول القائمون على قناة "لنا" استغلال الحرفية الموجودة في صناعة البرامج في لبنان، فاستقطبوا كوادر لبنانية، حتى إنهم لجؤوا إلى أسماء مثل الإعلامية رابعة الزيات، فصنعوا معها برنامج "قصة حلم"، الذي يستضيف أحد النجوم لساعة كاملة ثم تخصص فقرة قصيرة في نهاية البرنامج لصناعة حلم لإحدى الحالات الإنسانية. ورغم محاولة تغليف بالطابع الإنساني إلا أنه لاقى ردود فعل سلبية، حتى إن القناة حاولت وضع أسماء لامعة في مجال الدراما، مثل الممثلة أمل عرفة في برنامج "في أمل"، والممثل باسم ياخور الذي حقق جماهيرية ببرنامج "أكلناها"، ليواجه بدوره نقداً واضحاً، واتهاماً بأنه استغل مشاكل الفنانين، وحتى إنه في بعض الأحيان يتقصد الهجوم على بعض الأسماء لصناعة تريند على السوشيال ميديا.
ومع انطلاق "برمجة الخريف" في القنوات اللبنانية، كانت "لنا" تطلق برامج جديدة بصيغة لبنانية في التقديم، عبر الاستنجاد بالمذيع تمام بليق لتقديم برنامج ترفيهي يحمل اسم "لازم نحكي" وبضيوف لبنانيين في غالبيتهم، مع رتوش سورية تتمثّل في الفنانة رنا شميّس التي بدت كالحلقة الأضعف في البرنامج. في حين أطلت رابعة الزيات مجدداً عبر القناة نفسها من خلال برنامج ثاني يحمل اسم "حكايتي"، يعتمد على نمط مقابلات السيرة الذاتية ويحاول إظهار رجال الأعمال السوريين من وجهة نظر النظام. في حين تستعد "لنا" لضم مذيع برامج المسابقات طوني بارود إلى قائمة مذيعيها في أول برنامج سيبث بشكل مباشر على القناة.

القناة الجديدة المعلبة باسم الإعلام السوري لم تستقطب إعلاميين سوريين، وهذا ما أثار غضب الشارع الإعلامي: كيف لقناة سورية أن يكون مقدمو برامجها جميعهم من الممثلين والإعلاميين اللبنانيين؟ لعل ما حصل هو محاولة فاشلة جديدة لصناعة صورة مرئية فشلَ في طرحها النظام مرة أخرى.
المساهمون