الكنز... فيلم تائه في الزمن وضعيف في الحكايات

06 سبتمبر 2017
يقوم محمد رمضان بأداء دور البطولة في الفيلم (يوتيوب)
+ الخط -
منذ بدأ الحديث عن إنتاج فيلم "الكنز"، قبل عامين، بدا واضحاً أنه يمتلك كل عوامل النجاح الفني والتجاري، مع احتمالية أن يكون واحداً من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية. فالمخرج، شريف عرفة، هو من يقف وراء الكاميرا، ومعه سيناريو للكاتب، عبد الرحيم كمال. بينما يجمع عدداً من نجوم الصف الأول في البطولة وعلى رأسهم محمد رمضان ومحمد سعد وروبي، ليجسدوا قصة ملحمية تدور في 3 عصور و4 ساعات كاملة ستقسم على جزأين. ولكن مع طرح الجزء الأول من الفيلم في دور العرض، كانت النتيجة مهزلة فنية مرتبكة وتائهة، وفيلماً ممتلئاً بالادعاء لا يعرف حتى هل هو عمل درامي أم هزلي.

يبدأ الفيلم عام 1975، مع عودة شاب يدعى "حسن" من أوروبا إلى محافظة الأقصر ليحصل على إرث العائلة بعد وفاة عمه ويغادر مرة أخرى، ولكنه يفاجأ في إحدى الغرف بوجود 3 مواد تحكي 3 قصص مختلفة: برديات فرعونية عن الملكة "حتشبسوت" وقصة حبها مع أحد أفراد الشعب، وأوراق أثرية لملحمة "علي الزيبق" الشعبية في العصر العثماني وقصة حبه مع زينب ابنة "الكلبي" قاتل أبيه، وأخيراً، شرائط فيديو قديمة لوالده "بشر باشا" رئيس البوليس السياسي في العهد الملكي وقصة حبه مع المطربة نعمات.

ومن خلال تلك المواد، من المفترض أن يعرف "حسن"، تبعاً لكلام أبيه في الشرائط، مكان كنزٍ ما في الأقصر. لكي ندرك درجة الضعف الفني في هذا الفيلم، يمكن أن نقسم نقده إلى جانبين، الأول هو ما تسرده القصص نفسها، والثاني هو علاقتها ومساحة التكامل بينها. قصة "حتشبسوت" مفتعلة جداً وسطحية منذ المشهد الأول، فهي تحب "سمنوت" (بمكياج رديء وأداء مفتعل من هاني عادل) منذ لحظة رؤيته الأولى، تداري عنه قطعاً أنها الملكة، قبل أن تتعطل الحكاية من دون تطور أو عمق تقريباً. فقصة الحب ضعيفة، والصراع مع الكهنة كارتوني (خصوصاً مع ملابسهم وشكل الديكور الغريب حولهم)، والحوار الذي يدور بينها وبين معلمها ساذج ومباشر جداً، وبالتالي لا يوجد "حكاية" من الأصل، بل مشاهد حوارية ووعظية رديئة فقط.

القصة الثانية لـ"علي الزيبق" هي في الأصل ملحمة تملك كل عناصر الإثارة. البطل الشعبي والعدو وقصة الحب والألاعيب من أجل الانتصار على الظالم. ولكن الفيلم يجردها من كل شيء. لا يوجد تطور درامي أو تركيز على القصة، بل مجرد استعراض لقدرات محمد رمضان الجسدية في مشاهد حركة شديدة السوء، ومن الغريب أن يكون شريف عرفة هو مخرجها، إلى جانب خيارات غريبة وكارثية لسيناريو الفيلم مثل أن يكون الحوار ليس عامياً فحسب، ولكن أيضاً شعبياً، كجملة "الزيبق" "يا بتاع النحاس يا منحّس" (على وزن أغنية شعبية شهيرة في مصر) ليشعر المتفرج بالارتباك: هل يحاول الفيلم أن يكون هزلياً وكوميدياً في محاكاته لعصورٍ أسبق أم هو فيلم درامي رومانسي ملحمي؟ على الأغلب حاول صناعه أن يفعلوا الثانية، فخرج منهم كالأولى، وهذا أسوأ الخيارات!

الحكاية الثالثة في المقابل تبدو أقرب لأفلام الأبيض والأسود، قصة السياسي الذي يقع في حب فنانة ويشعر أن مكانته لن تسمح بذلك، في صراع بين العقل والقلب، ورغم أن تلك القصة أكثر القصص امتلاءً وتفاصيلاً على الشاشة، وأقلها إثارة للملل، خصوصاً مع فضول الجمهور نحو أداء محمد سعد (المختلف والجيد) وحضور قوي من أحمد رزق، إلا أن ذلك في ذاته يوضح مدى فراغ باقي الفيلم، حين تكون تلك القصة الميلودرامية التي شاهدناها مسبقاً عشرات المرات هي أكثر حكاياته الثلاثة إثارة! والتي تتحول هي الأخرى لشيء هزلي مع ظهور ممثل يقوم بدور محمد أنور السادات، ومجموعة من "الأشرار الكرتونيين" (ولا صفة أخرى) يجسدون الإخوان المسلمين ويضربون سجيناً في إحدى الزنزانات! تلك هي الحكايات الثلاث إذن، فماذا عن علاقتها ببعضها بعضاً؟ الإجابة هي لا شيء! يحاول الفيلم ادعاء العمق، ووضع بعض العناصر المشتركة بينها.


المساهمون