"لنا"... وطنية مفصلة على مقاسات الفضائية

30 اغسطس 2018
تعود أمل عرفة عبر الفضائية بعد غياب طويل (فيسبوك)
+ الخط -
قبل أشهر قليلة، قررت شركة إيمار الشام إطلاق قناة تلفزيونية، كشكل من تصدير نموذج إعلام بعد الحرب إلى الواجهة. الشركة تعود ملكيتها لرجل الأعمال السوري سامر الفوز؛ اسم يتردد كأبرز أسماء التجار السوريين حيث يقيم علاقات وطيدة مع حكومة النظام، ورغم ذلك لم يرخص لقناته التصوير ضمن دمشق، فكانت بيروت هي البديل. وهنا بدأت قناة "لنا" بثها التجريبي.
في موسم رمضان الفائت، بدأت "لنا" البث عبر عرض مسلسل "الواق واق"، من إنتاج شركة إيمار الشام نفسها، كحل إنقاذي للمسلسل الذي فشل صناعه في بيعه لقناة في السوق الخليجي. لوغو غير احترافي، وصورة باهتة وأخطاء تقنية بالجملة كانت الملامح الأولى للقناة، وما لبثت أن بدأت عرض قائمة من المسلسلات السورية وانتقت الأثير منها في ذاكرة المواطنين. فتحولت القناة خلال شهرين فقط إلى أكثر القنوات السورية متابعة، متخطية نسب مشاهدة قناة سما الموالية للنظام والتي تبث بشكل فضائي منذ ما يقارب العشر سنوات. "لنا" لعبت على الوتر الصحيح لاستقطاب الجمهور بمسلسلات مرت أعوام ولم يشاهدها الجمهور على التلفزيون بعرض ثانٍ، من دون استثناء لنجوم الصف المعارض أو اقتطاع للشارات والمشاهد كما دأبت قنوات النظام على فعله.
ونظراً لعلاقات الفوز وقوته على الأرض السورية، لم تحارب القناة بشكل مباشر رغم عدم طرحها الولاء بشكل فج حتى الآن، مع التحضير لجدولة برامجية تبدأ في تشرين الأول/ أكتوبر تضم قائمة متنوعة من البرامج والوجوه الشابة. وبين دمشق وبيروت كانت "لنا" تطرح مفهوم الوطنية في كل شيء حتى في منشورات الفيسبوك، فهل تحل وطنية لنا مكان قومية الخطاب الإعلامي الخشبي في سورية لعقود؟ أحدث فصول الوطنية هي فكرة تصوير برنامج فني وسط جمهور كبير من المواطنين في الميادين والمواقع البارزة ضمن عدة مدن سورية. البداية كانت من حلب ثم اللاذقية وطرطوس تباعاً، وذلك مع الإعلامية اللبنانية رابعة الزيات. المثير للاهتمام أن القناة التي تطرح شعار "لنا ما نرى"، تفصل مقياس الوطنية على هواها، فعلاوة على استضافة وجوه لبنانية في برنامج "فيه أمل" حيث تعود من خلاله الفنانة أمل عرفة للتقديم بعد غياب سنوات طويلة، يحضر أيضاً العنصر اللبناني بكثافة في القناة، سواء داخل الكادر العامل، أو عبر الضيوف المشاركين في برنامج "لنا مع رابعة". ما قد يشكل خطوة لإنعاش السياحة الداخلية مع بداية استمرار النظام في الترويج لما يسميه "الانتصار على الإرهاب". لذا ليس من المستغرب أن تسمي القناة حلقات برنامج رابعة بالحفلات الفنية "الوطنية".
هل النصر ينحصر في الترفيه؟ ماذا عن ملايين المشردين في أصقاع العالم، هل تشكل "لنا" عامل جذب لهم؟ بعدما صرح مالكها الفوز بأنه يريد منح الشباب فرصة في مشاريعه التجارية للعودة والعمل في سورية. فإذا كانت القناة لا تريد عرض الجانب الحزين من المأساة السورية، فما هي دلالة تسمية برنامج فني يقوم على حوار منوع بالحفل "الوطني"؟
قد يكون على السوريين انتظار وقت طويل لتجاوز أزمة الشعارات والتسميات، لكن هذا لا يلغي أن "لنا" باتت تنافس وحدها بإمكانيات مادية كبيرة رغم حجم العشوائية الواضح في العمل، ما يؤكد غياب خطة برامجية واضحة كغياب خارطة الحل في سورية.
دلالات
المساهمون